فخ التكنولوجيا الصينية الأمريكية

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

لورا تايسونأوضحت الصين من خلال إستراتيجيتها الطموحة «صُنع في الصين العام 2025» هدفها قيادة الاقتصاد العالمي في صناعات التكنولوجيا المتقدمة. وهذا يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة - القائد الحالي لهذه الصناعات - في ما يبدو كحرب باردة مكثفة وغير معلنة على التكنولوجيات ذات الاستخدامات التجارية والعسكرية.ومن خلال استثماراتها في مثل هذه التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، تسعى الصين إلى أكثر من التنافس التجاري مع الولايات المتحدة، بما في ذلك المزيد من القوة العسكرية والجيوسياسية. وقد نشرت مجموعة متنوعة من الأساليب - والتي تشمل حماية الملكية الفكرية الضعيفة (IP) ونقل التكنولوجيا، كشرط للمشروعات المشتركة مع الشركاء الصينيين، والتهرب من ضوابط التصدير، والمضايقات التنظيمية - للحصول على مثل هذه التقنيات من الولايات المتحدة وشركاء تجاريين آخرين. لقد كانت أهداف الصين وممارساتها لفترة طويلة مثيرة للعلاقات الصينية الأمريكية. وقد أكد ما يسمى بتحقيق القسم 301 من قانون التجارة الذي أطلقته إدارة الرئيس دونالد ترامب العام الفائت، أن السياسات التجارية والصناعية الصينية، التي توفر مزايا لصناعات تقنية محددة، تنتهك كل من قانون التجارة الأمريكي والقانون الدولي.أشار ترامب إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي من أجل تبرير تعريفاته - بما في ذلك التعريفات الضخمة التي فرضها على الفولاذ والألمنيوم (قد تكون واردات السيارات هي التالية). لكن تطبيق هذا المنطق على أقرب حلفاء أمريكا يحول مزاعم الأمن القومي إلى مجرد ذريعة للحمائية التقليدية للأهداف التجارية.عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا والتجارة مع الصين، تكون هناك مخاوف متعلقة بالأمن القومي، وهي الأكثر بروزًا لأن التقنيات التي طورتها الشركات الأمريكية لأهداف تجارية تتطابق على نحو متزايد مع تطور تلك التي طورها الجيش في مجالات رئيسية مثل الواقع الافتراضي، وبرامج التعرف على الوجه، والطائرات بدون طيار. لكن التعريفات ليست هي الحل. في الواقع، حتى التعريفات التي تستهدف فقط المنتجات الصينية التي تستفيد من الممارسات التجارية المملوكة للدولة، تحقق نتائج عكسية، لأنها تفرض ضريبة فعلية على الشركات الأمريكية التي من المفترض أن تدافع عنها.إن العديد من صادرات الصين التي تستهدفها تعريفات إدارة ترامب يتم إنتاجها من قبل «الشركات ذات التمويل الأجنبي»، في الصين، والولايات المتحدة، وتعد غيرها من الشركات غير الصينية من كبار المستثمرين. وعلاوة على ذلك، فإن هذه المنتجات - بما في ذلك 86 ٪ من واردات الولايات المتحدة من الصين في منتجات الكمبيوتر والإلكترونيات، و 63 ٪ في المعدات والمكونات الإلكترونية، و 59٪ في الآلات غير الميكانيكية - عادة ما تشمل مدخلات ذات قيمة عالية أو معدات تنتجها شركات أمريكية خارج الصين.إذا لم تستطع التعريفات الجمركية مواجهة انتهاكات الصين للقانون التجاري الأمريكي والدولي، فما الذي يمكنه التصدي لها؟ يقدم تقرير خاص عن أشباه الموصلات - وهي ضرورية للأمن القومي الأمريكي والقدرة التنافسية الاقتصادية - لمجلس مستشاري الرئيس باراك أوباما للعلوم والتكنولوجيا بعض الإجابات.