«ثعابين البحيرة والعفن الهبابي والجلد العقدي».. أزمات تحاصر وزارة الزراعة

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

أزمات عديدة تحاصر وزارة الزراعة بعد انتشار مرض الجلد العقدي الذي يصيب الماشية  في 7 محافظات، فضلا عن مرض العفن الهبابي، الذي ضرب محصول المانجو هذا العام وانتشار الثعابين بمحافظة البحيرة، التي أودت بحياة 8 أشخاص، وإصابة آخرين، إضافة إلى نقص الأسمدة في عديد من المحافظات، خاصة محافظات الوجه القبلي.

العفن الهبابي 
قالت الدكتورة سحر الشرقاوي عبد الله، أستاذة أمراض الفاكهة بمركز البحوث الزراعية في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، إن مرض العفن الهبابي الذي يصيب المانجو ليس له تأثير على صحة الإنسان، لكنه يؤثر بشكل كبير على محصول المانجو، وأنه اجتاح هذا العام زراعات المانجو بمحافظة الإسماعيلية، وأفسد نسبة كبيرة منه، لأن هذا المرض يمنع وصول أشعة الشمس والضوء إلى الثمرة، مما يؤدى إلى تساقط الثمار، وذلك نتيجة عدم قيام المزارع بتقليم الحشائش، فضلا عن زيادة الرطوبة وانتشار الحشرات، وهو ما يتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة، لأنه محصول تصدير أساسا.

وأشارت الدكتورة سحر الشرقاوي، إلى أن أكثر الأصناف التي تأثرت بالمرض هذا العام، وذلك بناء على حملات لمكافحة المرض شاركت بها، هى أصناف المانجو العويسي والتيمور والزبدية، لافتة إلى أن المرض من الأمراض التي يمكن مقاومتها بسهولة إذا تمت العناية بالمحصول منذ البداية.

وكشف الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، عن سبب انتشار «العفن الهبابي»، الذي تسبب في انخفاض محصول المانجو، قائلًا: «العفن ينتج من إفراز حشرة قشرية، لمادة عسلية تجمع الأتربة على سطح أوراق الأشجار، مما يتسبب في إغلاق مسامها، وفساد الثمار».

وأوضح أن سبب انتشار «العفن الهبابي» هو عدم تقليم الأشجار، وعدم الاستمرار في غسيل الشجر بصابون البوتاسي المتوفر في الجمعيات التابعة للوزارة، بمعدل لتر لكل 100 لتر مياه، مؤكدًا استجابة الأشجار للمواد الكيماوية التي تصنعها الوزارة بشكل جيد جدا.

وتابع: «المزارعون بيجيبوا مواد كيماوية من الخارج لها أضرار على الأشجار لاحقًا، والوزارة بتوفر الصابون البوتاسي والزيت المعدني والنتائج كلها إيجابية جدا في محافظات كثيرة، ولا بد من الاستمرار في تقليم الأشجار وغسلها عدة مرات لمكافحة العدوى».

ثعابين البحيرة

قال الدكتور جمال جمعة، رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان بكلية الطب البيطري بجامعة قناة السويس، وهو القسم الوحيد المتخصص في هذا المجال، إن ظاهرة انتشار الثعابين بالبحيرة غير طبيعية وغريبة، لافتا إلى انتشار أنواع من ثعابين الكوبرا شديدة الخطورة والسمية بمحافظات الدلتا خاصة البحيرة.

وأوضح الأمين العام المساعد للاتحاد العربي للحياة البرية والبحرية في تصريحات لـ«التحرير»، أن زراعات الذرة تساعد على اختفائها، وأنها مع موسم التزاوج في شهور يونيو ويوليو وأغسطس تزداد أعدادها، وتبدأ في الخروج من جحورها، لافتا إلى أن هناك عوامل أخرى ساعدت على ظهورها مثل التغيرات المناخية، التي بدأت مؤشراتها تظهر متمثلة في ظاهرة انتشار الثعابين بمحافظة البحيرة.

وطالب "جمعة" بضرورة التدخل السريع من خبراء الحياة البرية، منوها بأن القسم على أتم الاستعداد في المشاركة في مواجهة هذه الأزمة، مشددا على ضرورة التوجه إلى المستشفى فور عملية اللدغ لتناول الترياق اللازم.

