منح.. تاريخ عريق ممتد عبر الزمن

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

مسقط - خالد عرابي«منح» واحدة من الولايات العُمانية التي تحتل موقعا فريدا بآثارها وموقعها؛ فهي من حيث الموقع تبعد عن العاصمة مسقط حوالي 165 كيلومترا، وتحدها من ناحية الشرق ولاية إزكي ومن الناحية الشمالية- الغربية ولايتا بهلاء ونزوى ومن الجنوب ولاية أدم.وتعد «منح» من الولايات التي تتمتع بالعديد من المعالم والمزارات السياحية التاريخية ويتوق العديد من السياح لزيارة معالمها، وتتعدد المعالم الأثرية بالولاية حيث يوجد بها عدد من القلاع أشهرها قلعتا «الفيقين والبلاد» وعدد من الحصون مثل حصن قرية المعرى، وتعد من أشهر وأبرز آثارها الحارات القديمة لكونها لم تتأثر بالتطور العمراني وما زالت تحتفظ بنفس معالمها الأثرية التي تقف بشموخ في أنحاء الولاية وتعكس من خلالها الهوية التاريخية للولاية العريقة بأصالتها وتاريخها الممتد عبر مسيرة طويلة من الزمن. قلّما تجد مثل هذا النموذج في بعض الولايات الأخرى وذلك نظرا للتطور العمراني السريع الذي يتم في كثير من الأحيان على حساب المعالم التراثية والمباني القديمة، وهذا ما أعطى الولاية ميزة سياحية فريدة. ومن أشهر تلك الحارات «حارة البلاد»، التي صُمِّمت وفق تصميم هندسي فريد.. حدّثنا عنها حميد السناني الذي زارها منذ فترة.قلعة الفيقينفي البداية أكد السناني أن الولاية تشتهر بالقلاع وتتسم قلاعها بسماتها الخاصة، ومن أهم هذه القلاع قلعة الفيقين التي تمثل أحد الشواهد التاريخية الدالة على عراقة الولاية وتحكي براعة العمانيين في فن العمارة والهندسة وخاصة في مجال بناء القلاع والحصون والأبراج والتحصينات الدفاعية بشكل عام، وهي تقف شامخة في قلب قرية الفيقين كما يُقال منذ أكثر من 400 سنة. وتتكوّن القلعة من خمسة طوابق وبرجين جنبا إلى جنب بجوار الفلج والمسجد وحارة الفيقين القديمة حيث عُرفت القلعة بفنها المعماري ذي الطابع الإسلامي العريق وبمناعتها وقوة إنشائها، ويمكن مشاهدتها من مسافات بعيدة. ورغم صغر مساحة قاعدة هذه القلعة إلا أنها ترتفع أكثر من أربعة طوابق وقد بُنيت في العام 1617م وذلك قبل زمن دولة اليعاربة وأُعيد ترميمها وإعادة تأهيل الأجزاء المتضررة باستخدام الجص والحجارة حيث رُمّمت الأبراج والممرات والأقواس ووُضعت الحجارة السطحية في أرضية الدور الأول من القلعة إلى جانب فتح باب جديد للقلعة يربط الجزء الشمالي بالجزء الجنوبي في الدور قبل الأخير تسهيلا للزوار، إلى جانب وضع حزام جانبي يحيط بالقلعة من جميع الاتجاهات، وافتُتحت رسميا أمام الجمهور في عام التراث العماني 1994، ومنذ ذاك الحين ما زالت تستقبل أفواجا من الزوار من داخل السلطنة وخارجها وتشهد القلعة حركة كثيفة في عدد السياح الذين يحرصون على التأمل في التصميم المعماري الذي تتميّز به هذه القلعة، ومنها يطل المشهد الجميل على الحارات القديمة والامتداد الفسيح للحقول ومزارع النخيل.حصن نجادوأضاف السناني: من المعالم الأخرى بالولاية الحصون ويعد «حصن النجاد» واحدا من أبرز حصون الولاية المنيعة ويُسمّى أيضا بالحصن القديم ويقع بقرية البلاد ويتميّز بارتفاعه الذي يصل إلى ستة طوابق وسُمّي بهذا الاسم نسبة إلى أحد العلماء المعروفين في الولاية وهو فضيلة الشيخ نجاد بن موسى، ويحيط به سور لحمايته إضافة إلى عدد من أبراج المراقبة والحراسة. ويعدّ برج الجص من أشهر المعالم التاريخية ويمكن رؤيته من مسافة بعيدة خاصة القادمين من الجهة الشرقية للولاية، ويتميّز ببنائه الذي اتخذ الشكل الرباعي وقد بُني من الجص ولذلك حمل نفس الاسم. وفي الدور الثالث من الحصن يوجد أحد المدافع القديمة التي كانت تُستخدم سابقا للدفاع عن هذا الحصن.