«كسر الصمت».. محاولة إسرائيلية للتستر على الجرائم ضد الفلسطينيين

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

يسعى الاحتلال الإسرائيلي بشتى الوسائل التغطية على جرائمه والانتهاكات التي يرتكبها في حق الفلسطينيين، فلم يعد فضح الجرائم ضد الشعب الفلسطيني هدف وحيد، بل هناك من يسعى لكشف تلك الممارسات أمام العالم.

ففي الوقت الذي تواصل إسرائيل انتهاكها للقانون الدولي والأعراف الإنسانية بحق الشعب العربي، هناك محاولات إسرائيلية للتعتيم على الجرائم وحجبها عن العالم، أحدثها إقرار "الكنيست" أمس الثلاثاء مشروع قانون "كسر الصمت" والذى صوَت لصالحه 43 عضو كنيسيت مقابل 24 صوتا فقط ضده، والذي يحظر على مندوبي الجمعيات الحقوقية في إسرائيل الدخول إلى المدارس وتقديم محاضرات أو أي فعاليات للطلاب والطالبات.

إسرائيليون يفضحون تل أبيب

يستهدف مشروع القانون بالأساس الجمعيات الحقوقية المناهضة للاحتلال وممارسات جنود جيشه ضد الشعب الفلسطيني، مثل جمعية "يكسرون الصمت"، وكذلك الجمعيات التي توجه انتقادات وتوثق الأحداث وتعد تقارير ضد جيش الاحتلال، كما يحظر القانون على الجمعيات والمؤسسات التي تنشط خارج البلاد أيضًا في الدعاية المناهضة لجنود جيش الاحتلال، والتى توجه انتقادات للجنود.

اقرأ أيضًا: «رزان النجار».. ملاك الرحمة التي اغتالتها رصاصات الاحتلال الغادر

وأطلق على التشريع اسم قانون "كسر الصمت"، في إشارة إلى منظمة إسرائيلية تحمل هذا الاسم، وتعمل على جمع ونشر شهادات محاربين قدامى بشأن معاملة الجيش للفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة وغزة.

"المنظمة" أسسها جنود إسرائيليون ضاقوا ذرعًا بممارسات حكومتهم، فقرروا كسر الصمت، وفضح الانتهاكات التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، وذلك من خلال نشر شهاداتهم في المدارس والجامعات الإسرائيلية لإيصالها إلى أكبر قدر ممكن من المواطنين، إضافة إلى كشف الواقع الأليم للفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال، وهو الأمر الذي أزعج تل أبيب، لتقرر حينها تكميم تلك الأفواه.

تقييد الحريات

حملت المنظمة هذا الاسم لأنها تنشر شهادات جنود أدوا خدمتهم العسكرية في الأراضي المحتلة، وقرروا كشف واقع الحياة اليومية للفلسطينيين تحت الاحتلال، فكان لذلك أثر كبير في كشف الحقائق الزائفة التي يدعيها الاحتلال، وتأسست في العام 2004 على أيدي مجموعة من الجنود المسرحين.

واعتبرت المنظمة أن القانون الذي صدَق عليه الكنيست، يؤدي إلى إسكات الجنود الذين يعرضون حياتهم للخطر بالخدمة داخل الأراضي الفلسطينية، ويمنع جنود المستقبل من معرفة الشكل الذي ستكون عليه خدمتهم الإجبارية بالجيش.

اقرأ أيضًا: «الدمدم».. أداة الاحتلال لـ«تحطيم عظام» الفلسطينيين

وقالت أيضًا: "بعد التوبيخ، جاء دور الإسكات.. خاصة بعد أن سيطر الرعب على وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت من نشطاء "كسر الصمت" لدرجة أنه مرر قانون إسكات الاحتلال، بحسب وكالة "معا".

ووصف أهودا شاؤول المؤسس المشارك للمنظمة هذا التشريع، بأن القانون يمثل أبرز قيد لحرية التعبير يستند إلى أسباب سياسية يتضمنه قانون إسرائيلي، وأن الهدف منه هو استمرار الاحتلال ومشروع الاستيطان.

