الكاتب مكرم محمد أحمد مؤتمر الشباب انطلاقة لبناء الجسور مع الحكم

أكثر من ٧ سنوات فى أخبار اليوم

أجرى الحوار : منى الحداد
مكرم محمد أحمد شيخ الصحفيين ونقيب الصحفيين الأسبق قامة وقيمة كبيرة.. مشاركته في جلسة الإعلام بمؤتمر الشباب بشرم الشيخ أثرت الحوار..
وكانت كلماته عن الصحافة والإعلام قوية وواضحة.. خصوصا ضرورة الإسراع بإصدار قوانين الصحافة والإعلام وتشكيل نقابة الإعلاميين وإصدار ميثاق الشرف الإعلامي.
وصدرت توصيات المؤتمر متضمنة الإسراع بإصدار القوانين المنظمة للإعلام.
وحول مشاركته الفعالة في مؤتمر الشباب وأحوال الصحافة والإعلام ورؤيته لشأن العام كان الحوار مع كاتبنا الكبير.. الذي أكد أن مؤتمر الشباب انطلاقة لبناء جسور جيدة قوية بين الحكم والشباب.. وقال إننا نحتاج إلى إعلام يقوم على الحوار والعقلانية وليس إعلاما للحشد.
من خلال متابعتك لفعاليات مؤتمر الشباب الأول.. كيف تقيم هذا الحدث الهام؟

- أعتقد أن المؤتمر حقق إنجازا ضخما لسببين.. أولهما: لأن طريقته كانت جديدة بمعنى أنه في كل مرة كنا نجلس على المنصة والشباب يجلسون في القاعة ليستمعون وينصتون لمواعظنا المتكررة لكن هذه المرة الصورة اختلفت حيث وجدنا الشباب هم أنفسهم على المسرح ويقدمون وجهات نظرهم فى كافة القضايا المصرية من خلال أوراق بحث مهمة ومجتهدة ووجدناهم أيضا فى ورش عمل يناقشون هذه المشكلات كفريق عمل كل واحد له دور فى المناقشة كما قدموا نوعا من المحاكمات بمعنى أنهم يحاكمون الواقع المصرى من خلال الأداء الحكومى المتردى فى بعض المشكلات ويقترحون الحلول وينتقدون اقتراحات الحكومة ويبتكرون حلولا جديدة وبالتالى المؤتمر كان جديدا فى أدواته وأسلوبه ومختلفا عن كل المؤتمرات حيث كان شراكة حقيقية بين الشباب والرئيس السيسى يجلس فى القاعة يستمع لبعض الجلسات والوزراء يجلسون لا يتكلمون إنما يصفقون أو يستمعون لأبنائهم وهم على المنصة وهم يناقشون مشكلات مصر وأعتقد أن هذا شئ جيد.

ثانيهما: المؤتمر فضلا عن أسلوبه الجديد أعتقد أنه بيّن لمصر كيفية أن تستعيد مصر أبناءها إلى أحضانها من جديد وتحتويهم وفتح الطريق أيضا لسد الثغرة والفجوة الواسعة بين الآباء والأبناء.. ما حدث من تبادل للمواقع بين الأبناء والآباء أعتقد أنه أعطى رؤى كبيرة جدا فى أن مصر تستطيع أن تتغلب على مشكلة شبابها وممكن أن تكون هناك جسور جيدة بين الحكم والشباب فى مصر.

 كيف بدت صورة الشباب فى عينيك وأنت تتابع فعاليات المؤتمر؟

- كانوا مفاجأة كبيرة لأنهم بدوا أكثر اتزانا وأكثر ميلا إلى التواضع فلم أجد العصبية والاستبداد بالرأى والشجاعة فى الغضب.. هم 500 شاب وشابة اختارتهم الرئاسة بمعايير دقيقة وعلمية ودربتهم لمدة 8 أشهر على القيام بدور القيادات الشابة فى بعض المناصب المسئولة سواء كان فى المحليات أو المحافظات أو الوزارات وكان المؤتمر كله استعراضا لما حققه هؤلاء الشباب

خلال الـ 8 أشهر.. نعم 500 شاب هم ضمن ملايين الشباب فى مصر الذين يمثلون تقريبا 60% من شعب مصر ولكن هذه التجربة تعطينا طريقا واسعا جدا لكيفية رؤية مشاكل الشباب وحلها.

