نافذة من موسكو.. قمة هلسنكي روسيا بين إيران وإسرائيل

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

د. فالح الحمراني
عشية قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في العاصمة الفنلندية هلسنكي التي تعقد اليوم الثلاثاء، شهدت موسكو حراكا إسرائيليا إيرانيا لعرض دعاوى كل منهما للرئيس الروسي فلاديمير والطلب منه ممارسة الضغط على الآخر لتحقيق أجندته. ولحد ما غادر ممثلو إسرائيل وإيران العاصمة الروسية بقيت سقوف مطالب تل أبيب وطهران لبعضهما الآخر تعجيزية. إسرائيل تطالب بانسحاب إيران من كافة إنحاء سوريا، فيما تقول طهران إنها لن تخرج لا من سوريا ولا من العراق إلا بطلب من حكومتي بغداد ودمشق، لأنها متواجدة هناك بطلب مشروع من الدولتين. إضافة إلى ذلك أن الموضوع الإيراني سيكون في صدارة القضايا التي ستناقشها قمة هلسنكي، وتناقلت وكالات الأنباء عرض غربي على بوتين بالتخلي عن الحليفة إيران مقابل تخلي الغرب عن أوكرانيا، أو بالتحديد الاعتراف بانضمام القرم لروسيا، ورفع العقوبات التي فرضت على خلفية الأزمة الأوكرانية.وكما كان متوقعاً أصبح حضور ايران العسكري في سوريا الموضوع الرئيس في مباحثات الرئيس بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 11 تموز الحالي. وتعرب تل ابيب عن القلق من التصعيد والتحركات العسكرية بالقرب من منطقة الجولان المحتلة. وحسب المصادر الروسية فان موسكو موافقة على وجوب انسحاب التشكيلات المسلحة الخاضعة لإيران عن الحدود مع إسرائيل . ويقول المحللون " بيد أن الساسة الإيرانيين يلمحون بدورهم إلى إنهم لن يتخلون ببساطة عن مواقعهم".وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالتصدي لأي عملية عسكرية تستهدف حدود بلاده مع سوريا، وقال إسرائيل على استعداد لاستهداف أي محاولة لخرق الحدود مع سوريا، وطالب سوريا بالالتزام باتفاقية فك الاشتباك الموقعة في العام 1974.وأبلغ نتنياهو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اعتراضه على محاولات سوريا انتهاك مبادئ فك الاشتباك الموقعة بين الطرفين، وبأن الجيش الإسرائيلي سيعمل، بكل قوة، على استهداف أي محاولة لخرق هذه الاتفاقية أو خرق الحدود المشتركة " وطالب بخروج القوات الإيرانية الخروج من سوريا وأن تقوم روسيا بالضغط على حلفائها الإيرانيين في سوريا، وتقوم بإخراج وإبعاد القوات الإيرانية القريبة من الحدود الإسرائيلية إلى خارج الأراضي السورية، كما طلب نتنياهو التنسيق مع بوتين في سوريا حتى لا تتدهور الأوضاع فيها، وفي حال مشاهدة الجيش الإسرائيلي لقوات إيرانية فإنه مسموح لهم بمهاجمتهم وكذلك قوات حزب الله اللبناني في سوريا.وصارت إسرائيل في الفترة الأخيرة تعيد الأذهان لاتفاقية فك الاشتباك وإنشاء منطقة عازلة بين الجيشين السوري والإسرائيلي، فضلا عن مرابطة قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. وتزامنت إعادة إسرائيل الأذهان لتلك الوثيقة التي مضى عليها 40 عاماً مع بدء قوات الرئيس بشار الأسد عملية في جنوب غربي سوريا. وتخشى إسرائيل بالدرجة الأولى من إن تسيطر التشكيلات الموالية لإيران لاسيما حزب الله وقوات حرس الثورة الإيرانية، على مناطق جنوب غربي سوريا. وقد كشف عن تلك المخاوف وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان، الذي قام عشية زيارة نتنياهو لموسكو بزيارة مرتفعات الجولان. ونقل عنه قوله: "ليس ثمة أساس للوجود الإيراني في سوريا ، نحن غير مستعدين التهادن مع ذلك في أي جزء من سوريا".وبعد مغادرة نتنياهو وصل موسكو علي اكبر ولايتي مستشاري الزعيم الروحي الإيراني، حيث سلم الرئيس الروسي رسالتين من الزعيم الروحي ومن رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وتعلن روسيا الآن عن بيانات حذرة بصدد الموقف الحساس، وتعقد الآمال على تسوية الخلافات بين إيران وإسرائيل حول هذا الموضوع بالطرق السياسية. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شيغو في حديث صحفي: إن استخدام ايران وإسرائيل القوة سوف يؤجج النزاعات أكثر في الشرق الأوسط. وأضاف " أما ما يتعلق بالتوتر بين إيران وإسرائيل أو غيرها من البلدان فان موقفنا ينحصر بالالتزام بحل الخلافات والتناقضات عن طريق الحوار، وليس بقوة السلاح، وانتهاك معايير القانون الدولي. وأضاف " بوسع البلدان التحلي بضبط النفس". وعلى حد قوله "إن دور إيران في استقرار سوريا هام".وتجري روسيا الآن مباحثات مع إيران بشأن مصير جنوبي سوريا، الذي كما أكدت موسكو مراراً وتكراراً ينبغي أن يكون بعد تحقيق النصرعلى الجماعات المتطرفة، خالٍ من جميع " القوى غير السورية". بيد إن طهران لا تميل إلى التخلي عن قواعدها. وتتهم إسرائيل بمحاولة الهيمنة على سوريا والاستفراد بها بعد هزيمة داعش. ولا ترحب روسيا بمطالب الغرب وإسرائيل وغيرها الداعية إلى وجوب مغادرة ايران من مواقعها الحالية وليس من سوريا وحدها، ولكن من المنطقة بأسرها. " وترى إن خروج إيران من كل مكان، والانغلاق داخل حدودها. " أمر غير واقعي على الإطلاق" وقال وزير الخارجية الروسية لافروف :" ليس من الممكن حل مشاكل المنطقة من دون مشاركة دولها الرئيسة، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر وغيرها الكثير من الدول. إن لدى جميع دول المنطقة مخاوفها الخاصة، ولدى العديد منها ادعاءات بعضها ضد البعض الآخر. وكما هو الحال في أي منطقة أخرى من العالم، يتعين البدء من الجلوس خلف طاولة المباحثات، وعرض المخاوف والبدء بالاتفاق حول كيفية إزالتها على أساس مقبول من الطرفين. لا يوجد طريق آخر. ومن الضروري التحرك بالمثل في حالة التسوية السورية أو أية تسوية أخرى في هذه المنطقة المضطربة". إن الرئيس بوتين يستعمل بمهارة موقعه المميز في النزاع المتعلق بسوريا وإيران. وموسكو متمكنة من الالتزام بموقف محايد في الحوار مع طهران وإسرائيل. ولكن نتنياهو وترامب يبذلان الجهد لفصل روسيا عن ايران والانضمام للمعسكر المناهض لها، وهذا أيضا غير واقعي على الإطلاق.

شارك الخبر على