حسام عامر طلبة، خبير الحياة البرية بالاتحاد العربي لحماية الحياة البرية والبحرية، أكد لـ"التحرير" أن الموسم الصيفي تنتشر به الثعابين السامة مثل الكوبرا، منتقدا استخدام المحليات البيض السام في القضاء على الثعابين السامة، لأنها لا تتغذى على البيض أصلا، بينما هناك نوعان من الثعابين فقط، وهم غير سامين يتغذون على البيض وهما ثعبان الجداري وثعبان الفارغة، كما انتقد استخدام المبيدات، لأن الثعابين من ذوات الدم البارد القادرة على شم المبيد والهروب منه.

وأوضح أن أحد أسباب انتشار الثعابين بالبحيرة هو استصلاح الأراضي الذي يهدم بيوت الثعابين ويهدد أماكن عيشهم، وبالتالي تذهب إلى بيئات أخرى، كما تنتشر في البيئات الرطبة التي تزداد فيها الضفادع.

وحول الطريقة المثلى لصيد الثعابين السامة مثل الكوبرا أكد طلبة أن أفضل أسلوب هو تتبع الأثر ثم صيدها، وهذا يستغرق شهرين للقضاء على الثعابين تماما، مشيرا إلى أن الطريقة التي استخدمتها المحليات في البحيرة هي طريقة عشوائية وخاطئة منوها بأن الاتحاد يمكنه أن يشارك في حل هذه الأزمة. 

وطالب طلبة بتدريب الأطباء على حقن المصل، لأنه يمكن أن يكون المصاب لديه حساسية من المصل فيموت فورا بعد تلقيه المصل، لافتا إلى أن استخدام المبيدات لمواجهة الثعابين يضر بالزراعات كما يضر بالإنسان أيضا.

 الجلد العقدي

انتشر مرض الجلد العقدي، الذي يصيب الأبقار والماشية، في مختلف المحافظات، ما يهدد بتدمير الثروة الحيوانية في مصر، وانتقد خبراء بيطريون تقاعس وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية عن مواجهة المرض، وبخاصة قبل عيد الأضحى، إذ يزداد الإقبال على شراء اللحوم.

«الجلد العقدي» دخل مصر عام 1988، وظهر في المنطقة الشرقية عبر البدو الرحالة في محافظتي الفيوم وبني سويف، ثم انتشر في ربوع مصر. وهو مرض فيروسي، من أعراضه أن يصاب الحيوان بالحمى، ثم تظهر تكتلات على الجلد، ويصل بالحيوان إلى الهزال وضعف الإنتاجية.

الدكتور سامي طه، نقيب البيطريين الأسبق، قال في تصريحات لـ"التحرير" إن الأزمة تتمثل في برامج التحصين، التي تعوقها الإمكانات المادية، وقلة عدد العربات، التي تنقل الأطباء البيطريين، فضلا عن نقص أعداد البيطريين، نظرا لوقف التعيين منذ أكثر من 15 عامًا، وبالتالي أغلب الأطباء من كبار السن قليلي النشاط. واتهم طه، المسئولين عن قرار إلغاء التحصين المجاني للحيوانات في 2013، بالتورط في الكارثة، إذ تم تغيير القانون رقم 53 لسنة 1963، بقانون جديد يجيز لوزير الزراعة التحصين بمقابل مادي، ما جعل الفلاح غير قادر على دفع تكلفة التحصينات، حسب تعبيره.

ولفت إلى أن خطورة هذا المرض تتمثل في أنه ينتقل إلى الماشية عن طريق الباعوض، مطالبا ببرامج وقائية، لأن التحصين يكون مفيدًا قبل ظهور المرض وليس بعده.

وحذر نقيب البيطريين الأسبق، من بيع لحوم الحيوانات المصابة للمواطنين، مشيرا إلى أنه عند تناول الإنسان هذه اللحوم يتعرض لعدة أنواع من البكتيريا، فضلا عن إصابته بالتسمم الدموي.

عنتر أحمد، الأمين العام لنقابة الفلاحين في بني سويف، قال: "شهدت قريتي -قرية البرج بمركز ناصر- 18 حالة نفوق للماشية خلال أيام، ما جعل محافظ بني سويف يغلق أسواق الماشية، نظرا للانتشار السريع للمرض".