أبرز الإيجابيات

 ما أبرز الإيجابيات التى رصدتها لمؤتمر الشباب الأول؟

- كل ما ذكرته سابقا يعد أبرز ما خرج به المؤتمر من ايجابيات حتى إنه أبرز من التوصيات الثمانى التى اتخذها الرئيس السيسى فى نهاية المؤتمر وعلى إثر النقاش نحن عثرنا على الطريقة التى تمكننا من احتضان شبابنا الضائع من جديد.

 وماذا عن السلبيات؟

- السلبيات تتمثل فى أن بعض صور المحاكاة كانت ضعيفة عندما كانوا يقلدون الحكومة ورئيس الوزراء وهناك أيضا بعض أوراق العمل لم تكن جيدة لكن فى النهاية اكتشفت أن الرئيس السيسى يحيط نفسه بمجموعة من الشباب المجتهد وهذا فى حد ذاته شىء جيد.. التجربة فى البداية ممكن أن تكون غير ناضجة لكن من المؤكد أنه سوف يكون لها تأثير مهم على مجريات الأمور فى مصر.

 دائما ما تكون المناقشات حول الإعلام سواء كان مرئيا أو مقروءا هى الأكثر سخونة.. فأى إعلام نحتاجه اليوم؟

- الإعلام أداة مهمة جدا فى تشكيل الرأى وتشكيل الوعى العام وفى أن تشرح للناس رؤى الحكومة وفى أن تعرض وجهات النظر المختلفة وفى إحداث توافق فى المجتمع المصرى أو فى إحداث عدم توافق.. لننظر فى الإعلام وهو يعالج قضية خطيرة تتعلق بأزمة طائفية فى قرية بالصعيد سنرى كيف تتضخم القضية وتتحول إلى حرب طاحنة إذن فالإعلام شىء ضرورى ومهم.. فى مرات سابقة كان الرئيس السيسى يحلم بأن يعود إعلام عبدالناصر، وإعلام عبدالناصر لن يعود لأن العالم ومصر قد اختلفت على نحو جذرى بعد عبد الناصر.. أيام عبدالناصر كان هناك نظام أيا كان رؤيتنا لعدالته أو غير عدالته كان نظاما شموليا محكوما بالأوامر وبقرارات عبدالناصر وقرارات مجلس الثورة وبالتالى السلطة التنفيذية أقوى السلطات وأكثرها بترا.. لكن اليوم نحن محكومون برأى عام مختلف وتنوع الآراء أصبح جزءا طبيعيا لضمان أمن المجتمعات وسلامتها ووحدتها..الرأى الآخر أصبح ضروريا وموجودا وبالتالى لم يعد إعلام الحشد هو الإعلام السائد أو القادر على اقناع الناس نحن نحتاج إعلاما يقوم على الحوار والعقلانية والرشد

ويدرك أن الخلاف أمر طبيعى ويحترم حق الاختلاف ويدرك أيضا أن الحقيقة هى حوار الرأى والرأى الآخر.

تشريعات الصحافة

 هل ترى تفسيرا لتأخر القوانين المنظمة للإعلام حتى أعلن الرئيس السيسى ضمن أحد توصيات المؤتمر سرعة الانتهاء من تشريعات وهيئات الإعلام؟

