عزيزي العالَم نعتذر لك

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

جيفري فرانكليبدو أنه من المفترض أن ينحاز الرؤساء الأمريكيون إلى الجانب الأمريكي عندما يتعاملون مع دول أخرى. فعندما اتهِم باراك أوباما (زورا) ببدء ولايته بـ»جولة اعتذار» في الشرق الأوسط، فُهِم من هذا أن الاعتذار للأجانب تصرف سيئ، إذا كان صادقاً. والآن، تنهال الانتقادات الشديدة اللهجة على دونالد ترامب لأنه فشل في الانحياز إلى أجهزة استخباراته وهيئات إنفاذ القانون عندما تعارض ما توصلت إليه من نتائج حول صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مع تأكيدات بوتن وتطميناته له.ولكن برغم أن الرؤساء الأمريكيين ليس من المفترض أن يعتذروا باسم بلادهم، فلا شيء قد يفرض هذا على الأساتذة الأكاديميين. وإليكم هذا:عزيزي العالَم: ليس كل الأمريكيين يهتمون بالشؤون الخارجية. ولكن على افتراض أنني أتحدث باسم كثيرين يهتمون بها: فنحن نادمون بشدة لأننا فرضنا عليكم ترامب. ونحن نأمل أنكم ما زلتم تصدقون أن أمريكا أفضل من هذا؛ وأننا نحاول التمسك بحبال الصبر إلى أن تمر هذه اللحظة التاريخية الغريبة؛ ونأمل أن تنضموا إلينا عندما تنتهي هذه اللحظة في إعادة بناء نظام عالمي مفتوح وتعاوني وقائم على القواعد.الحق أن كثيرين منكم يستحقون اعتذارا خاصا. وبالترتيب الأبجدي: عزيزتنا أفريقيا: نستميحك العذر على تصريحات ترامب الفاحشة التي أهان بها بلدانك في يناير.عزيزتنا أستراليا: نستميحك العذر على المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب في الثامن والعشرين من يناير 2017 مع رئيس وزرائك، حيث أهان المهاجرين، وتعمد إساءة فهم الحقائق المتعلقة بأحد التزامات أمريكا، وخلص إلى أنه وجد أن الحديث مع بوتن أكثر إمتاعا. عزيزتنا بريطانيا: أثناء زيارته لبلادك هذا الشهر، قوض ترامب بنزق وطيش موقف رئيسة الوزراء تيريزا ماي سياسيا. ونحن نشعر بالأسف لذلك، وأيضا لافتراءاته الكذوبة على عمدة لندن صادق خان. عزيزتنا كندا: نتأسف بشدة لأن ترامب ادَّعى (زورا) أن الكنديين غزوا الولايات المتحدة وأنهم أحرقوا البيت الأبيض في حرب عام 1812؛ ولأنه لم يتعلم حتى الآن ما هو الميزان التجاري الثنائي؛ وأنه أهان مضيف قمة مجموعة الدول السبع رئيس الوزراء جوستين ترودو الشهر الفائت.عزيزتنا أمريكا الوسطى: كنت غير مرئية من منظورنا إلى أن وصلت مجموعة صغيرة من أسر اللاجئين البائسين إلى حدودنا، وعند ذلك قمنا بفصل الأطفال الصغار عن أسرهم وحبسناهم جميعا. كيف قد يتسنى لنا أن نمحو هذه الوصمة؟ ربما يمكننا أن نساعد دول أمريكا الوسطى في التنمية، إذا حاولنا، وبتكلفة أقل كثيرا من تكاليف الحروب اللعينة في أفغانستان والعراق.عزيزتنا الصين: نعتذر لأننا أعطيناك أكواما من الورق (سندات الخزانة) في مقابل كل السلع الأنيقة الدقيقة التي كنت ترسلينها إلينا. هذا ليس عدلاً. ومن ناحية أخرى، بلغ فائض حسابك الجاري ذروته بنحو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007، والآن يعادل 1.3 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي. أي أنك الآن تحصلين على سلع وخدمات حقيقية في مقابل صادراتك.عزيزتنا إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا: نشعر بالأسف الشديد لأن دعم ترامب المتذبذب لمنظمة حلف شمال الأطلسي، أثار التخوفات من عدم احترام الولايات المتحدة لالتزاماتها بموجب المعاهدة بمساعدتكم إذا غزت روسيا أراضيكم. لكننا سوف نساعدكم.عزيزنا الاتحاد الأوروبي: نشعر بالأسف لأن ترامب أسماك العدو وأنه يهتف ويهلل للقوى التي تحاول كسرك. نتأسف أيضاً بسبب تعريفات الصلب والألومنيوم. كما نتأسف بسبب كل أولئك اللاجئين الذين أطلقناهم على بلدانك عندما زعزعنا الاستقرار في الشرق الأوسط.