من هم «البهرة».. ولماذا تبرعوا مرتين لصندوق تحيا مصر؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

بعد 4 أعوام مرت على زيارته الأولى، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الإثنين، مفضل سيف الدين سلطان طائفة البهرة بالهند، يرافقه شقيقه الأمير قصي وجهي الدين، ونجليه الأمير جعفر الصادق، والأمير طه سيف الدين، ومفضل حسن ممثل سلطان البهرة في مصر.

البهرة لفظ هندي قديم، يعني التاجر في اللغة الكجراتية الهندية، ويُطلِق عليهم اليمنيون اسم المكارمة‏، وهي إحدى الطوائف الشيعية الإسماعيلية التي انتصرت لإمامة أحمد المستعلي الفاطمي ضد أخيه نزار المصطفى لدين الله، وذلك بعد وفاة والدهما الخليفة المستنصر بالله الفاطمي سنة 487 هـ.

مَن هم؟

كانت أرض اليمن هي المحطة الأولى للطائفة، لكنهم سرعان ما انتشروا في الهند عن طريق عملهم بالتجارة، ونجحوا في جذب عدد كبير من الهندوس إلى مذهبهم، وفي هذه المرحلة سمّوا "البُهرة"، وأصبحت الهند المركز الرئيسي لطائفتهم.

في الهند، يقع قصر سلطانهم الداعي المطلق الـ53 مفضل سيف الدين، ويصل عددهم اليوم إلى مليونين، وأهم الدول التي يعيشون فيها بعد الهند واليمن هي: باكستان وكينيا وتنزانيا ودول الخليج، خاصًة الكويت والإمارات ومنطقة نجران بالمملكة العربية السعودية، كما استقر عدد منهم في مصر منذ عام 1976 بالاتفاق مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

طقوسهم الدينية

يتمسك البهرة بكل ما يعود إلى العهد الفاطمي، ويحاولوا إحياءه في طقوسهم، واحتفالاتهم، ويتزعمهم السلطان الذي يتولى حكم الطائفة، ويُطلق عليه الداعي، ويعتبر ممثلا دنيويا، ودينيا للإمام، ويُعرف عنهم تعظيمهم سلطانهم، والتزامهم الكبير بمذهبهم وتقاليده.

وللاحتفالات أهمية كبيرة في حياة البهرة، وهي بالطبع امتداد للاحتفالات التي كانت تُقام في العهد الفاطمي، ومن أهم احتفالاتهم، إضافة إلى عيدي الفطر والأضحى، عيد مولد الأئمة الفاطميين وعيد سلطانهم الذي يحتفلون به في شهر مارس من كل عام في مسجد الحاكم بأمر الله، بعد صلاة الفجر.

كما تحتفل الطائفة بعيد الغدير في 18 ذو الحجة وحسب معتقدهم، هو اليوم الذي خطب فيه النبي محمد خطبة عيّن فيها علي بن أبي طالب مولى للمسلمين من بعده، وذلك أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع إلى المدينة المنورة في مكان يسمى بـ"غدير خم".

وتُعدّ زيارة قبور الأجداد ومشاهدة آثارهم من أهم الطقوس لدى البهرة، فيأتون إلى مصر لزيارة مساجد الحاكم بأمر الله، الجيوشي، الأقمر، وغيرهما من الآثار الفاطمية الشهيرة.

وفي كل عام، يتوافد عشرات الآلاف من البهرة إلى منطقة حراز التي تبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء نحو 90 كيلومترًا لزيارة ضريح حاتم الحضرات حاملين سلطانهم فوق حمالة خشبية، ومرددين الأدعية الخاصة بهم، كما يتوافد الآلاف منهم لزيارة ضريح أروى بنت أحمد الصليحي.

تبرعوا مرتين لـ«تحيا مصر»

في أغسطس 2014 استقبل الرئيس السيسي، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، السلطان مفضل سيف الدين للمرة الأولى، في أول زيارة له بعد عدة سنوات عُرِفت فيها عن الطائفة أنها بعيدة عن السياسة والإعلام.

