يا مآمنة للرجال.. يا مآمنة للمنتخب فى المونديال

ما يقرب من ٦ سنوات فى الموجز

المقال - خالد كساب
 «ثمة مصيبتان فى الحياة؛ الأولى أن لا تحصل على ما تريد، والثانية أن تحصل عليه»، هل كان «أوسكار وايلد» يقصدنا بتلك المقولة؟! فنحن والحمد لله قد جربنا المصيبتين؛ حاولنا الوصول إلى كأس العالم طوال 28 عامًا عجافًا ولم نحصل على ما نريد لتتحقق المصيبة الأولى، ثم أخيرًا وبعد طول انتظار كنا على موعد مع المصيبة الثانية بعد أن حصلنا على ما نريد ووصلنا كأس العالم، ويا ريتنا -للأسف- ما وصلنا.«يخيل إلىَّ أن فى مصر خبيرًا عبقريًّا مهمته الدقيقة هى أن يضع كل شىء فى غير محله»، تقرأ مقولة «توفيق الحكيم»، ثم تسرح وتفكر ثم تبرق وتنتفض ثم تتذكر مأساتنا فى روسيا كخير دليل على صدق تلك المقولة، وهو ما رأيناه واضحًا جليًّا ساطعًا من خلال متابعتنا لكل ما يخص أخبار منتخبنا القومى، بدءًا من اختيارات كوبر للاعبين، ومرورًا بكل ما أحاط ببعثة المنتخب فى كأس العالم من هرتلة وعدم شعور بالمسؤولية وعدم احترام للشعب أو للوطن الذى يلعب الفريق وهو يحمل اسمه العريق على كاهله، وانتهاءً طبعًا بدرة تاج العشوائية حيث المؤتمر الصحفى العشوائى اللى يا ريته ما انعقد بخصوص مأساة مشاركتنا فى كأس العالم اللى يا ريتنا ما شاركناها، اتحاد كرة غير قادر على تنظيم مؤتمر صحفى بداخل المقر الخاص له، تفتكروا ممكن يقود بعثة منتخب وطنى فى كأس العالم ازاى؟!
وهو ما يدفعنا إلى التساؤل مع «الطيب صالح»: «أى ثمن باهظ ينبغى على الإنسان أن يدفعه حتى تتضح له حقيقة نفسه وحقيقة الأشياء؟»، أى ثمن كان ينبغى أن ندفعه من أعصابنا إثر احتراق جهازنا العصبى إثر رؤية تلك الصورة العقيمة والمهينة التى رأينا عليها منتخبنا؟ أى ثمن كان ينبغى أن ندفعه من جيوبنا إثر الحركات والشقلباظات ومصاريف فتح القنوات لنستطيع مشاهدة المباريات؟ ناهيكم عن هؤلاء الأبرياء الذين ذهبوا خلف منتخبنا إلى روسيا لتشجيعه، لتتكشف لنا تلك الحقيقة التى تنص على أننا نحن فقط، الجماهير والناس، هم من كانوا يتعاملون مع حكاية مشاركتنا فى كأس العالم بجدية، بينما اللعيبة أنفسهم منشغلون بعمل أكبر كم من الإعلانات وبتسجيل أكبر عدد من الكليبات لإحدى القنوات من غرف نومهم مقابل 5 آلاف دولار للكليب، بينما السادة أعضاء اتحاد كرة القدم قافشين على بعض وبيتخانقوا على شنط الملابس والهدوم، بعثة كاس عالم بأمارة إيه؟!
«أن يتخلص المرء من خطأ ما يوازى فى إفادته أن يثبت حقيقة جديدة، بل قد يكون أفضل» على حد قول «تشارلز داروين». وهو ما يسوقنا إلى الحسنة الوحيدة من ذلك المولد الذى نصبناه على مدار الأشهر المنصرمة، المولد الذى لم يستفد منه أحد بخلاف اللاعبين وشركات الإعلانات، أما سائر الجمهور فقد كان عليه الاكتفاء بركوب مراجيح العشم، وهى المراجيح التى وقعنا منها جميعًا على جدور رقبتنا، ليسوقنا خطأ التعامل مع تلك البعثة بوصفها بعثة بجد جديرة بتمثيل بلدنا تمثيلًا مشرفًا -والتمثيل المشرف الوحيد هو الذهاب إلى روسيا للمنافسة على البطولة وإما عدم السعى إلى الذهاب من أصله- إلى حقيقة مفادها أننا حارقين دمنا على الفاضى، بينما اللعيبة بتشتغل وبتاكل عيش، ولا يفرق معاها هببنا إيه ولا اسم البلد ولا حتى الخروج من البطولة بشرف ولا كل تلك الأشياء التى نؤمن بها والتى كلها للأسف ما توكلش عيش اليومين دول.
وأما فيما يخص سعد سمير، فقد سألنا عنه الجماهير وقالوا ما نعرفوش، وكل ما نعرفه عنه أنه غاوى يهرج فى التمرين مع أصدقائه، وهو التهريج الذى أكد مسؤولو الاتحاد أننا قد فهمناه غلط، وأنه كان يلفت نظر كهربا إلى ضرورة الانتباه للتدريب، ونحن طبعًا لا نصدق اتحاد الكرة، إنما حنعمل إيه، عيل رايح يهرج، العيب مش عليه، العيب على من أخذه إلى ذلك المحفل الدولى الضخم ولم يخبره أنه محفل مهم، فظن الولد أنه فرح أحد أصدقائه وفعل ما يفعله الشعبيون فى الأفراح مع أصدقائهم عندما يتزوجون.«توجد كآبتان؛ الأولى يعالجها الدواء، والثانية تلازمنا؛ إنها الأنا فى مواجهة ذاتها إلى الأبد»، مقولة لـ«إميل سيوران» سوف تقودك إلى التفكير على مثل ذلك النحو: تُرى، ماذا ستفعل الأنا الخاصة باتحاد الكرة فى مواجهة ذاتها إلى الأبد؟! شكلها مش ناوية تفعل أى حاجة!

شارك الخبر على