- ربما يكون السبب قلق الحكومة من الأوهام فليس هناك على الإطلاق من يخوّف الدولة من الموجودين فى النقابة رغم أن التيار الفكرى الذى يمثلونه ليس تيارا سياسيا هاما فى المجتمع المصرى.. هم مجموعة تسلطت من فصيل سياسى ينتمى إلى فكر راحل تسلطت على مجلس النقابة وتسلطت على عدد غير قليل من مجالس إدارات الصحف وأصبحت - لا أريد أن أقول - تحكم الصحافة المصرية أو تصورت أنها تحكمها فوقعت فى سلسلة من الأخطاء مثل مجموعة القرارات التى أصدرتها بمناسبة خلافها مع وزير الداخلية.. هذا لم يكن أبدا فى يوم من الأيام عمل النقابة.. عمل النقابة هو أن نهتم بمشاكل الأفراد وبحقوقهم المادية والسياسية والاجتماعية وبحرية الصحافة، إنما لم يكن عمل النقابة أن تصدر أوامر إلى المؤسسات الصحفية.. هذا خطأ شديد وقعت فيه كما اختلقت مشاكل مع الدولة كان من شأنها أنها أدت إلى هذا الوضع المزرى الذى يحسه كل صحفى وأوقعت الدولة أيضا فى مشكلة القرارات التى تصدر بتسمية الهيئات الوطنية للإعلام والصحافة فهى أولا أم قانون الإعلام الموحد أولا ودخلنا فى حدوتة «البيضة قبل الفرخة ولا الفرخة قبل البيضة».. شىء خائب يدعو إلى السخرية والأكثر من ذلك أنهم تمكنوا من اقناع الدولة أن الصحافة تحتاج إلى قانون إعلام موحد.

 لكنك بشّرت فى كلمتك أن قانون الإعلام الموحد لن يحل المشكلة؟

- قانون الإعلام الموحد لن يفلح فى تغيير الواقع الصحفى فى المؤسسات القومية لأن مشكلاتها تتمثل فى عاملين أساسيين وهما زحام الأعداد وضعف بعض القيادات القائمة على هذه الصحف والديون المتراكمة على هذه المؤسسات ولا يمكن إصلاح المؤسسات الصحفية بغير التوجه إلى هذه المشكلات الثلاث.. والقانون الموحد لن يفلح فى تغيير الواقع الصحفى فى الصحف الخاصة فكلنا يعلم كم هى مزرية أحوال الصحفيين الذين يعملون فى الصحف الخاصة فعلى الرغم من أن هناك مؤسسات قطاع خاص تحترم حقوق الصحفيين وأصبحت ملتزمة بتقاليد العمل الصحفى نستطيع أن نعدهم على الأصابع لكن هناك عددا غير منظور

وضخما من الصحف الخاصة تحولت للأسف إلى أماكن للابتزاز الصحفيون فيها لا يتحصلون على أجورهم بل ورقة من ذلك الجورنال تفيد بأنهم أعضاء فى المؤسسة التابع لها وأن لهم تأمينات اجتماعية وهى ورقة مزيفة فى الأغلب ويسارع التيار فى النقابة فى حضورهم حتى يتضخم حشده فى الانتخابات.

الأمر الثالث أن هناك فارقا بين الإعلامى والصحفى فلماذا يكون هناك قانون يجمع بين الاثنين هذا فضلا عن أن مشكلات الصحف تختلف تماما عن مشكلات التليفزيون فقبل اليوم كانت الدولة هى التى تحتكر التليفزيون،أما اليوم فهناك عدد بالمئات من محطات التليفزيون الخاصة تحتاج إلى قانون إعلام يخصهم ونقابة للإعلاميين تخصهم وتحتاج إلى ميثاق شرف يخصهم حتى تطبق ما يمكن أن نسميه الحد الأدنى من القواعد الأخلاقية الذى يتضمن حسن أداء أجهزة التليفزيون الخاصة المنتشرة فى مصر والتى نرى فيها الذى يشجع على العفاريت،وآخر يشجع على الخرافات الدينية،وثالث يختلق معارك كل يوم ليسب الناس بعضهم البعض على وهم أن هذا حوار.