وأضاف "أحمد"، في تصريحات لـ"التحرير"، أن العدوى تنتشر بشكل سريع جدًا، والوحدات البيطرية تعالج وتحصن دون جدوى بمقابل مادي يصل لـ17 جنيهًا للجرعة الواحدة، لافتا إلى أن وزارة الزراعة أنكرت ظهور المرض، رغم أنني أبلغتهم فور ظهوره، حسب تعبيره.

وطالب الأمين العام لنقابة الفلاحين في بني سويف، مديريات الطب البيطري بإنشاء صندوق الكوارث لمواجهة مثل هذه الأمور، كما لا بد من تعويض الفلاحين عن الخسائر، وكذا تفعيل دور الإرشاد البيطري للتوعية بالمرض ومخاطره.

من جانبها، قالت الدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية، لـ«التحرير»، إن مرض الجلد العقدي هو مرض فيروسي ينتقل للماشية من خلال البعوض، وإنه وصل إلى 7 محافظات حتى الآن أكثرهم إصابة بني سويف والفيوم. 

وأضافت أن وزير الزراعة خصص 300 ألف جنيه لمواجهة المرض لشراء أدوية للحالات الطارئة لمواجهة المرض، لافتة إلى أن الوحدات البيطرية تحتاج إلى تطوير.

وألمحت إلى أن وجود صندوق التأمين على الماشية الذى يحصل نسبة قليلة جدا تصل الى 1.5% فقط من سعر الماشية لتعويض المربين والمزارعين في حالة إصابة حيواناتهم أو نفوقها كما يقوم برعاية الحيوان وتحصينه ضد الأمراض. 

خلل في منظومة الأسمدة
انتقد وزير الزراعة منظومة توزيع الأسمدة قائلا «هناك خلل في منظومة توزيع الأسمدة، وأهم أسباب هذا الخلل هو وجود سعرين في السوق السوداء، وعدم التزام بعض شركات الأسمدة بتوريد الحصص المقررة لها للسوق المحلي، لأنه سيكسب أكثر عندما يقوم بتصديره».

وأوضح أن ما وردته شركة أبو قير للأسمدة من حصتها المقررة 92.1%، بينما وردت شركة الدلتا 38.3% من حصتها المقررة، ووردت شركة المصرية للأسمدة 44% وشركة الإسكندرية للأسمدة 97% وشركة حلوان للأسمدة 47.9% وشركة موبكو 64% وشركة إي إن سي 19% فقط.

وتابع وزير الزراعة «نحتاج للحسم مع الشركات التي تتقاعس وتماطل وتسوف في توريد حصص الأسمدة». لأن هذه الشركات في الحقيقة تظلم الفلاح المصري، ولا بد أن تحاسب على أضرارها للفلاحين. 

وأشار إلى أن هناك محافظات يورد لها 82% من الأسمدة مثل محافظات الوجه البحري، وهناك محافظات في الوجه القبلي يورد لها 44% مثل أسيوط.

الدكتور شريف فياض أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة قال في تصريحات خاصة لـ«التحرير» إن أهم أسباب تخفيض هذه الشركات لإنتاجها، أنه بعد تخفيض دعم الطاقة زادت تكلفة الإنتاج وبالتالي أصبحت الميزة النسبية لهم هى التصدير وذلك لأنهم يبيعون هذه الأسمدة بالأسعار العالمية مما يعوضها عن السعر المحلي. 

وأوضح أن شركات الأسمدة تحاول أن تقلل من حصتها داخل السوق المحلية وتزيد من حصتها التصديرية للحصول على أرباح أكثر، لافتا إلى أن هذه الشركات ليس لديها البنية التسويقية اللازمة ولا بد من الدعم التسويقي لها.

وطالب فياض برفع الدعم عن المنتج الذى يتم تصديره للخارج، بينما ينظر للمنتج في الداخل باعتبار آخر. وأشار إلى أن نقص الحصص السمادية للفلاح يجعله يتجه للقطاع الخاص الذي يرفع أسعارها، وبالتالي سيحصل الفلاح على الأسمدة بأسعار أعلى من سعرها الحكومى مما يخلق سوقا سوداء ويرفع سعر الإنتاج الزراعي في النهاية على المستهلك.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على