مدارس المتفوقين مقبرة النوابغ في مصر

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

لماذا فشل المتفوقون في مدرسة المتفوقين؟.. سؤال يحتاج إلى إجابة، بعد أن سادت موجة من الغضب والسخط الشوارع المصرية عقب إعلان نتيجة الثانوية العامة للمتفوقين (STEM)، حيث بلغت نسبة الرسوب 44%، ما دفع الطلاب وأولياء الأمور إلى صب جام غضبهم على الوزارة منددين بصعوبة الامتحانات ونظام التعليم بهذه المدارس، واعتبر أولياء الأمور ارتفاع نسبة الرسوب هو الطريق للقضاء على النوابغ وتدميرهم، وأعربوا عن ندمهم الشديد لإلحاق أبنائهم بهذه المدارس.

إعادة التصحيح 

أحمد خيرى، المتحدث الرسمى لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، قال إن الوزارة تهدف إلى تحقيق ما فيه صالح أبنائها طلاب الصف الثالث الثانوى بمدارس المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا (STEM)، وفى ضوء ما أسفر عنه اجتماع اللجنة التنفيذية لمدارس المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا الذى عُقد اليوم الخميس الموافق 19/7/2018، وافق الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، على المقترح المقدم من اللجنة التنفيذية لمدارس (STEM)، بأن يتم إعادة فحص أوراق إجابة الطلاب المتضررين، وإعادة تصحيح كل أوراق الإجابة الخاصة بطلاب مدارس المتفوقين من جديد فضلا عن مراجعة الأسئلة لمعرفة مدى صعوبتها ودراسة الموقف برمته.

الامتحانات مطابقة للمواصفات 

الدكتور رضا السيد حجازى، رئيس قطاع التعليم العام ورئيس عام الامتحان، اللجنة التنفيذية لمدارس (STEM)، خلال اجتماعاتها السابقة، طالبت المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى بمراجعة أسئلة الامتحانات طبقًا لمواصفات الورقة الامتحانية، وقد انتهى تقرير المركز إلى أن جميع الامتحانات مطابقة للمواصفات.

وأشار حجازى إلى أنه قد تم أيضًا تكليف مديرى عموم تنمية المواد الدراسية بالتأكد من دقة التقدير الإلكترونى لأوراق إجابة الطلاب المتضررين من نتائجهم بالمراجعة اليدوية، وأسفر التقرير الفنى الوارد منهم عن أن نتيجة التقدير اليدوى لما تم فحصه مطابقة تمامًا للتقدير الإلكترونى، ولم يعد بوسع الطلاب المتضررين من نتائجهم سوى التوجه إلى مقر لجنة النظام والمراقبة بقطاع القاهرة (أ) بمدرسة السنية الثانوية للبنات بالسيدة زينب – القاهرة؛ لبحث تظلمهم.

تدنى نسبة النجاح دليل على وجود خلل

"يجب ألا تمر مرور الكرام" بهذه الكلمات افتتحت النائبة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب حديثها، حيث قالت لا بد من وقفة مع ما حدث فى نتيجة مدارس المتفوقين (STEM)، لأن نسبة النجاح منخفضة للغاية، وليست بالضرورة أن تكون نسبة النجاح 90% وإنما عندما تكون نسبة النجاح 70% أو 65% تكون النسبة طبيعية، مشيرة إلى ضرورة أن تكون هناك وقفة ومراجعة لما حدث للوقوف على أسباب هذا الإخفاق.

وأضافت "نصير" فى تصريحات خاصة لـ"التحرير": ما حدث يثبت أن هناك خللا ما وقع، وقد تختلف أشكال الخلل، فمن الممكن أن الامتحانات فوق مستوى الطلاب، أو أن الامتحانات تعجيزية أو أن المناهج لم يتم توضيحها بالشكل المناسب ولم يتم تدريب الطلاب بالشكل الكافى على الامتحانات.

أشك أن يكون التقصير من الطلاب

وتابعت "نصير" أشك أن يكون التقصيرمن الطلاب لأنهم من خيرة طلاب مصر والأسر المصرية ترغب فى زيادة مستوى التفوق لدى أبنائها من خلال التحاقهم بمدارس المتفوقين، مستطردة: لو أن ما حدث كان فى إحدى المدارس العادية كان سيصبح الأمر مقبولا لأن الطلاب لا يُحضرون ولا يكون هناك التزام.

