الرجل الأخطر.. فيلم كوميدي يحمل رسالة من ماضي يحتضر

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

يعود الشاب عمر التهامي من إيطاليا بعد غياب 28 عاما، حيث قرر والده المُهندس التهامي الهجرة إلى أوروبا تاركًا مصر، وكان يمتلك فيها «عمارة» بأحد أحياء القاهرة القريبة من النيل، والتي يعود لها عمر بعد وفاة والديه بحثًا عن حقوقه التي سلبها مُستأجرون الشقق، الذين تعاقدوا عليها بمُقابل ضعيف يصل لـ20 جنيهًا في الشهر، ومن بين المستأجرين، بنك حاول عمر إقناع القائمين عليه بترك العمارة، إلا أنهم رفضوا وطردوه، ليقرر «سرقته».. يعتبر البعض أن فيلم الرجل الأخطر معالجة درامية لفيلم «لصوص لكن ظرفاء»، لكننا لا نرى وجه مُقارنة بين الفيلمين سوى في طريقة سرقة البنك من الطابق العلوي له، وإذا أردت مُقارنته بفيلم آخر، فهو يُشبه «بين السما والأرض»، الذي أنتج عام 1959، وتدور أحداثه في «أسانسير» فقط.

رسالة الفيلم

هل سمعت عن هدم سينما «فاتن حمامة» ومنازل أثرية، لأجل بناء برج سكني أو إداري، ما يمثل تشويهًا وطمسًا لتاريخ وثقافة الأمة.. هذه الواقعة وغيرها كثير من أهم رسائل الفيلم، فهو يتناول ما خلفه هذا التشويه من أضرار على الإنسان والأخلاق، وهي قضية واقعية نعيشها، ولم يختص الفيلم بالتشويه المعماري فقط، لكن ناقش التشويه في كُل شيء.

التشويه في الفيلم تجده على لسان شخصية أستاذ «عزيز» -لطفي لبيب- ساكن العِمارة المُصاب بالزهايمر، الذي لا يتذكر سوى بنايات وشوارع مصر القديمة وزوجته التي رحلت، فتجده يتحدث كثيرًا عن الجمال الذي لم يعد موجودًا، ويردد كلمات مثل «بقينا ضد الجمال والذوق والأخلاق.. بقينا شبه العشوائيات»، لكن اعتمد مُخرج العمل في إظهار التشويه بأشكال أخرى لم ينطقها أبطاله، فتجد بواب العُمارة -سليمان عيد- «الصعيدي» ليس شهمًا مُلتزمًا بالزي الصعيدي، لكن شوهه المُخرج بـ«كوتشي» أحمر، وهو شخص «ديوث» لا يغار على أهل بيته، أيضًا وضع المخرج على العِمارة القديمة الجميلة يافطة عريضة للبنك أخفى بها الشكل المعماري الجميل، أما قصة الحُب التي تجمع سامح حسين برحمة حسن، جاءت سريعة، ولن تجد نفسك مُتعايشا معها، كلمة «بحبك» أصبحت من السهل أن تُقال وقصص الحُب الأسطورية انتهت.. وهكذا.

سامح حسين «شرير»

سامح حسين قرر مؤخرًا أن يترك تقديم أفلام للأطفال بالأساس، وهي التيمة التي اشتُهر بها في السنوات الماضية، لكنه لم يبتعد في الرجل الأخضر عن الـ«لايت كوميدي»، إلا أنه وللمرة الأولى، يُقدم الكوميديا من منطقة «الشرير»، وهو الأمر الذي رُبما يستغربه البعض عن سامح صاحب الوجه الطيب وبراءة الأطفال في عينيه، إلا أننا لا نعدك بأن يقنعك كشرير.. ولا يعد حسين المصدر الأول للكوميديا في الفيلم، بل يتعاون خلال مشاهد كثيرة مع زملائه لإخراج الضحك فقط، وهذا جزء من كوميديا الموقف التي طرق سامح بابها مؤخرًا تاركًا كوميديا الفارص (التي يصنعها الشخص).

