١٨ فصيلاً مسلّحاً ضمن ثاني أكبر كتلة برلمانيّة

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

بغداد/ نقاش
كان متوقعاً أن تحصل الفصائل الشيعية على مقاعد نيابية في أول تجربة سياسية حقيقية لها،مستفيدة من الشعبية التي نالتها خلال مشاركتها في المعارك ضد تنظيم داعش، ولكن كانت مفاجأة أن تحصل على المرتبة الثانية في الانتخابات برصيد (47) مقعداً ستكون مؤثرة بلا شك تحت قبة البرلمان الجديد.تحالف"الفتح"التشكيل السياسي الذي شكلته الفصائل الشيعية القريبة من إيران لخوض الانتخابات ويتزعمه هادي العامري، وهو المعروف بعلاقاته المميزة مع إيران ويعتبر صديقا مقرباً للقائد في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، كما انه لا يمانع الجلوس مع المسؤولين الأميركيين، وكان آخرهم السفير الأميركي في بغداد.ويضم تحالف"الفتح"(18) حزباً سياسياً يملك أغلبها فصائل مسلحة وأسلحة ثقيلة وأبرزها"بدر"و"الصادقون"بزعامة قيس الخزعلي، و"الطليعة الإسلامي"، و"الجهاد والبناء"و"حزب الله العراق".وحصل التحالف على المرتبة الثانية في الانتخابات بعد"سائرون"بزعامة مقتدى الصدر، متفوقاً على ائتلاف رئيس الوزراء حيدر العبادي"النصر"، و"دولة القانون"بزعامة نوري المالكي، و"الحكمة"بزعامة عمار الحكيم، والاحزاب الثلاثة هي التي كانت الفائزة دوماً والممثلة للسكان الشيعة على مدى العقد الماضي.في الحقيقة ساهمت عدة عوامل مهمة في فوز الفصائل الشيعية في الانتخابات، منها استياء السكان الشيعة من الاحزاب التقليدية التي حكمت البلاد منذ العام 2006، والشعبية التي نالتها خلال المعارك ضد المتطرفين والتعاطف الشعبي مع آلاف القتلى والجرحى في صفوفهم،وأخيرا حملة مقاطعة الانتخابات ساهمت أيضا في الفوز.ويمثل احتلال داعش ثلث مساحة البلاد وانهيار الجيش في العام 2014 الإخفاق الاكبر للأحزاب الشيعية الحاكمة ليضاف الى إخفاق توفير الخدمات والامن، وعندما تشكّلت الفصائل الشيعية لوقف هجوم المتطرفين على بغداد والمحافظات الشيعية جنوب البلاد وخصوصا كربلاء والنجف، بدأ السكان الشيعة ينظرون إليهم على أنهم أمل جديد في الخلاص ليس من الازمة الأمنية فحسب بل من الازمة السياسية والاقتصادية وسوء الخدمات.كما أن السكان الشيعة خصوصا الطبقة الفقيرة تعاطفت مع الفصائل الشيعية لأنها ضمّت الآلاف من أبنائهم، ومع اشتداد المعارك قتل وجرح آلاف منهم، وكانت مشاهد تشييع القتلى في الشوارع، والجرحى الراقدين في المستشفيات مؤثرة في أذهان العراقيين، وشعر لاحقا السكان الشيعة بأن الاحزاب الشيعية التي حكمتهم على مدى السنوات العشر الماضية هي السبب في هذه الأزمات.ويقول هيثم الربيعي (57 عاما) وهو محام في بغداد لـ (نقاش) لقد"انتخبت قائمة الفتح لأنهم يستحقون المشاركة في السياسة، حضرت مجالس عزاء العديد من ابناء جيراني وأقربائي وأصدقائي يقتلون في المعارك لتحرير البلاد من الإرهابيين الذي احتلوا مدننا بسبب فشل الاحزاب الحاكمة".بدأت الاحزاب الشيعية التقليدية تشعر بالقلق من تصاعد شعبية"الحشد الشعبي"بعد تحرير بلدة"جرف الصخر"في تشرين الاول عام 2014 بعد معركة شرسة قتل فيها المئات من مقاتلي الفصائل الشيعية، وحاولت أحزاب"الدعوة"و"المجلس الأعلى الإسلامي"والفضيلة تشكيل فصائل شيعية لمحاكاة الفصائل الاخرى، ولكنها كانت بلا تأثير ولم تشارك فعليا في المعارك.وبعد تحرير مدينة تكريت الستراتيجية في نيسان 2015، أدركت الفصائل الشيعية التي شاركت في المعركة الشعبية التي حصلت عليها وبدأت بتوسيع دورها من ميدان المعارك الى ميدان السياسة، لكنها كانت مثار جدل بعد تورطها في عمليات انتقامية ضد بعض السكان وممتلكاتهم.