عزيزتنا فرنسا، بذل رئيسك إيمانويل ماكرون جهداً ممتازاً لمصادقة ترامب مع التمسك بالمبادئ. ونحن آسفون لأن هذا لم يمكنه من تحقيق أي شيء، خاصة أن ترامب، الذي تجاهل المناشدات الأوروبية، تراجع في وقت لاحق عن الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في عام 2015.عزيزتنا ألمانيا: آسفون لأن ترامب دأب مرارا وتكرارا على إهانة المستشارة الألمانية أنجيلا مريكل.عزيزتنا إيران: نحن آسفون لأن ترامب سحب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (كما يُعرَف الاتفاق النووي)، والآن يعيد فرض العقوبات، حتى برغم التزامك المحقق بالشروط المتفق عليها. ونحن عادة نفي بالعهود.عزيزتنا أيرلندا: نحن آسفون لأن ترامب يعتقد كما يبدو أنك جزء من المملكة المتحدة وأنك معجبة به. ونحن نعلم أنك لست كذلك.عزيزتنا اليابان: كان رئيس الوزراء شينزو آبي واحد من العديد من الزعماء الأجانب الذين تعلموا أن التودد إلى ترامب ينجح فقط ما دام واقفا إلى جانبك. والواقع أن اليابان كانت الحليفة الرئيسية الوحيدة للولايات المتحدة التي لم تُمنَح حتى إعفاء مؤقتا من التعريفة التي فرضها ترامب على الصلب بنسبة 25 %. نحن آسفون أيضا لعدم اكتراث ترامب الواضح بقدرة كوريا الشمالية على ضربك (وكوريا الجنوبية) عسكريا.عزيزتنا المكسيك: ماذا أستطيع أن أقول؟ نحن نعلم أن «المجرمين» و»المغتصبين» في واقع الأمر أقل شيوعا بين المهاجرين من المكسيك وأماكن أخرى مقارنة بأولئك بين الأمريكيين المولودين في الولايات المتحدة. ونحن نعلم أنك لن تدفعي لبناء جدار حدودي. ونعلم أن التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية على النحو الذي يُرضي ترامب، وخاصة الطلب الخاص بالتجديد الدوري، ليس خيارا واردا.عزيزتنا الفلبين، وروسيا، وتركيا، ومصر، ودول أخرى كثيرة: نحن نفهم الانجذاب التاريخي للزعيم القوي الذي يزعم أنه ينجز الأمور. لكن «رجالكم الأقوياء» لا يساعدون بلدانكم في الأمد البعيد، ونحن آسفون لأن ازدراء ترامب لحكم القانون يساعد سوء إدارتهم للاقتصاد وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان.عزيزتنا كوريا الجنوبية: نحن آسفون لأن حرص ترامب على مقارعة ترامب لكيم جونج أون الإهانة بالإهانة في الفائت تسبب في تأجيج المخاوف من اندلاع حرب كارثية على شبه الجزيرة الكورية. ويستحق الرئيس مون جاي إن جائزة نوبل للسلام لمساعيه الناجحة لخفض مخاطر اندلاع الصراع. وإنه لأمر سيء للغاية أن ترامب لم يتشاور معك في أعقاب قمته مع كيم جونج أون في يونيو قبل أن يعلن وقف التدريبات العسكرية المشتركة، في حين لم يحصل على أي شيء في المقابل.عزيزتنا السويد: نحن آسفون لأن ترامب في التاسع عشر من فبراير اختلق هجوما إرهابيا «وقع ليلة أمس في السويد».عزيزتنا أوكرانيا: يبدو أن ذاكرة ترامب التاريخية لا تذهب إلى ما أبعد من عام 2014، عندما قامت روسيا بغزوك. أو إذا كان يتذكر ما حدث قبل ذلك، فإنه يقول لا بأس لأن كثيرين من الأوكرانيين يتحدثون اللغة الروسية. نأسف لهذا -ولأن بول مانافورت مدير حملة ترامب الانتخابية، الذي أصبح في السجن الآن، عمل لصالح الجانب الموالي لروسيا في أوكرانيا.عزيزتنا فنزويلا: نشعر بالندم لأن ترامب يعمل على إطالة حياة حكومتك المروعة من خلال التهديد بالغزو وإعطاء القادة كبش الفداء للتغطية على كارثتهم الإنسانية.نعتذر أيضا لكل دولة لم أذكرها في هذه الجولة. إن هدم ترامب للنظام العالمي القائم على القواعد والحقائق والداعم للتجارة يضر بالجميع. وأرجو أن تحتفظوا لنا بمقعدنا في الاجتماعات والمنظمات الدولية. فسوف تعود الولايات المتحدة الحقيقية.أستاذ تكوين رأس المال والنمو في جامعة هارفارد.

شارك الخبر على