إدوارد مفاجأة الفيلم

«الواد» الساذج.. شخصية أجادها سامح في الكثير من أعماله، واستطاع من خلالها أن يجذب عددا كبيرا من الجمهور له، لكنه ترك هذه الشخصية في «الرجل الأخطر» للفنان «إدوارد»، الذي يُعتبر من مفاجآت الفيلم، وبعيدًا عن الصورة الذهنية التي كونها عنه الجمهور، والتي وظفها في إعلانه الأخير مع شركة اتصالات، سيغيرها خلال هذا الفيلم، لأنه أحد الأعمدة التي استند عليها الفيلم في تقديم وجبة الكوميديا، وكان قرارا جريئا من مُخرج العمل أتى ثماره، خاصة في أحد المشاهد له والتي تُعتبر «ماستر سين» يتحدث فيها عن «أكل العيش»، ما يُعتبر غريبًا عليه، فكما لم يتعود الجمهور أن يكون الشرير سامح حسين، لم يعتد يكون إدوارد الشخص المسكين، لكنه قدمه بشكل جيد، يذكرنا بدور مشابه وحيد كان في فيلم «عسل أسود».

مرقس عادل مُخرج على الطريق

أيضًا الفيلم قدم مُخرجا على الطريق، وهو مُرقس عادل، الذي استطاع بحرفية تكمُن في الأسلوب البسيط والسلس أن يُقدم لك وجبة ترفيهية مُسلية تحمل في طياتها الكثير من الرسائل الهامة، اعتمادًا على سيناريو جوزيف فوزي، الذي لم يستطع مُرقس أو نجم العمل سامح حسين رفضه.

لم يُمارس مُرقس عادل علينا وهو في بداية مشواره، و«الرجل الأخطر» هو ثاني أفلامه، ما يُسمى بـ«المُراهقة الإخراجية»، وهو لفظ يُطلق على المُخرج، الذي يحاول أن يُبهرك بحركة الكاميرا وبالصورة أكثر من اللازم، في سيناريو لا يتحمل ما يفعله، لذلك ستجد مشهدا واحدا هو الذي قام فيه باستخدام حركة الكاميرا من الأسفل للأعلى، وهو مشهد تقديم البطل فقط.

على الرغم من أن الفيلم تدور أحداثه في عمارة واحدة فقط، وتقوم الكاميرا بالتنقل بين شققها المُتشابهة، حرص مُرقس على تنوع الديكورات والاهتمام بها خوفًا من أن تمل عين المشاهد، لذلك كانت واجهه العُمارة في لوكيشن بمنطقة جاردن سيتي، ومدخل العُمارة لإحدى البنايات بمنطقة المنيل، والأربع شُقق تنقل فيهم بين أربع شقق في مدينة نصر والمنيل، كما أن مُرقس اهتم بالأداء في المقام الأول، وهذا ما لا يعلمه الكثير، وهو أن نجاح المُخرج يأتي من الأداء الذي يُعطيه للمُمثلين، حتى لو قدموا أدوارا مشابهة من قبل، فعلى سبيل المثال، سليمان عيد لعب أكثر من مرة شخصية البواب، لكن هذه المرة سيضحكك من قلبك، وهو ما اعترف به سليمان بعدما شاهد الفيلم، وشعر أنه «أول مرة يمثل كوميديا».

موسم ظالم 

فيلم الرجل الأخطر ظُلم في العرض، وكان يستحق أكثر من ذلك، حيث طرح يوم 18 من هذا الشهر، وسيظل في السينما إلى أن يبدأ موسم الأضحى السينمائي يوم 22 أغسطس القادم، أي لن يُكمل سوى شهر واحد في السينمات، ما سيؤثر على إيراداته في مُوسم صيفي ظالم، ورُبما يكون أمرا مُحبطا لشركة الإنتاج التي تخوض التجربة للمرة الأولى بعد عامين عكفت فيهما على البحث عن أعمال جيدة، كما أن الفيلم أخذ تصنيفا رقابيا +12، رغم أنه لا يحتوي أي قبلات أو مشاهد عنيفة، كل الأمر أن بطل الفيلم شخص سيئ، وهو السبب وراء تصنيف الرقابة، لذلك أعدك بوجبة مُمتعة ومُسلية إذا أردت مُشاهدته صحبة أسرتك.

شارك الخبر على