وعود الخدمات لم تهدِّئ البصرة.. والتظاهرات تجتاح محافظات في الوسط والجنوب

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

* الحكومة تقطع الإنترنت وتسحب 9 أفواج عسكريّة من مناطق ساخنة
 بغداد/ وائل نعمة
عشيّة الذكرى الـ60 لإسقاط الملكية وإعلان الجمهورية الأولى في العراق، غطّت الاحتجاجات على النقاشات التقليدية التي تجري في كل عام في هذا التوقيت بين أنصار ومعارضي الرئيس الراحل عبدالكريم قاسم، في وقت صعّدت فيها القوات الأمنية من حالة الإنذار إلى الدرجة القصوى بعد إحراق مقرات للأحزاب وسيطرة متظاهرين لساعات على مطار النجف.
وتسببت موجات الغضب الشعبية التي انتقلت من البصرة الى محافظات أخرى، والتي تلمّح بعض الأطراف السياسية إلى أنها مدعومة من جهات مسلحة أو حزبية، بإغلاق مطارالنجف على الرغم من إعلان الحكومة استئناف الرحلات فيه، فيما أغلق المحتجون منفذين من أكبر المنافذ الحدودية في جنوب العراق ويسعون الى تعطيل العمل بمينائين بحريين أيضا.
ودفعت الاحتجاجات في عدد من المحافظات الجنوبية والوسطى، إلى حدوث اشتباكات مسلحة بين القوات الامنية وحمايات الاحزاب التابعة بعضها الى الحشد الشعبي من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى، ما تسبب بإصابة العشرات من الطرفين، وارتفاع عدد القتلى من جانب المتظاهرين إلى 4، منذ اندلاع التظاهرات في الأسبوع الماضي.
ووصل عدد المقرات التي تم حرقها الى أكثر من 10، أغلبها تابعة لحزب الدعوة، والفضيلة، والحكمة. وفيما ردت حمايات مكاتب تابعة لأحزاب"الحشد"بالنار على محاولات اقتحامها. وقد اقتحم المتظاهرون مبنى محافظة ميسان، كما أصبحت التظاهرات قريبة جداً من حقول النفط الرئيسة في البصرة.
 
قوّات لفضّ التظاهرات
بالمقابل ردت الحكومة بنشر عدد من القوات الأمنية في المحافظات التي شهدت احتجاجات، حيث أشارت مصادر لـ(المدى) إلى أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، سحب"9 أفواج"من تشكيلات أمنية متعددة من مناطق ساخنة وبعضها كانت محتلة من قبل داعش، للسيطرة على الأوضاع في الجنوب، في وقت ما زالت فيه الحملة العسكرية في شمال بغداد مستمرة لملاحقة فلول التنظيم.
وتسربت وثيقة، لم يتسنّ لـ(المدى) التأكد من صحتها، موجهة من قيادة العمليات المشتركة التي تدار مباشرة من قبل العبادي، الى وزارتي الدفاع والداخلية، والى أجهزة المخابرات، والشرطة، ومكافحة الإرهاب، وأركان الجيش، والقوات البرية وغيرها من التشكيلات، بإعلان حالة الإنذار (ج)، وهو أعلى درجات الطوارئ.
كذلك أكد المجلس الوزاري للأمن الوطني (وهو تشكيلة حكومية مصغرة من الوزارات الأمنية)، أمس السبت، أن القوات الأمنية ستتخذ الإجراءات  كافة الرادعة بحق"مندسين يحاولون الاستفادة من التظاهر السلمي للتخريب". وأشار المجلس عقب اجتماع دعا إليه رئيس الوزراء لمناقشة الأوضاع في البلاد، الى أن حماية المواطنين وممتلكات الدولة من واجب القوات الأمنية.
يأتي ذلك في وقت انقطعت فيه خدمة الإنترنيت والـ(ثري جي) في الهواتف النقالة، بعدما بدأت رقعة الاحتجاجات تتسع اعتمادا على نداءات وجهت عبر منصات التواصل الاجتماعي. وانتشرت مطلع تموز الجاري ملصقات في شوارع العاصمة وعدد من المحافظات، حملت وسم (نداء 88)، وجرت التفسيرات بأنه دعوة لتظاهرات كبيرة، لكن وجهت حينها الاتهامات الى حزب البعث المحظور بالتحضير لانقلاب. كما تحدث عدد من السياسيين مؤخرا الى وجود ما اسموه بـ"الخطة ب"، وهو سيناريو لنظام بديل عن النظام السياسي الذي تشكل بعد عام 2003.
ومنذ مساء الجمعة الماضية لم تهدأ البصرة، التي دخلت فيها الاحتجاجات الأسبوع الثاني بسبب انقطاع الكهرباء وشح مياه الشرب في أجواء شديدة الحر تكاد تكون الأعلى في العالم. وقرر المتظاهرون نصب خيم الاعتصام أمام مبنى المحافظة، ما يعني قطع الطرق وتعطل الحياة العامة.
 