حارة «البلاد»وعن أبرز معالم الولاية وهي «حارة البلاد» قال السناني: تعدّ الحارة مدينة أثرية قديمة ما زالت محافظة على النمط العمراني العماني القديم وتعتبر نموذجا للتلاحم الأسري والحياتي والعمراني كما أنها واحدة من المعالم التاريخية والسياحية بالولاية وهي إحدى المدن العمانية التقليدية التي تماسكت أجزاؤها وظلت على طرازها المعماري الفريد لعقود كثيرة إلا أن بعض أجزائها تأثر مع مرور الزمن وعوامل الطقس، كما تبرز بين ثنايا هذه الحارة الزوايا والممرات الضيّقة والشرفات والأقواس إلى جانب بعض مفردات الحارة الأخرى كالسبلة العمانية، والتنور الذي كان يُستخدم في أوقات المناسبات، والرحى والمساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم.وأضاف: تقع هذه الحارة في مركز الولاية وتعدّ من أشهر وأكبر الحارات القديمة في السلطنة بل ومن أقدم المناطق السكنية في الولاية وتحتوي على أكثر من 300 منزل تقريبا، ويحيط بها سور كبير لحمايتها، وجدرانها متلاصقة ببعضها البعض في أغلب البيوت، كما توجد بها عدة مجالس والعديد من الآبار. وللحارة ثلاثة بوابات أشهرها باب الصباح عند المدخل الرئيسي للحارة والذي كان يوجد به عدد من الحراس ويحرسه برج الجص بطوله المميّز، وشُيِّد على مقربة من السوق الداخلي. وهناك باب الدعنين ويستخدمه القادمون من الجهة الغربية للحارة، وتقع بالقرب منه سبلة الحارة. كما أن هناك باب القصاب ويتم الدخول إليه من الجهة الشرقية للحارة، والداخل إلى الحارة يشاهد الممر الرئيسي الذي يتوسط الحارة وتتفرع من خلاله الممرات الضيّقة في جميع الاتجاهات يتوسطها عدد من أماكن الجلوس العامة وما زال الأهالي يلتقون في الحارة من أجل قاعدة الفلج. كما أن بعض المساجد ما زالت قائمة للصلاة ويعتبر التقسيم الهندسي الذي بُنيت من خلاله الحارة دليلا على ثقافة البناء والتشييد والعمران لدى الآباء والأجداد من أجل حماية الحارة وذلك من خلال توزيع التحصينات من أبراج وأسوار عند البداية والنهاية؛ فالسور الذي يحيط بالحارة يعتبر أحد أهم تلك الدفاعات إلى جانب الأبراج المتوزعة. كما توجد حارة الفيقين التي تتوسطها قلعة الفيقين، وحارة معمد المشهورة بمسجد الشجرة الأثري. ويوجد عدد من الحارات الأخرى الصغيرة منها: حارة السلاقة، وتقع في الجهة الشرقية للحارة الأم، وحارة المابوق وتقع في الجهة الغربية منها، والمتأمل في تصاميم البيوت البسيطة يكتشف أنه رُوعي في تصميم بنائها دخول الإضاءة والتهوية، إضافة إلى التقسيمات الداخلية الصغيرة. أما ممرات الحارة الرئيسية، فقد صُمّمت بمساحة واسعة نسبيا، كما رُوعي في التخطيط أن تدخل جميع الخدمات ضمن محيطها، خاصة التنور والرحى التي تستخدم بشكل عام لطحن الحبوب، ووجود أماكن السقي لجلب المياه، وخلافه من الخدمات المهمة في حياة السكان بالحارة.مساجد وأفلاجواختتم قائلا: يوجد بالولاية العديد من المساجد مثل: مسجد عز القديم، ويوجد بحارة البلاد ثلاثة مساجد أثرية تتميّز بالنقوش الجميلة على محاريبها وهي من الأعمال الراقية في النقش والكتابة بالخط العربي، ومن مساجد هذه الحارة: العالي والشراة والعين، ومن أشهر جوامعها الجامع الذي أسّسه الإمام عمر بن الخطاب الخروصي. كما تشتهر الولاية بالأفلاج وعيون المياه التي ما زالت تُستخدم في الزراعة وري المحاصيل إلى الآن وقيل إن عدد أفلاجها يصل إلى 13 فلجا أبرزها فلج مالك المندثر وفلج الخطم، ومن عيون المياه بالولاية عين البلاد.

شارك الخبر على