المشهد العام

 كثيرون يرون أن المشهد العام فى مصر شديد الالتباس فكيف تقرؤه لنا؟

- مصر تخوض حربا شرسة وحادث اغتيال العميد عادل رجائى يؤكد بالفعل أنهم مصممون على القتل وصعب جداً أن نعزو هذه الجرائم إلى جماعة غير جماعة الإخوان المسلمين.. نحن نرى كثيرا من الدماء على أيدى جماعة الإخوان ورأينا محاولة اختراق القاهرة بسيارة مفخخة فى التجمع الخامس من أجل اغتيال مساعد النائب العام، أما المحاولة الثانية فتبدو خطورتها فى أنهم يتقصون عناوين بعض الشخصيات العسكرية المهمة خاصة أن هذه الشخصية المهمة كانت تعمل فى سيناء وهذا معناه بالفعل أننا نواجه حربا لكن للأسف حكومتنا حتى الآن لا تريد أن تعترف أننا نواجه حرباً شرسة ونواجه طابوراً خامساً يتمثل فى جماعة الإخوان المسلمين الموجودين بين ظهرانينا يمارسون حياتهم العادية ولا تتم ملاحقتهم فهم الماكينة التى تقدم المعلومات لهذا التنظيم وأعتقد أيضاً أنهم الماكينة التى تعمل فى عمليات الدعاية وإخراج الشائعات وهم أنفسهم الماكينة التى تعمل فى عمليات تخريب العملة وتجارة الدولار.. من المؤكد أن تصاعد هذه الجرائم ربما يكون له علاقة بتصفية الرجل المسئول عن الجهاز السرى لجماعة الإخوان المسلمين عندما داهموه فى مخبئه فى مدينة البساتين وأطلق عليهم النار وحدث تبادل اطلاق نيران وقتل فى هذه المعركة..المشكلة أيضاً فى هذه الجرائم أنها تتم فى إطار عمليات أخرى كعمليات التحريض على الوضع القائم بحجة

مسئوليته عن ارتفاع الأسعار وبحجة مسئوليته عن عدم مكافحة الفساد بشكل كاف. ونرى اليوم أنه لأول مرة فى تاريخ الجماعة أنها هى بنفسها سوف تقود عمليات الخروج يوم 11/11 وفى تصورها أن الظروف الاقتصادية الراهنة التى تمر بها البلاد سوف تساعدها على حشد كثير من الناس فى الشوارع والميادين..وبالتالى الموقف فى جملته موقف خطير أعتقد أنه يتطلب بالفعل أن ندرك حجم الخطر المحدق بهذا البلد وبمصيره ومستقبله.

بيان الإخوان

 ما الذى قرأته فى بيان الإخوان الأخير؟

- أن الإخوان المسلمين عازمون على العودة وأن هناك قوى أجنبية كبيرة ربما تساعدهم على تحقيق هذا، وأن ما حدث فى 30 يونيو أننا حققنا نصراً بالفعل ولكن هذا النصر لم يرفع المشروع الذى كان قائماً ولم يزله.. كل ما حدث أن المشروع وضع على الرف قليلاً إلى أن جاء أوان جديد تصوروا أنه من الممكن تجديده وهم يظنون أن الأزمة الاقتصادية تشكل الأوان الملائم لبدء محاولة أخرى للتخلص من هذا الحكم خاصة وقد سبقته حملة واسعة تدعو السيسى ليكتفى بمدة واحدة ولا يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية مرة ثانية أو فى إطار هذا الإقتراح ممكن لمصر أن يعود إليها الاستقرار وأن تكون أكثر أمناً وأن الأزمات الاقتصادية ممكن أن تنفرج وأن قضية السياحة يعاد النظر فيها من جديد.. أعتقد أن المخطط الذى كان موجوداً قبل 30 يونيو يبعث من جديد أو على الأقل توجد هناك محاولة جديدة لتطبيقه أو لفرضه.

