كلاكيت كالفينو.. تجربة مع السينما

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 علاء المفرجي
ولدت السينما بفضل عبقرية مخترع، وكُرست كصناعة بجهود علماء أضافوا خلال مسيرة المئة عام الكثير إليها، وكُرست كفن بفضل رجالاتها الحالمين، هذا الفن (وليد الالة) يقف في مواجهة الفنون الأخرى كونه الفن الأكثر أصالة، وقد نصل الى وقت تكون فيه السينما الفن الوحيد القادر على الاستجابة للاحتياجات الجماعية الكبرى كما يرى (هنري آجيل) فمبدعو السينما الكبار عرفوا كيف يثرون المواقع بلجوئهم الى ثروات المخيلة الانسانية التي لا تنضب فلا غرابة أن يكون فن السينما هو الأكثر استقطاباً للمشتغلين من كل الاجناس الابداعية الأخرى ليثروا بها منجهزهم الابداعي فالكثير من الأدباء وخاصة في نصف القرن الأخير راحوا اليها عارضين خدماتهم حتى أصبحت لبعضهم جزءاً من تكوينهم الابداعي ، اندريه مالرو يقدم مشروعه عن سايكولوجية السينما ويصنع سيناريو شريط (الأمل) بينما يرتبط اسم مارغيت دوراس طليعة كتاب الرواية الجديدة بواحد من أهم كلاسيكيات السينما (هيروشيما حبيبتي).. وكاد جان كوكتو أن ينصرف عن الشعر بسبب عشقه للسينما التي وجد فيها (الكتابة بالصور)، وفهم أبولنير وأراغون وبريخت وبريفر الرهانات المعلقة بهذا الفن الجديد الى الحد الذي جعلهم يعملون فيه.(ايتالو كالفينو) الذي اسهم في منح الثقافة الايطالية شخصيتها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تزامن ابداعه تألق السينما الايطالية عبر أهم منعطفاتها، الواقعية الايطالية روسلليني، فلليني . . ألخ يوثق عشقه للسينما في نص تتخمه مجموعته (الطريق الى سان جيوفاني) يحمل عنوان (مذكرات مرتاد سينما) يقف فيه كالفينو متأملاً، مراقباً تحولاتها، راصدا حركة شخصياتها وكأنها من صنع الأحلام، تارة برؤية عاشق يتوله بعالم ينبثق له في حلكة الظلين، وأخرى ببصيرة ناقد يجهد في استيعاب مرموزات هذا العالم، فهو يرى أن السينما مرحلة لا غنى عنها في تكوين الشخصية من أجل فضاء مختلف للمرء..في هروبه من المدرسة للسينما كان يرى انصاف أشرطة، وقد أكمل بعضاً منها في التلفاز بعد أربعين عاماً، دخول السينما والخروج منها فيه تباين لوقتين مختلفين.. الوقت الطبيعي ووقت الشريط (تعطيل مؤقت للزمن، أو في إدامة حياة الخيال) ثم العلاقة مع السينما تؤشر لعلاقات مع مدن وعوالم مختلفة كجزء من تجربة أكثر تعقيداً وجود النساء في السينما له طابعه المتفرد ويثير في الذاكرة نمط تصور خاص يعلق في الذهن الانفعال الاول لمشاهد (غريتا غاربو) أو مثالياً كمارلين ديتريش التي تظهر كموضوع للرغبة وإنموذج المرأة التي تنافس الرجال في العزم والتصميم والذكاء يجده في (ميرنا لوي)..يكتشف كاليفينو طبقا لمذكراته السينما الفرنسية التي يجدها تختلف تماماً عن الاميركية في كونها (تعطي دوراً كبيرا بتوطيد الرابط الخاص بي الأماكن التي عرفتها من التجربة والأماكن الأخرى.. السينما لديه تاريخ أو ربما مسافة بعد انتهاء الحرب الي حظرت فيها الاشرطة الاميركية يرى مرحلة الفاشية شريطا فاتته بدايته ولم يتمكن من تخيل نهايته..في مذكراته هذا المرتاد تشخيص دقيق لواقع السينما الايطالية حيث (يستطيع المرء توقع الكثير من التميز الفردي للمخرجين لكن القليل جداً مثل أسطورة متوهجة تجتاح ذاكرته حيث تواصل الطفولة واقتراب الرؤية.. فلليني لم يفقد أبداً الاتصال بالجمهور حتى بعد ان صارت أشرطته أكثر تعقيدا.. فضيلة فيلليني انه يجعلنا نعترف بان اقصى ما ينبغي الابتعاد عنه يرتبط بنا في الواقع.. وان الشريط الذي نشاهده ليس سوى حكاية أيامنا).يرى كالفينو إن السينما تعلمنا كيف نندمج ونتكيف مع الخرافة لكي نستثمر آمالنا فيها وتجبرنا أن نعي كيفية رؤية وجودنا اليومي..

شارك الخبر على