السلطان مفضل سيف الدين في ذلك الوقت أشاد بالجهود التي تبذلها طائفة البهرة لترميم المساجد الأثرية في مصر، منوها بإجراءات تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات، وذلك في ضوء اشتغال طائفة البهرة بالتجارة واهتمامهم بالاستثمار في مصر، ولا سيما في مجال المنتجات الغذائية وصناعات الورق والرخام؛ كما ساهم بالتبرع لصندوق تحيا مصر بعشرة ملايين جنيه لدعم الاقتصاد المصري بحسب ما صرح به ديوان رئاسة الجمهورية.

وفي الزيارة الثانية له الشهر الجاري، صرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس رحب بسلطان البهرة، مؤكدًا العلاقات الوطيدة التاريخية بين مصر والطائفة، وانفتاحها الدائم على كل الأديان والطوائف، كما وجه الرئيس الشكر لسلطان البهرة على الجهود التي يبذلها خلفًا لوالده في ترميم المساجد الأثرية ومقامات آل البيت في مصر، وكذلك أنشطة الطائفة الخيرية المتنوعة.

وانتهي اللقاء الثاني بأن قدم السلطان مفضل مساهمة مالية قدرها 10 ملايين جنيه بصندوق تحيا مصر للمرة الثانية بعد تبرعه الأول عام 2014.

ما وراء التبرع؟ 

البهرة هم طائفة غير دعوية. لا يسعون إلى نشر مذهبهم، وبعيدون كل البعد عن العمل السياسي ينصب كل اهتمامهم على التجارة التي حققوا فيها نجاحات كبيرة.

ويُعرف عن مجتمع البهرة التماسك الشديد، وهناك مبلغ شهري يدفعه أبناء الطائفة للقيام بالأعمال الخيرية في الدول التي يعيشون فيها، حسب باحثين.

ويساهم البهرة بمبالغ ضخمة في الاقتصاد المصري، ويقومون بالأعمال الخيرية، ويشرفون على مسجدي السيدة زينب، والحسين، بالإضافة إلى إشرافهم على المساجد الفاطمية.

حياتهم في مصر

يعيش البهرة في مصر حياة انعزالية، كانوا لا يختلطون بباقي المصريين، ويسكنون في أماكن محددة، أشهرها القاهرة الفاطمية، المهندسين وتحديدًا شارع سوريا، حيث يوجد مبنى خاص بهم يضمّ إدارة شؤون الطائفة، ويعيش عدد كبير منهم في فندق "الفيض الحاكمي" بمنطقة الدراسة المجاورة للأزهر الشريف، ويتواجد الأمن بصفة دائمة هناك.

مر تواجد الطائفة بمراحل متعددة، وكان للأحداث السياسية تأثير كبير على ذاك الوجود، وحسب الباحثين التاريخيين في شئون هذه الطائفة، فإنه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، جاءت طائفة الأغاخانية إلى مصر، وهي إحدى طوائف البهرة، ولها حضور قوي في الهند، وفي ذلك الوقت كانت العلاقات قوية بين مصر والهند، وطلب الأغاخان من عبد الناصر أن يدفن في إحدى الروضات المطلة على أسوان، وهذا ما حدث بالفعل، ولكن كان لحادث المنشية، أثناء محاولة اغتيال عبد الناصر، تأثير كبير على الطائفة.

في عام 1976 وجدت الطائفة طريقها إلى مصر مرة أخرى، عبر ترميمها العديد من المساجد، منها الحاكم بأمر الله، والأقمر، ومقصورة السيدة رقية، والسيدة زينب، ونجحت هذه الخطة في ترسيخ وجودهم في مصر، إلا أن وصول جماعة الإخوان إلى الحكم زعزع وجودهم، مما أدى إلى هجرة عدد كبير منهم، لكنهم عادوا مرة أخرى بعد 30 يونيو 2013 عقب اللقاء الأول بين الداعي مفضل سيف الدين والرئيس السيسي. والآن يتوافدون إلى مصر باستمرار.

شارك الخبر على