 ذكرت فى بداية حديثك أن حكومتنا حتى الآن لا تريد أن تعترف بأننا نواجه حرباً.. فما الإجراءات التى على الحكومة أن تتخذها فى هذا الشأن؟

- أن تضبط الحياة المصرية بما يجعل الجميع بالفعل يشعرون أن هناك حرباً وأن الجميع يدفع ثمن هذه الحرب سواء كان هذا الضبط يتطلب تضحيات اقتصادية فإن التضحيات الاقتصادية دائماً تقع على عموم الشعب المصرى وهم أصحاب الدخل المحدود وتقع على الذين يدفعون ضرائبهم بالفعل وهم الأغلب أصحاب الأجور إنما أيضاً هناك فئات واسعة من المجتمع المصرى أعتقد أنها لا تعامل بذات المعايير فعندما يكون حجم الضرائب المهربة أو غير المسددة ما بين 45 و60 مليار جنيه فلنا أن نتساءل أين الدولة وأين الحكومة؟!. اللجنة التى شكلها المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق لاستعادة الأراضى تحاسب فئة واحدة وهم الذين سرقوا أراضى الدولة هذا جيد ولكن هناك من سرق حق الدولة

عندما أخذوا هذه الأراضى وبنوا فيها مجتمعات عمرانية وهى مخصصة للزراعة وتكسبوا مكاسب باهظة دون أن يدفعوا حق الدولة.. الفاسدون الذين أثروا ثراء فاحشاً فى وظائفهم هؤلاء لا يتم محاسبتهم.. أوجه عديدة من الفساد والكسب غير المشروع ينبغى أن نهتم بها أوعلى الأقل نتحصل على حقوق الدولة. رئيس الوزراء فى اجتماعه معنا قال إننا جادون فى هذا الاتجاه ومن أجل هذا كان قانون التصالح وأنه يمكن بالفعل ما حدث مع حسين سالم تخرج مع كثيرين أثروا ثراء ضخماً دون أن يدفعوا حق الدولة وحق الشعب وأتمنى أن تخرج هذه الكلمات من حيز الوعود إلى حيز التطبيق لأننا ونحن فى حالة حرب سيختلف الأمر تماماً إذا تجرع الجميع إجترعوا جرعة الإصلاح إنما لا معنى لأننى من أصحاب الدخل المحدود ولأنى أجرى مقيدا ولأننى أدفع الضرائب بانتظام أكون أنا الذى أتحمل الفاتورة فى شكل ضرائب مباشرة وغير مباشرة أما الباقون فلا يتحملون شيئاً هذا يعد غياب عدالة وينبغى أن يتحقق.

حالة التقشف

 الحكومة أعلنت ترشيد وضبط الإنفاق الحكومى مراعاة للظروف الاقتصادية.. فهل تراها كافية؟

- إذا كنا نتحدث عن حالة تقشف لأننا فى حالة حرب فلابد أن يبدو هذا واضحاً فى حياتنا جميعاً وعلى كافة من يعمل فى الدولة ابتداء من الرئيس.. على الجميع أن يعيشوا نفس الموقف لأنه لا مبرر على وجه الإطلاق أننا ننفق على أشياء تبدو غير ضرورية وغير أساسية كما أنه ينبغى أن نعرف أيضاً أن قضية السوق المصرى ليست محكومة بقانون العرض والطلب والحديث عن أننا مجتمع رأسمالى هذا كذب شديد لأن قانون العرض والطلب يفسده الذين يحتكرون أقوات الشعب هم من يفسدون الماليين ويعطّلوهم بإخفاء السلع وهذا ما رأيناه فى القمح وفى نقص السكر لأنه كلما ترمى فى الاسواق آلاف الأطنان من السكر يتم تخبئتها فى المخازن لكى تعرض فى وقت معين بأسعار مرتفعة.. المحتكرون يعوّقون قانون العرض والطلب ويتمكنون من إفساده وبالتالى لابد أن نبحث عن أساليب وأدوات جديدة تمكننا من ضبط السوق كحساب هوامش الربح وهذا لا يناقض الرأسمالية بمعنى أننى أحسب تكلفة السلعة بالإضافة إلى مصاريفها وأضع هامش ربح مريحا للتاجر أو للزارع أو للمنتج الصناعى أو الذى يتاجر فى العقارات بحيث تكون هوامش الربح محددة فإذا كنا لا نريد أن تكون هوامش الربح محددة على الأقل أن تكون اجبارية، تكون استرشادية لكن تبين لنا حجم الجشع الموجود فى المجتمع.. أعلى هامش ربح فى الخارج لا يتجاوز 40% فى أى صناعة لكن