خطر توقّف ضخّ النفط
بدوره قال عبدالسلام المالكي، وهو مرشح فائز عن دولة القانون في المحافظة،"هناك خطر في توقف عمليات استخراج النفط، حيث تجري الاحتجاجات بالقرب من الحقول". وأشار الى أن"الشركات الأجنبية حذرت من أن توقف العمل سيعني صعوبة استئنافه فضلا عن احتمال احتراق النفط الخام".
وتعمل في البصرة، التي تنتج يومياً 3.4 مليون برميل نفط، عدد من الشركات الاجنبية في مجال البترول أبرزها (لوك أويل، وشل)، حيث تتابع تلك الشركات الوضع بترقب شديد، فيما لم يسجل حتى الآن توقف أي منها على العمل أو إجلاء العاملين فيها.
وأثار رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي وصل الجمعة الماضية الى البصرة قادماً من بروكسل عاصمة بلجيكا، غضب سكان المحافظة بعدما أجرى أول لقاءاته بقادته العسكريين بدلا من مخاطبة الجمهور، بالاضافة الى قوله بأنه سينشئ محطات لتصفية المياه لكنها ستعمل بعد 3 سنوات!
وهاجم السكان الغاضبون مكان اجتماع العبادي مع زعماء العشائر في البصرة في فندق شيراتون وسط المدينة، فيما أشارت أنباء الى هروب العبادي من الباب الخلفي للمبنى. وأكد المرشح الفائز عن البصرة في تصريح لـ(المدى) أمس، أن اللجنة الوزارية التي أرسلها العبادي الى المحافظة بعد الاحتجاجات"لم تفتح مكتباً لاستقبال تعيين 10 آلاف موظف كما وعدت، كما ما زالت المياه الصالحة للشرب شحيحة والكهرباء تقطع 6 ساعات يوميا".
وأوضح عبدالسلام المالكي أن"المتظاهرين أغلقوا منفذي سفوان والشلامجة، وعطلوا العمل في مينائي أم قصر الجنوبي والشمالي"، مؤكداً أن"التظاهرات لن تتوقف ما لم تتم تلبية مطالب المحافظة".
وزادت وتيرة التظاهرات بعدما دخلت "المرجعيّة" على خط  الأزمة وأيدت الاحتجاجاتت بشرط عدم تخريب الأماكن العامة، كما كان قد عرض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، المساعدة بإخراج الملايين من أنصاره لدعم التظاهرات.
 
حرق مقرّات الأحزاب
وفي النجف، أكد رزاق شريف، مسؤول التيار الصدري في المحافظة أن"مطار النجف أغلق الملاحة فيه بالكامل، وأن شركات الطيران تخشى هبوط طائراتها بعدما دخل المتظاهرون الى المدرج". ويستقبل المطار في فترات الذروة 270 طائرة يومياً، فيما انتقد المسؤول الصدري قيادة العمليات التي تركت"المخربين"يعبثون بممتلكات الدولة.
وأحرق المتظاهرون مساء الجمعة منزلي فايد الشمري وجواد الكرعاوي، وهما رئيس ونائب مجلس إدارة المطار، الذي تحوم حوله شبهات فساد، فيما قال رزاق في اتصال مع (المدى) إن"2 من المندسّين الذين حاولوا سرقة المنزل اختنقا بالدخان بعد حرقه".
كذلك أحرق المحتجون منزل النائب السابق صادق اللبان في المحافظة، ومقرات حزب المؤتمر، والحكمة، والدعوة، والدعوة تنظيم العراق، والفضيلة، فيما أكد أن"كتائب حزب الله والعصائب ردت بشكل قاسٍ عبر إطلاق النار على محاولات المتظاهرين باقتحام مقراتها"، كما اقتحم المتظاهرون مبنى المحافظة لكن لم يعبثوا بأثاثه.
وفي سياق متصل، طالت الحرائق مكتبي حزب الدعوة والفضيلة في جنوب مدينة الحلة، بعدما دخلت المدينة ضمن دائرة المدن المحتجة، حيث قطع متظاهرون منذ صباح أمس شارع الإمام علي وسط الحلة وأحرقوا إطارات قبل أن تفرقهم القوات الامنية، فيما تناقلت دعوات عبر"فيسبوك"صباح أمس، لانضمام بغداد إلى التظاهرات.
بالمقابل أحرق المتظاهرون في ميسان، مقرات حزب الدعوة، وبدر، والحكمة، والمجلس الأعلى، ومقر تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، فيما قال سرحان الغالبي وهو رئيس اللجنة الامنية بالمحافظة إن"هناك مندسين تحركهم أجندات سياسية لتخريب الوضع في المحافظة".
وأسقط المتظاهرون يوم الجمعة السياج الخارجي لمبنى المحافظة، كما خربوا المكاتب بالداخل، فيما أصيب 10 من القوات الامنية وضابط برتبه عميد في المواجهات مع المحتجين، على وفق ما قاله المسؤول المحلي. وأضاف الغالبي في تصريح لـ(المدى):"نحن ندعم التظاهرات، لكننا لن نقبل بالتخريب".

شارك الخبر على