قمة «هلسنكي».. كيف بدا ترامب ضعيفًا أمام بوتين؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

أولئك الذين عرفوا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عقود، يشهدون بأن رجل الأعمال السابق يخشى شيئين أكثر من أي أمر آخر، "الإذلال والظهور في موقف ضعف".

وفي قمة "هلسنكي" التي عقدت أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ظهر ترامب وهو يعاني من كلا الأمرين.

مجلة "التايمز" الأمريكية، أشارت إلى أنه على الرغم من أن الزعيمين التقيا على أرض محايدة في فنلندا، فقد أدار بوتين المؤتمر الصحفي بعد اجتماعهما كما لو كان هو المضيف.

وتحدث الزعيم الروسي أولًا، ودعا المراسلين لطرح أسئلتهم، وفي الوقت الذي كان يدير فيه بوتين المؤتمر، وقف ترامب، الذي غالبًا ما يفرض شخصيته في أي مكان، دون أي رد فعل.

ترامب الضعيف

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي استمر 46 دقيقة، لم يوجه ترامب انتقادات لروسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم، ولم يشر إلى الاتهامات المزعومة بوقوف روسيا وراء استخدام غاز الأعصاب على الأراضي البريطانية، ولم يوجه أي اتهامات لمحاولاتها التدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.

أضف إلى ذلك، أن ترامب لم يرفض انتقاد بوتين وحسب، بل شكك في تقييم وكالات الاستخبارات الأمريكية ولجان التحقيق التابعة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ وأعضاء حكومته التي بحثت في دور روسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية.

اقرأ المزيد: قبل قمة «هلسنكي».. كيف يستفيد ترامب من رسائل نيكسون؟

وصرح ترامب "أخبرني مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس، وآخرين، أنهم يعتقدون أن روسيا متورطة في الأمر، وفي المقابل نفى الرئيس بوتين تورط بلاده، ويمكنني أن أقول إني لا أرى أي سبب يدفع روسيا للقيام بذلك"، مضيفا "لدي ثقة في كلا الطرفين".

ويبدو أن رفض ترامب لتقييمات الاستخبارات الأمريكية ومواجهة روسيا، دفع "كوتس" إلى إصدار بيان غير عادي يدافع عن نتائج التحقيقات التي أجرتها وكالته.

وأضافت المجلة أن ترامب لم يتوقف عند هذا الحد، حيث وصل ضعفه إلى حد تأييد فكرة بوتين "الوقحة" في أن يسافر المحقق الخاص روبرت مولر إلى روسيا لاستجواب العملاء الروس المتهمين، مقابل منح الروس إمكانية استجواب مسؤولي الاستخبارات الأمريكية.

ومن وجهة نظر ترامب، كانت الساعتان اللتان قضاها خلف الأبواب المغلقة مع بوتين "حوارًا مثمرًا للغاية"، يمكن أن تسهم في تطور العلاقات الأمريكية الروسية التي تضررت بشدة، والتي قال ترامب: إنها "تغيرت منذ حوالي أربع ساعات"، مؤكدًا "أنا أؤمن حقًا بذلك".

وأشارت "التايم" إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر، حيث غادر الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، لقائه مع نظيره السوفيتي نيكيتا خروتشوف في فيينا عام 1961، وهو يحمل شعور الهزيمة.

كما انهار مؤتمر القمة بين الرئيس رونالد ريجان، مع ميخائيل جورباتشوف، حول السيطرة على سباق التسلح في عام 1986.

إلا أن المؤرخ الرئاسي جوليان زيليزر، لا يستطيع التفكير في لحظة بالتاريخ الأميركي تضاهي قمة ترامب وبوتين.

اقرأ المزيد: في قمة «هلسنكي».. بوتين هو الرابح الأكبر

وقال زيليزر: إنه "ليس هناك أي شيء يمكن مقارنته مع هذا النوع من الهجوم غير المخطط له، ضد الأحزاب السياسية، ووكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة، وأنت تقف إلى جوار خصمك الرئيسي".

وأضاف أن ترامب قرر أن ينتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي أمام زعيم لديه قائمة طويلة من السلوك السيئ، خاصة ضد الولايات المتحدة.

ذكاء بوتين

وفي الوقت الذي بدا فيه ترامب ضعيفًا، تمكن بوتين من إظهار نقاط قوته بطرق دقيقة وقوية، فعندما سأل أحد المراسلين الأمريكيين عما إذا كان لدى روسيا مواد يمكن أن تبتز بها ترامب، لم ينكر بوتين ذلك الاحتمال، وبدلًا من أن يحاول تغيير الموضوع بالقول إنه سمع "هذه الشائعات" بأن الكرملين لديه معلومات محرجة من زيارة ترامب لموسكو في 2013، وتابع "يجب على الناس تجاهل هذه الأمور".

وفي الوقت الذي كان يشير فيه ترامب إلى نظيره بالقول "الرئيس بوتين"، أشار إليه الزعيم الروسي في إحدى المرات باسمه الأول "دونالد".

تناقض ترامب

وأشارت المجلة إلى أن التناقض في موقف ترامب كان أمر مثير للدهشة، مقارنة بين سلوك الرئيس الأمريكي مع زعماء العالم الآخرين في قمة مجموعة السبع التي عقدت في يونيو.

حيث انتشرت صورة لترامب، وهو جالس ويحدق في تحدي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عبر الإنترنت، وبعد ذلك، اتهم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بإصدار "تصريحات كاذبة" حول الخلافات حول الرسوم الجمركية، كما تراجع عن تأييد بيان للقمة وقعه الزعماء المشاركين فيها، كان قد وافق بالفعل على توقيعه.

اقرأ المزيد: قمة ترامب مع بوتين تثير قلق حلفائه الأوروبيين

وأثناء زيارته لإنجلترا، أجرى مقابلة مع صحيفة "الصن" البريطانية، انتقد خلالها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بشدة، بسبب نهجها في خطة خروج بريطانيا من الاتحاد.

وفي اجتماع لحلف الناتو، انتقد أعضاء التحالف بسبب الإنفاق الدفاعي، وقبل الاجتماع مع بوتين، وصف ترامب الاتحاد الأوروبي بأنه "عدو" في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية.

ودافع العديد من مؤيدي ترامب عن هذه المناوشات مع الزعماء الأجانب، باعتبارها تصحيحيًا ضروريًا لضعف الإدارة الأمريكية في الماضي، فيما أشار الرئيس نفسه إلى أن هذا جزء من استراتيجية "أمريكا أولًا"، إلا أن العديد من المراقبين لم يتمكنوا من رؤية هذا النهج أمام الرئيس الروسي في قمة "هلسنكي".

شارك الخبر على