أشار التقرير، الذي كتبته مجموعة غير حزبية من قادة الأعمال والأكاديميين (كنت عضواً فيها)، أن عمل الولايات المتحدة مع حلفائها لإنفاذ القانون الدولي، يحث الصين على الامتثال لالتزاماتها الخاصة بمنظمة التجارة العالمية، وتعزيز ضوابط التصدير وقيود الاستثمار الداخلية. يلعب كل من الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان أدوارا بارزة في سلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات، وقد شدد بعضها بالفعل الأمن على تدفق IP لأشباه الموصلات إلى الصين وعلى استحواذ المستثمرين الصينيين على شركات أشباه الموصلات.كما يوصي تقرير مجلس مستشاري الرئيس باراك أوباما للعلوم والتكنولوجيا بضرورة اعتماد الولايات المتحدة أساليب مماثلة وتحديد ضوابط التصدير وقيود الاستثمار الداخلية وفقًا لسلوك الصين. تتفق التشريعات المقترحة من الحزبين لتوسيع نطاق اختصاص لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (التي تستعرض عمليات الاندماج والاستحواذ على الشركات المحلية من قبل كيانات أجنبية) إلى نطاق أوسع من الاستثمارات - بما في ذلك رأس المال الاستثماري الصيني واستثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الأمريكية الناشئة - مع هذه التوصية.ويؤكد تقرير مجلس مستشاري الرئيس باراك أوباما للعلوم والتكنولوجيا على أن الولايات المتحدة لا تستطيع منع الصين من إتباع سياسات صناعية لبناء صناعاتها التكنولوجية المتقدمة. للإشارة، في القرن التاسع عشر، استخدمت العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، مثل هذه السياسات لبناء أسسها الصناعية. وكما يؤكد التهديد بفرض عقوبات أمريكية (التي تم إلغاؤها الآن) على شركة الاتصالات الصينية «زد تي إي»، فإن الصين لا تستطيع الاعتماد على إمدادات موثوقة من المدخلات الضرورية من الولايات المتحدة، بل يجب أن تعتمد على قدراتها الخاصة.علاوة على ذلك، وكما يشير تقرير مجلس مستشاري الرئيس باراك أوباما للعلوم والتكنولوجيا، فإن الإعانات الصينية للصناعات العلمية والتكنولوجية ليست مفيدة لجانب واحد، يمكنها الاستفادة من المستهلكين الأمريكيين من خلال الابتكار وخفض التكاليف وانخفاض الأسعار. ويتمثل التحدي الذي تواجهه سياسة الولايات المتحدة في ضمان امتثال السياسات الصينية لقواعد منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك شرط إخطار البلدان الأخرى ببرامج الدعم وحظر التكتيكات المفيدة لجانب واحد مثل سرقة الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا القسري وممارسات الشراء التمييزية.وأخيرًا، يؤكد التقرير الحاجة إلى استجابة الولايات المتحدة لتحدي الصين في أشباه الموصلات ذات السياسة الصناعية الخاصة بها. وينبغي أن تشمل هذه السياسة خفض الضرائب على الأعمال التجارية، وزيادة التمويل اللازم للبحث والتطوير الأساسيين، والدعم الاتحادي لبرامج جد طموحة في مجالات مثل النظم البيولوجية. وفي نهاية المطاف، فإن قدرة صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة على مواجهة التحدي الذي تفرضه الصين لن تعتمد على نجاح أمريكا في الحد من تقدم الصين، وإنما على قدرتها على تعزيز ودعم الابتكار من قبل الشركات الأمريكية.إن التاريخ مليء بأمثلة فخ ثوسيديدس (النزاع بين البلد القوي والبلد الصاعد)، كما ستتحول التوترات بين القوى الصاعدة والراسخة إلى صراعات عسكرية. وبدلاً من السماح بزيادة حدة النزعة القومية لدفع الصين والولايات المتحدة إلى هذا الفخ - مع عواقب مدمرة على العالم بأسره - نحتاج إلى سياسات ذكية ومنصفة للتجارة مع الصين في منتجات التكنولوجيا العالية.أستاذة في كليةهاس لإدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على