هنا هوامش الربح تصل إلى آلاف.. والدليل الخضار والفاكهة على رأس الحقل تباع بأسعار قليلة مثل الطماطم التى تباع بـ15 قرشا أو 20 قرشا بينما تصل إلى المستهلك بـ3 جنيهات ونصف على الأقل! الفروق الشاسعة بين أسعار السلع الغذائية خاصة السلع الزراعية وأسعارها عند وصولها إلى المستهلك تؤكد لنا مما لا يدع مجالا للشك أن قوانين العرض والطلب ليست قوانين تعمل بكفاءة فى مصر لأن هناك من يتدخلون فى عمل هذه القوانين سواء باحتكار السلع أو بتخزينها إلى وقت آخر مناسب.

> بمناسبة الحديث عن القوانين كيف يمكن تحقيق العدالة الناجزة ؟

- القضاء المصرى للأسف يقدم للمصريين عدالة كسيحة لدينا قضايا يصل متوسطها إلى عامين وثلاثة أعوام هذا على الأقل وهذه تعد أبسط القضايا وهناك أيضاً قضايا تستمر إلى عشرات السنوات..كان هناك لوزير العدل السابق المستشار أحمد الزند مشروع جاد جداً لتحقيق العدالة الناجزة واختصار الإجراءات لكن للأسف رحل الزند ورحل مشروعه الآخر والذى كان أكثر خطورة ويتمثل فى تسجيل جرائم جماعات الإخوان المسلمين ضد القضاء وبالتالى اليوم القضاء لا يدخل عنصراً مهماً فى تحقيق العدالة بينما العدل هو أساس الملك.. ونصف المصريين إن لم يكن أغلبهم يشعرون بالفعل بالظلم.. ومن ناحية أخرى لدينا مشكلة تنفيذ الأحكام فى حق المتهمين من المنتمين لجماعة الإخوان لأنه يقال انه حتى الآن لم يصدر حكم واحد نهائى بالإعدام وأن كافة القضايا محالة إلى النقض وأنه بالتالى أى من الأحكام التى صدرت غير قابلة للتنفيذ لأنها أحكام غير باتة ونهائية وهذا أيضاً من دلالات بطء العدالة وفى نفس الوقت الدولة لها أعذارها عندما تتقدم بفكرة بديلة وهى تنفيذ الأحكام العسكرية نجد مقاومة شديدة رغم أنه من المفروض أن القضاء العسكرى يكون كالقضاء المدنى لأن المفروض أن كلا منهما يطبق نفس القوانين والمفروض أنهما يطبقان نفس ضمانات الدفاع ولكن الاختلاف أنه ربما تكون الإجراءات فى القانون العسكرى أخف وطأة من الإجراءات فى تطبيق أحكام القضاء وهذه إحدى المشكلات الأساسية التى تجعل المجتمع المصرى يشعر بالفعل أنه لا معنى للعدالة وهذا يترتب عليه قضية خطيرة وهى أن الذى يستطيع أن يتحصل على العدالة هو وحده القوى الذى يتمكن بيده من تنفيذ القانون فأين الدولة من هذا؟ توجد عشرات الآلاف من الأحكام القضائية التى لم تنفذ رغم صدورها إما بدعوى عدم إمكانية تنفيذ هذه الأحكام أو تحت دعاوى الأمن.

مصر مليئة بالمشاكل المتراكمة والضخمة بسبب غياب إرادة الحسم وإذا كنا نقول إن القانون يسرى على الجميع فلابد أن تكون هذه القاعدة قاعدة ذهبية.

 

شارك الخبر على