محمد أمين مكشوف عنه الحجاب.. أفلامه توقعت أزمة «أطفال الكهف» وخراب سوريا

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

جلست الأمهات في جميع أنحاء العالم بمُختلف الديانات تُصلي من أجل أن يخرج 12 صبيًا ومدربهم في تايلاند، علقوا في كهف هناك.. الصبية كانوا قد انتهوا من تدريبات كرة القدم، ثم توجهوا في رحلة مع مدربهم داخل أحد الكهوف، إلا أنهم بعد سيرهم مسافة 2 كيلو داخل الكهف، الذي يبلغ عُمقه نحو كيلو أسفل الأرض، حدث ما لم يكن يتوقعونه، حيث انقلبت الأحوال الجوية وهطلت الأمطار، ما أدى لحدوث فيضانات غزيرة غمرت الأماكن المُنخفضة من الكهف بالكامل، ليصبحوا هم أسفل الأرض والمياه تسد بالكامل طريق عودتهم، ولتبدأ واحدة من أعظم قصص التضامن الإنساني، وهي جهود إنقاذهم.

فرق الإنقاذ سابقت الزمن لإخراج الأطفال ومدربهم، قبل أن تزداد الأحوال الجوية سوءًا، فقد كانوا يخشون من أن تصل المياه إلى مستوى تصبح جهود الإنقاذ مُستحيلة.. تحدوا كل الصعاب، وطوال تسعة أيام، عَمِل 90 غواصًا، 40 من تايلاند و50 من عِدة دول، على قدم وساق لإعادة الأطفال ومدربهم لأسرهم، وبالطبع كُل من تابع هذه الأزمة فكّر في أنها تصلح أن تكون فيلمًا سينمائيًا مشوقًا، وبالفعل التقطت هوليوود  الفكرة، وستحولها إلى فيلم قريبًا.

«الحكومة مش هتسيبنا»
«التنبؤ» واستشراف المستقبل، ظاهرة معروفة في السينما، وقد تتراوح هذه التنبؤات بين رؤية دقيقة لبعض الوقائع، وأخرى غير واقعية، وقد تكون في الكثير من الأحيان مضحكة، ونذكركم بأن المُخرج والمؤلف محمد أمين قدم قصة مشابهة لحكاية «أطفال الكهف»، وذلك في فيلم «فبراير الأسود»، حينما قرر «الدكتور حسن» -خالد صالح- أن يأخذ أسرته في رحلة للتمتع بالصحراء، فتنقلب الأجواء ليسقطوا ومعهم آخرون في الرحلة، داخل الرمال المُتحركة ساعات طويلة، فيما حاول حسن أن يتحلى بالصبر، قائلًأ: «الحكومة مش هتسيبنا»، وهو ما حدث بالفعل، لتأتي فرق الإنقاذ، لكنها تنتشل أشخاص معينين، وهم الذين يمتلكون السلطة والنفوذ، ويعملون في جهات سيادية.

لم يقصد محمد أمين، الذي اعتاد على تكسير التابوهات في أفلامه، أن يتنبأ بحادث «أطفال الكهف»، لكنه رسم هذا المشهد الذي تحقق بعد سنوات طويلة، ليظهر لك الفارق في التعامل، ففي الفيلم ترك «الدكتور حسن» وأسرته ليلقوا مصيرهم، فيما سخرت الدولة الآسيوية البسيطة كل إمكانياتها لإنقاذ الأطفال ومدربهم.

«العيب في النظام»
استشراف محمد أمين المستقبل لم يكن صدفة أو «لقطة وعدت»، فأفلامه دائمًا ما تحتوي على نبوءات حدثت بالفعل، فبداية محمد أمين كانت في فيلم «فيلم ثقافي» عام 2000، الذي تناول من خلاله قضية الرغبة الجنسية المُلحة لدى الشباب من خلال ثلاثة شباب يحاولون طيلة الفيلم أن يشاهدوا «فيلم إباحي»، وتطرق أمين خلال الفيلم لأزمة البطالة والعنوسة وقلة فرص الزواج نظرًا لقلة الإمكانيات المادية للشباب، وكيف يؤثر هذا الأمر في تشتيت أذهانهم وتحويلهم من قوى تدفع المُجتمع للإمام إلى «عالة» عليه.

وطيلة أحداث الفيلم، هُناك شخص يلجأ له هؤلاء الشباب في أزماتهم اسمه «برايز»، وهو المُتحكم الأكبر في شبكة كبيرة تضم مئات من الشباب الباحثين عن الأفلام الإباحية، وفي المشهد الأخير، يقدم أمين رسالة مهمة على لسان «برايز»، حينما قال «العيب مش فيكم العيب في النظام»، وهي الجُملة التي كانت أيقونة الشباب في ثورة 25 يناير.

لم يلتفت محمد أمين خلال هذا الفيلم لمقولة أن «الشعب المصري مُتدين بطبعه»، ولم يخف من الهجوم الشديد الذي حدث عليه بالفعل، وكأنه كان يختلق أزمة، وأنها ليست موجودة على أرض الواقع، وبعد غزو الإنترنت، وأصبحت سلوك الشبكة العملاقة تجري في شوارع وحواري وأزقات مصر، كشفت محركات البحث "جوجل" أننا من بين الدول المتصدرة في مشاهدة الأفلام الإباحية.

«افتح القوس وزود سوريا»
أما فيلمه «ليلة سقوط بغداد»، الذي قدمه عام 2005، فأكد فيه أن سقوط بغداد يعني سقوط كُل العواصم العربية، وأن التدخل الأمريكي في العراق سيتبعه تدخل في بُلدان عربية أخرى.. «إيفيه» الفيلم كان اللقطة التي تكررت كثيرًا بعد إعلان أمريكا فرض عقوبات قد تصل لحد الحصار الكامل على بلد من البُلدان العربية، ومنها «سوريا»، فيأتي ناظر المدرسة «شاكر» -حسن حسني- في اليوم التالي، ويأمر الطلبة بفتح القوس في اليافطة المُعلقة على باب المدرسة للتضامن مع البُلدان العربية والإسلامية، ويضيف بلدا جديدًا «افتح القوس وزود سوريا»، وكان ترتيب البُلدان في اليافطة «أفغانستان - العراق - إيران - سوريا»، وبالتأكيد سنعمل بنصيحته حين قال «سيب القوس مفتوح محدش عارف مين هيدخل تاني».. هذه النبوءة تحققت، وها نحن اليوم شهود على سوريا وحالها، الذي لا يسعد حبيبا، وبالطبع يروق لعدو مثل إسرائيل، فبعد 7 سنوات من الحرب، حصدت أرواح مئات الآلاف، وتشرد أكثر من نصف أهل الشام، وبالطبع البصمة الأمريكية حاضرة في تلك الأزمة.

إذا كان المُمثل هو قلب السينما، فالمُخرج هو عقلها المُفكر، ومحمد أمين أثبتت الأيام أنه عقل ناضج، لديه قراءة خاصة للأحداث والمواقف الاجتماعية والإنسانية والسياسية، لذلك نجح أكثر من مرة في اقتناص المُستقبل.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على