التقريب المؤقت

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

حسين الصدر
- 1 - لن يستطيع الباحث المعاصر أن يقف على حقيقة ما كان ينطوي عليه السلاطين في القرون الماضية .. إنه يقرأ أخباراً يحاول أن ينتزع منها الاسرار ..!!وهذا لا يُقاس بمن عمل معهم ،ووقف على دخائل نفوسهم ،وحصّل من المعرفة بأوضاعهم وأحوالهم ما لا يستطيع غيره تحصيله ...
- 2 - أطلق أحد وزراء (المهدي) العباسي صرخة تقول:إن الملوك اذا قرّبوا شخصاً منهم ، فانهم يقربونه مِنْ أجل أبعاده بعد التقريب ..!!فكأنَّ التقريب عقوبةٌ معجلة، وليس من باب المحبة والثقة العالية ...
- 3 - قال (ابو عبيد الله الأشعري) – وزير المهدي- لله دهرٌ أضعنا فيه أَنْفُسنَا بالجهل لو أَنّه بعد النُهى عادا أفسدتُ ديني باصلاحي خلافَتَهُمْوكان اصلاحُها للدين إفسادا ما قرّبوا أحداً الاّ ونيتَهُم ان يُعقبوه من التقريب إبعادا وهذه الأبيات تنطوي على تقديم جردة كاملة عن ما (للوزير) عند السلطان وما عليه ..!!ان وزير المهدي يصف المدة التي اضطلع فيها بالوزارة في عهد المهدي، بأنها كانت مضيعة للنفس، حيث يعترف وبكل صراحة – انه قد أضاع نفسه، وسر الوقوع في هذا المطلب هو الجهل ..!!وان العمل مع (ملوك بني العباس) كان إفساداً للدين، بينما هو إصلاح لملكهم وسلطانهم وإحكام قبضتهم على الأمة ..!!فلا يجتمع اصلاح الدين مع اصلاحهم على الاطلاق ..!!ثم يقول :انهم لا يُقرّبون أحداً الاّ من أجل إبعاده بعد التقريب ..!!
- 4 - واللاهثون وراء الحكام في كل البقاع ليسوا بقليلين – كما هو معلوم- والسؤال الآن : هل كانت تجربة (الأشعري) – وزير المهديّ – خاصة به أم أنها تجربة يمكن أن تتكرر مع غيره ممن يتنهد لنيل المناصب العالية ؟ومن الواضح : إن التجربة المذكورة ليست فريدة في بابها ، كما إنها ليست مختصة بشخصٍ معين لا تتعداه الى غيره. وعلى سبيل المثال :كم من الجلاوزة القساة الغلاظ الذين نشطوا في مجالات التجسس على أهلهم وإخوانهم ،ثم تمّ التنكيل بهم وتعذيبهم أشد ألوان العذاب، ثم سوقهم الى المشانق من أجل دنيا صور الدكتاتورية البائد فهل دام لهم أم داموا له ؟وماذا جنوه غير التلوث بدماء الحرائر والأحرار من أبناء شعبنا العظيم .المقابر الجماعية وحدها هي الشاهد البارز على عمق إجرام الدكتاتورية البائدة، وعمق إجرام جلاوزتها، الذين يدفنون الابرياء أحياءً ، ولا يتورعون حتى عن دفن الاطفال أحياء دون ذنب أو جريرة ..!!فاي إصلاح يمكن ان يُدعى في مثل هذه العمليات الوحشية الدموية ، التي تصادر فيها حقوق الانسان بالكامل ، وحرياته ، ويحاسب حتى على عقيدته الدينية وشعائره العبادية ؟!!ان نشوة العمل مع الظالمين ما هي الا الحماقة بعينها ..!!وان الذين ينشطون في مضمار الفتك والايذاء، ما هم إلا جهلاء أغبياء في منتهى الوحشية والغلظة ، وهذا يجعلهم في طليعة الخاسرين وفق كل الحسابات والموازين .
- 5 - ولا أريد أن اسمّي أحداً ممن سار على ذلك النهج (في العراق الجديد) لأنهم معروفون مفضوحون ملعونون.
- 6 - وقديماً قيل عن السلطة :انها حلوة الرضاع مرّةُ الفِطام
- 7 - وأورد الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار :ٍ[ ان يعقوب بن داود – وزير المهدي – كتب الى عابِدٍ يستقدمه فاستشار العابد (محمد بن النصر ) وقال :لعلّ الله أنْ يُقضى دَيْنِي ..!!فقال محمد :لإن تلقى الله وعليك دَيْن ولكَ دِين ، خيرٌ من أن تلقاه وقد قضيت دَيْنَكَ وذهب دِينُك ] ربيع الابرار ونصوص الاخبار /ج1/223
- 8 -وقديما قيل أيضاً :(شياطين السلاطين ، سلاطين الشياطين)المصدر السابق / 231

شارك الخبر على