محاولات بائسة

منتقدون للقانون الذي أقره الكنيست، أكدوا أنه جزء من مساعي الحكومة لنزع الشرعية عن الجماعات الحقوقية والمنظمات غير الحكومية، بحسب "سكاي نيوز".

في حين وصفت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات القرار "جريمة جديدة ضد الشعب الفلسطيني ومحاولة لكسر إرادته والنيل من عزيمته، ولمنع إيصال رسالته بالحرية وتقرير المصير، ومنع أي تفاعل محلي أو دولي مع القضية الفلسطينية ونصرتها".

اقرأ أيضًا: «طرد الحقوقيين».. أداة إسرائيل للتغطية على جرائمها أمام العالم

من جانبه أكد الأمين العام للهيئة الدكتور حنا عيسى على "عنجهية" الاحتلال وتطرفه وإصراره على جرائمه وانتهاكاته الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل المتمسك بأرضه، مشيرًا إلى أن هذه القوانين والقرارات ما هي إلا محاولات بائسة من حكومة الاحتلال لإخفاء جرائمها ومنع انتشارها.

وأضاف "القانون الجديد، ما هو إلا محاولة من حكومة الاحتلال لحماية جنودها وما يرتكبوه من جرائم".

ودعت الهيئة الإسلامية المسيحية إلى فضح وتعرية جرائم الاحتلال أمام العالم أجمع بالصوت والصورة، والوقوف بالمرصاد لادعاءاته وأكاذيبه.

كما انتقدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى "فيديريكا موجرينى" القانون، موجهة انتقادات شديدة اللهجة إلى وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى جلعاد أردان، الذي اتهم الاتحاد الأوروبي بدعم ما وصفه "أنشطة إرهابية" وحملات مقاطعة ضد إسرائيل عبر تمويل جمعيات ومنظمات مدنية.

اقرأ أيضًا: الأسلحة الشعبية.. إبداعات فلسطينية في مرمى نيران الاحتلال

وبعثت موجريني، رسالة جوابية إلى "أردان"، حملت انتقادات شديدة اللهجة على ما أورده من مزاعم، كما طالبته بتقديم أدلة وبيانات على طعونه وادعاءاته، مؤكدة أنه لا أساس من الصحة لهذه الادعاءات، واصفة التقرير بالمضلل، ويمزج الإرهاب مع قضية المقاطعة، ويخلق حالة من الارتباك غير المقبول في نظر الجمهور.

انتقادات إسرائيلية

المثير أيضًا أن القانون واجه انتقادات من قبل أعضاء داخل الكنيست، حيث هاجمت عضو الكنيست شيلي يحميوفيتش من "المعسكر الصهيوني" (تحالف حزبي العمل والحركة) القانون الجديد.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن يحميوفيتش قولها: إن "المبادرين إلى القانون جبناء، ويحاولون منع طلبة المدارس من الاستماع لمواقف مختلفة".

وأشارت إلى أنها قد تختلف مع منظمة "كسر الصمت"، لكنها لا تخشى السماح لأطفالها أو أحفادها من سماع ما يقولون.

أما عضو الكنيست عن القائمة المشتركة (تحالف أحزاب عربية وإسرائيلية معارض) دوف حنين، فقد اعتبر أن القانون "خطير وإشكالي، وأن النظام التعليمي ليس ملكًا لوزير التعليم الذي يفرض رقابة على المدارس، ويحدد رسائل يسمح بتوجيهها لطلبة المدارس الإسرائيلية ويمنع رسائل أخرى".

اقرأ أيضا : «الخطر القادم لإسرائيل».. «عدسة جنى التميمي» تفضح جرائم الاحتلال

كما هاجمت رئيسة حزب "ميرتس" (يسار) تامار زاندبيرج، القانون، وقالت: إن "الحزب يسعى لكسر الصمت حول واقع الاحتلال في المناطق (الضفة وغزة)، ومع تشدد الحكومة التي يسيطر عليها اليمين، والتي وصلت إلى قرار بأنها غير معنية بحل سياسي سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بل معنية بمواصلة فرض سيطرتها على الفلسطينيين، قررت هذه الحكومة إسكات كاسري الصمت".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على