وأعلن قيس الخزعلي زعيم فصيل"عصائب أهل الحق"ورئيس حزب"الصادقون"في مؤتمر صحفي مثير في تموز 2015 أن"النظام السياسي القائم على النظام البرلماني أثبت فشله، وبالتالي هناك حاجة إلى التحول للنظام الرئاسي، هذا هدفنا وسنسعى لتحقيقه".ومع ارتفاع درجات الحرارة في صيف تلك السنة وتدهور تجهيز الطاقة الكهربائية خرج آلاف من العراقيين جنوب البلاد في تظاهرات واسعة وخصوصا في مدينتي البصرة والناصرية وطالبوا بإقالة وزير الكهرباء، وهنا تدخلت"كتائب حزب الله"أحد الفصائل الشيعية الموالية لإيران، وأصدرت بيانا أعلنت فيه نيتها"عقد لقاء مع وزير الكهرباء لمناقشة المشكلة، وتقديم الفاسدين للقضاء"، كما طلبت من الشرطة عدم التعرض للمتظاهرين.وقبل الانتخابات الأخيرة بأسابيع قليلة جددت الفصائل الشيعية تأكيد هذه الاهداف، ووضعت محاربة الفساد ضمن أولوياتها، ويقول عضو تحالف"الفتح"عبد الأمير حسن لـ (نقاش) إن"محاربة الفساد ستكون أولى الخطوات التي سنقوم بها في البرلمان من أجل توفير الخدمات للسكان، المصالح الشخصية عطلت توفير هذه الخدمات خلال السنوات الماضية".على المستوى السياسي تضمن البرنامج الانتخابي:"تشكيل جبهة سياسية وطنية موحدة لتحقيق مشروع التغيير الذي يتبناه التحالف"، وأيضا"السعي الى إجراء تعديلات هامة على بعض فقرات الدستور التي لا تتناسب مع الواقع العملي في العراق".وتمتلك جميع الفصائل الشيعية مقرات دائمة في أغلب الأحياء والمناطق الشيعية منذ تأسيسها وما زالت موجودة حتى اليوم، بينما ما زال آلاف من مقاتليهم ينتشرون في بلدات سنية عدة برغم طرد المتطرفين، وهذا الامر ساهم في زيادة رصيد هذه الفصائل في الانتخابات.فمثلا في محافظة ديالى تسيطر الفصائل الشيعية على العديد من المدن السنّية، وقال العديد من السياسيين السنّة في المحافظة إن بعض العشائر خائفة من نفوذ الفصائل الشيعية ولهذا قرروا عدم انتخاب أحزاب سنية وانتخبوا بدلا منهم أحزاباً شيعية لحماية أنفسهم.كما أن الفصائل الشيعية كونت علاقات جيدة مع عشائر سنية ساعدتها في الانتخابات، مثل عشائر الجبور في بلدة"العلم"في صلاح الدين التي حصلت بالمقابل على مدى السنوات الأربع الماضية على الاسلحة الجيدة بينما عانت باقي العشائر السنية من التهميش.و بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 44.5% وهي أدنى نسبة في الانتخابات منذ العام 2006 بعد حملة مقاطعة قادها عراقيون بشكل واسع تعبيراً عن استيائهم من العملية السياسية وقانون الانتخاب الذي لا يسمح كثيرا في التعبير عن إرادة الناخبين.ووفقاً لمفوضية الانتخابات شارك في الاقتراع (10.840.989) ناخب وكانت حصة الفصائل الشيعية منها (1.397.561) أي (13.4%) من عدد الناخبين في عموم البلاد، وهي نتيجة مثيرة للاهتمام لها أسبابها.حملة مقاطعة الانتخابات تركت الاحزاب العراقية أمام جمهورها فقط بعيدا عن آراء العراقيين المستقلين، ويبدو ان جمهور الفصائل الشيعية كبير، إذ يبلغ عدد مقاتلي الفصائل الشيعية نحو (120.000) مقاتل وفقا للحكومة العراقية، غالبيتهم من الفصائل الشيعية.ومع احتساب أصوات هؤلاء اضافة الى عائلاتهم وأقربائهم فإن النسبة ستكون كبيرة، بينما خسرت تحالفات شيعية مثل"دولة القانون"الكثير من الاصوات بسبب استياء الناخبين منهم وكذلك عدم امتلاكهم فصائل شيعية شاركت في مقاتلة المتطرفين.حتى الآن لا يمكن التكهن بالدور الذي ستلعبه كتلة الفصائل الشيعية داخل البرلمان، ولكن المؤكد أن دورها سيكون مؤثرا خصوصا في قضايا سياسية معقدة أبرزها موقف العراق من الصراع الدائر في سوريا إذ تقاتل فصائل شيعية عراقية هناك، وكذلك الموقف من بقاء القوات الاميركية في البلاد،إذ ترفض الفصائل ذلك بشكل قاطع وهددت صراحة باستهداف هذه القوات واعتبارها قوات احتلال، والموقف من التقارب الدبلوماسي مع السعودية ودول الخليج وهو أمر انتقدته هذه الفصائل بشدة قبل الانتخابات.

شارك الخبر على