واستطردت البرلمانية: لا بد من محاسبة المقصرين وألا تمر هذه النتائج مرور الكرام حتى لا تتكرر مرة أخرى، ومعرفة السبب فى الخلل، وأسباب التراجع، وأن يكون هناك نوع من التدقيق، لأن النسب العالية والمنخفضة فى النجاح تؤكد أن هناك خللا ما.

وأشارت النائبة إلى أن هذه النسبة المرتفعة فى رسوب مدارس المتفوقين سوف تؤثرعليها بالسلب وسوف تصيب الطلاب بالإحباط، بالإضافة إلى قلة الإقبال عليها، مؤكدة أن اللجنة سوف تناقش هذه الأزمة هذا الأسبوع من أجل الوقوف على الأسباب.

أولياء الأمور يقتلون النوابغ

وعلق أحمد حسن، ولي أمر أحد الطلاب المتفوقين على نتيجة مدارس المتفوقين قائلا: "هذه النسبة تعتبر اغتيالا للإبداع والتفوق وإرهابا لأولياء الأمور لعدم إدخال أولادهم المتفوقين لمثل هذه المدارس، بالتالى هروب العقليات والنوابغ للخارج بحثا عن مناخ غير فاسد يتجلى وتطور فيه نبوغهم وعبقرياتهم".

ورأت رشا السيد ولي أمر أحد الطلاب، أن مدارس المتفوقين كانت تجربة ناجحة عندما كانت تحت إشراف الأجانب، ولكن عندما تم إسناد مهمة الإشراف عليها للمستشارين المصريين "بقى ده الوضع" وأصبح مجرد استعراض عضلات، "ومجرد إثبات إننا نقدر نخليكم فشلة".

اغتيال معنوي

وأبدى والد إحدى الطالبات ويدعى علاء عباس عضبه من نتيجة ابنته قائلا إن مدارس المتفوقين "معمولة لفرز الطلبة المبدعين ثم اغتيالهم معنويًا"، وتساءل: «موجهين إيه ومستشارين أيه اللى آخرهم موظف حكومة ملوش أى إنجاز علمى على أرض الواقع اللى هيقيم التفوق والإبداع؟!».

وحاولت السيدة نجلاء والدة أحد الطلاب تمالك نفسها وهي تقول: "حرام تعبنا وتعبهم طول السنه ٤٠℅ رسوب نسبة مش سهلة يعنى قاربت على نصف الطلاب تقريبا، حرام حسبى الله ونعم الوكيل، ومهما تحدثنا لن يشعر أحد بنا ولن تتحرك المياه الراكدة "نموت مرتين مرة من الوجع ومرة من مرارة الحياة".

مخترعون مكرمون فى الخارج راسبون فى مصر

أحمد بيومى، أحد طلاب مدارس المتفوقين، والذى تم تكريمه فى رومانيا لتفوقه فى الرياضات على مستوى العالم، عندما شارك فى منافسات أولمبياد الرياضات الدولى فى رومانيا وهى أعلى مسابقة لطلبة الثانوية العامة فى العالم بمجال الرياضيات حصل أحمد على أول جائزة لمصر فى المسابقة فى تاريخ مشاركات مصر من خلال حصوله على أحد المراكز المتقدمة فى المسابقة.

بيومى قال: عندما التحقت بمدارس المتفوقين كان هناك شرط أن يحصل الطالب على 98%، بالإضافة إلى أن يحصل على كامل الدرجات فى مادتين من الرياضات والعلوم والإنجليزى، متابعا: فورعودتى من المسابقة فى رومانيا فوجئت بأنى راسب فى مادة الرياضيات وهو ما أصابنى بنوع من الاندهاش، وتقدمت بتظلم من أجل إعادة تصحيح ورقة الإجابة، وأردف: هناك 170 طالبا دور ثانٍ بالإضافة إلى 60 طالبا راسبون.

صاحبة نظارة المكفوفين راسبة

رؤى طه، التى تدرس بالصف الثالث بمدرسة المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا بالإسماعيلية، وصاحبة اختراع نظارة المكفوفين والراسبة فى الثانوية هذا العام، قالت إن نظام تقييم الطلاب بمدارس المتفوقين نظام لا يعقله إنسان رحيم، مضيفة: نصف الدفعة راسبون بملاحق وبعضهم سيضطر لإعادة السنة رغم أن جميعهم متفوقون.

