الاتحاد الاوروبي يواجه تحديات تلقي بظلال قاتمة على مستقبله

ما يقرب من ٦ سنوات فى كونا

من نواب خان (تحليل اخباري)

بروكسل - 25 - 6 (كونا) -- يواجه الاتحاد الأوروبي اليوم تحديات معقدة مختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي والتي تلقي بظلال قاتمة على مستقبل الاتحاد نفسه.
وبعد خروجه للتو من أسوأ أزمة اقتصادية في فترة ما بعد الحرب يواجه الاتحاد الأوروبي الان أزمات أخرى متعددة واكثر شدة.
وتبرز في هذا الاطار قضية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي (بريكست) وقضايا الهجرة والارهاب والحرب التجارية الامريكية والاتفاق النووي الايراني والعلاقات المتوترة مع روسيا وصعود الاحزاب اليسارية واليمينية في اوروبا وما هي الا بعض المشاكل المعقدة التي يتوجب على الاتحاد الاوروبي التعامل معها.
ولعل ازمة المهاجرين والانتهاك المتزايد لحقوق الانسان وسيادة القانون من قبل العديد من الدول الاعضاء في الاتحاد من ابراز القضايا التي تمزق تماسك المجتمعات الاوروبية.
وفي هذا الاطار قال عضو بريطاني في البرلمان الأوروبي سجاد كريم في مؤتمر صحفي عقده اخيرا بمقر البرلمان حول العنصرية انه يتعين على أوروبا أن تقف وتقاتل دفاعا عن قيمها اذا ما ارادت تفادي ازمة كبيرة.
واضاف كريم انه " خلال 15 عاما امضيتها عضوا في البرلمان الاوروبي لم اكن قلقا على الاطلاق لكن قضية كراهية الاجانب بدأت بالتزايد منذ سنوات وتفاقمت الان اثر التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي (بريكست) وصعود الشعبوية في جميع انحاء اوروبا".
من جانبه اعرب رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني عن مخاوفه من هذه المسالة وقال ان "الهجرة هي مشكلة المشاكل" محذرا من ان "مستقبل أوروبا على المحك".
وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك قد قدم خطة لبناء مخيمات للاجئين خارج حدود الاتحاد الأوروبي وتحديدا في ليبيا لوقف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
ومع ذلك فقد أظهرت الأرقام الصادرة عن وكالة الحدود الأوروبية التي نشرت في شهر مايو الماضي ان الهجرة غير الشرعية الى اوروبا انخفضت بنسبة 44 بالمئة في الاشهر الاربعة الاولى من عام 2018.
من جانبه دعا المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الدول الأوروبية إلى "إدارة حدودها وسياساتها المتعلقة بالهجرة بطريقة تتماشى ومعايير الاوروبية والدولية للجوء والتي ترسخت منذ الحرب العالمية الثانية".
ويتجه معظم المهاجرين إلى إيطاليا واليونان فيما ناشد الاتحاد الأوروبي الدول الاخرى الأعضاء في الاتحاد تخفيض العبء عن هذين البلدين بقبول حصة من اللاجئين.
لكن كلا من المجر وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا رفضت تقاسم هذا العبء وقبول أي حصص من اللاجئين.
ويعرب محللون عن صدمتهم بان اتحادا من 28 دولة تضم 500 مليون نسمة يتجادلون خلال السنوات الثلاث الاخيرة حول حصص استضافة لاجئين لا يتجاوز عددهم 50 ألف لاجئ.
في المقابل تستضيف بلدان ذات تعداد سكاني صغير مثل الأردن ولبنان ملايين اللاجئين من سوريا وكذلك تركيا التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة تستضيف نحو اربعة ملايين لاجئ.
اما بولندا والمجر التي لديها حكومات يمينية فهي على خلاف مع بروكسل في قضايا عدة بدءا من قضية الهجرة إلى قضية استقلال القضاء وحرية الصحافة والقيم الديمقراطية وكذاك ايطاليا التي لديها الان حكومة يمينية مع قليل من التعاطف والدعم لعملية التكامل الأوروبي.
وكان البرلمان المجري قد مرر الأسبوع الماضي مجموعة من القوانين المثيرة للجدل التي تعاقب المنظمات غير الحكومية التي تساعد المهاجرين لكن ردة فعل الاتحاد الأوروبي على هذا التشريع الصادم كان الصمت والاكتفاء بتعبير خجول عن القلق على لسان متحدث باسم الاتحاد.
ويشير محللون في هذا الاطار إلى انه اذا ما تبنت دول غير اوروبية قوانين غير ديمقراطية مماثلة فان الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات وقيود على ذلك البلدان.
وعلى الجبهة الخارجية خرق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاجندة السياسية الخارجية والتجارية للاتحاد الأوروبي بسبب مواقفه تجاه الاتحاد وحلف شمال الاطلسي (ناتو) وروسيا والتجارة العالمية.
وعكست صورة انتشرت بشكل واسع والتقطت بعد قمة مجموعة السبع (جي 7) في كندا ما وصفه محللون بالعجز الحالي لاوروبا في التعامل مع التحول في سياسات الولايات المتحدة.
وتظهر الصورة الرئيس ترامب جالسا على كرسي محاطة بقادة دول اوروبية رئيسية وهم وقوفا كأنهم يتوسلون.
اما الاتفاق النووي الايراني الذي يعتبر انجازا الاكثر اهمية للدبلوماسية الاوروبية أصبح ممزقا بعد انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق.
كما يعيش الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الان حالة حرب تجارية بسبب التعرفات الجمركية التي فرضتها واشنطن فيما وضعت الولايات المتحدة الاطار الدولي متعدد الاطراف موضع تساؤل اثر انسحابها من اتفاق باريس للمناخ وعدم توقيعها على البيان الختامي لقمة مجموعة الدول السبع الأخيرة في كندا.
وفقا للاعلام والمحللين الأوروبيين فان تفضيل الرئيس ترامب للعلاقات الثنائية قد يكون له عواقب وخيمة على الوحدة الأوروبية.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ان أوروبا يجب أن تحدد مصيرها بأيديها ولا يمكنها الاعتماد بشكل كامل على الولايات المتحدة وهو موقف يتقاسمه الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون.
من جانبها علقت شادا اسلام وهي محللة بارزة في مؤسسة (أصدقاء أوروبا) ومقرها بروكسل قائلة انه "يجب أن يكون واضحا الان ان أمريكا لم تعد في أوروبا.. الولايات المتحدة هي بلا شك تتراجع عن التزاماتها الدولية في حين ان القوى الاسيوية المتنامية بقيادة الصين يتصاعد نفوذها عالميا ".
واقترحت "نظاما حديثا متعدد الاطراف لا يركز على الغرب بل يعكس ديناميكيات وأنماط قوة عالمية متغيرة". (النهاية) ن خ

شارك الخبر على