موسيقى الاحد صمويل كولرج– تايلر

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 ثائر صالح
كتبت عن الموسيقية الأمريكية الزنجية فلورنس برايس (1887 – 1953) في آذار الماضي. وهناك مؤلفون زنوج آخرون أبدعوا في مجال الموسيقى. ففي الولايات المتحدة لايمكن تصور الجاز دون المغيني والموسيقيين والمؤلفين الزنوج، فهو فن زنجي خالص، لكنه لم يبرز سوى في القرن العشرين. فقد الغيت العبودية رسمياً في 1860، لكن التمييز ضد الزنوج لم يتوقف، وحرموا من المشاركة في الحياة الثقافية وحصلوا فرصاً أقل في التعليم. أما في أوروبا، فعدد الموسيقيين معدود لأسباب معروفة أهمها قلة عددهم في هذه القارة. فقد كتبت مرة عن الفارس جوزف بولون دو سنت-جورج (1745 – 1799) عازف الكمان الماهر والمؤلف الفرنسي الذي تحدر من اصول افريقية / كاريبية، الذي قاد فرقة كونسير دو لا لوغ اوليمبيك الباريسية في أول إداء لسيمفونيات يوزف هايدن الباريسية الست سنة 1786. أما اليوم فسأتحدث عن موسيقي آخر في اوروبا هو صمويل كولرج – تايلر (1875 – 1912) الذي ولد في لندن لأب من سييراليون (غرب أفريقيا) اصله من العبيد الأمريكيين الذين حررتهم بريطانيا خلال حرب الاستقلال الأمريكية (1775 – 1783) وام انكليزية. كان الأب طبيباً لكنه سرعان ما عاد الى وطنه بسبب العراقيل التي واجهها في مهنته لأسباب عنصرية. أسمته امه بهذا الاسم تيمنا بالشاعر الانكليزي الرومانتيكي الشهير صمويل تايلر كولرج (1772 – 1834).تزوجت امه من رجل اعمال انكليزي، وبدأ صمويل بتعلم العزف على الكمان في الخامسة وانظم الى كورس كرويدون في العاشرة. بعدها درس الكمان في الكلية الملكية للموسيقى التي ترددت طويلاً في قبوله خوفاً من ردود أفعال الطلبة وأهلهم، ثم تحول الى دراسة التأليف الموسيقي. تعرف على غوستاف هولست ورالف فون ويليامز وآرثر سوليفان وحازت مؤلفاته على نجاح واضح ودعمه هؤلاء الموسيقيون. وكانت أعماله تطبع وتؤديها الكورسات بكثرة، فانتشرت بين الناس. وكانت حركة الكورس في بريطانية قوية على الدوام، وكان الغناء في كورس أمراً اعتيادياً بالنسبة للكثير من الناس.اشتهر عمله الغنائي عرس هياواثا (1898)، ولعله أهم مؤلفاته، وهو واحد من الأعمال البريطانية الأكثر شيوعاً في العقود الأولى من القرن العشرين. اهتم بالموسيقى الأفريقية وألف اعمالاً "أفريقية" بتأثير رقصات برامز المجرية ودفورجاك السلافية وموسيقى غريك النرويجية، لكنه لم يزر أفريقيا قط.اشتهرت أعماله بين صفوف السود في امريكا، فأسسوا كورس أسموه باسمه. استقبلوه بحفاوة عندما زار الولايات المتحدة في 1904 واستقبله الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت. وفي زيارته الثانية سنة 1910 قاد فرقاً موسيقية أمريكية (رغم رفض عدد ضئيل من الموسيقيين العزف مع أقرانهم تحت قيادته)، وكانت هذه سابقة في أوانها، إذ لم يقود فرقة أمريكية شخص أسود قبله. أسماه موسيقيو نيويورك مالر الأفريقي.فقد مخطوطة أخر عمل له (كونشرتو كمان ألفها في 1911) في طرد بعثه الى امريكا، ويقال انه غرق مع سفينة تيتانيك. فقام بكتابتها من جديد.توفي سنة 1912 بالتهاب الرئة بسبب الاجهاد والعمل المتواصل لتأمين معيشة عائلته التي تكونت من طفلين وزوجته الانكليزية.

شارك الخبر على