رؤى انتقدت صعوبة الامتحانات وطريقة احتساب الدرجات فى نظام التعليم بمدارس المتفوقين فقالت: طلاب مدارس المتفوقين يمتحنون فى كل مادة امتحانين "يعنى عندنا 14 ورقة بنمتحنها، إذا فشل أى طالب فى الحصول على أكثر من 60% من درجة الورقة الواحدة بسبب سؤال أو سؤالين بيشيل المادة كاملة، وهنا إذا رسب الطالب فى مادة أو اثنتين يمكنه أن يمتحنهما فى الدور الثانى، أما لو الطالب رسب فى أكثر من مادتين يصبح راسبا تماما ومجبرا على إعادة السنة كلها".

كما عبرت رؤى عن ندمها على الالتحاق بمدارس المتفوقين حيث قالت "ندمنا على الالتحاق بمدارس المتفوقين حيث قالت كل واحد فينا ندمان إنه كمل فى مدارس المتفوقين دى، أنا ندمانة إنى بنيت عليها طموحاتى فى يوم من الأيام مؤكدة أنها بلا مستقبل، وأشارت "أنا كان كل حلمى أدرس طب بشرى وأتخصص مخ وأعصاب بره مصر".

ليسوا أهلا للحكم

الدكتور محمود الناقة، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس، ورئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس وعضو مجمع اللغة العربية، قال إن الحديث عن نسبة رسوب طلاب مدارس المتفوقين بهذه الطريقة أمر غير علمى لأن أولياء الأمور أو الطلاب أنفسهم ليسوا أهلا للحكم على الامتحانات وصعوبتها أو أنها تعجيزية أم لا أو أن هدفها القضاء على المبتكرين فى مصر.

وأضاف الناقة فى حديثه لـ"التحرير"، لا يكمن لأحد كائنا من كان أن يتعمد أن يضع امتحانا يضر بمصلحة الطلاب أو يهدف لتعجيزيهم عن الإجابة مهما كانت الانحرافية فى معاييره، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تقوم وزارة التربية والتعليم بهذا الأمر على الإطلاق.

وأوضح أستاذ المناهج: هؤلاء الطلاب لديهم طبيعة خاصة فى نظام التعليم الخاص بهم ومن الطبيعى أن يرسب الطالب غير المتفوق، وبالتالى طبيعى أن تكون امتحاناتهم لا تتماشى مع الطالب العادى.

وتابع الناقة: فى نظام التعليم العادى نوصى بأن يكون هناك سؤال يبرز الطالب المتفوق وأن يتم مراعة الطالب المتوسط وأن يكون فى الاعتبار الطالب الضعيف محدود القدرات وأن يتم وضع أسئلة تساعدهم على التحسن وزيادة الثقة فى النفس.

لا بد أن يصحح الامتحانات معلمون فائقون

وأردف "الناقة" أعتقد أن نسبة النجاح عادلة بشرط أن يكون من قام بتصحيح الامتحانات «معلمون فائقون»، وحول قيام وزارة التربية والتعليم بإعادة تصحيح المواد من جديد قال الناقة، هذا حق طبيعى فنحن بشر والخطأ وارد فى التصحيح ومن الوارد أن ترتفع النسبة قليلا أو تظل كما هى.

وردا على كون هؤلاء الطلاب متفوقين قبل التحاقهم بهذه المدارس قال الناقة: حصول الطالب على مجموع 98 أو 100% فى الإعدادية ليس مقياسا لتفوقه أو يحميه من الفشل، حيث إن هناك رؤية لهذه المدارس والتنافسية بين الطلاب وبعضهم قد يحدث فشلا.

كما انتقد "الناقة" حرمان الطلاب فى مدارس المتفوقين من رؤية الطلاب العاديين والاحتكاك بهم، معتبرا أنه قصور فى هذه التجربة لأنها تعزل الطالب عن المجتمع مما يشعرهم بمزيد من الثقة المفرطة فى النفس وزيادة الشيء عن حده ينقلب إلى ضده.

وجاء مؤشر نتيجة مدارس المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا (STEM)، العام الدراسى الحالى بنسبة رسوب 44%، على الرغم من أن هؤلاء الطلاب هم المتفوقين، إذ يشترط للالتحاق بهذه المدارس، حصول الطلاب على نسبة 98% بالشهادة الإعدادية والدرجة النهائية فى مادة من مواد العلوم، الرياضيات، واللغة الانجليزية، أو 95% والدرجة النهائية فى مادتين.

شارك الخبر على