هل يؤثر انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان على إسرائيل سلبًا؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

في أكتوبر الماضي، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستنسحب من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، مشيرة إلى أن السبب في ذلك عدة أمور من ضمنها "تحيزها الشائن ضد إسرائيل".

من جانبها، رحبت إسرائيل بالخطوة، وأعلنت أنها ستحذو حذوها، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ذلك الوقت إن "هذا القرار شجاع وأخلاقي، لأن اليونسكو أصبحت مسرحا للسخافة وبدلا من الحفاظ على التاريخ تقوم بتشويهه".

هذا الأسبوع، أعلنت الإدارة الأمريكية انسحابها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن تحيز المجلس ضد إسرائيل كان السبب الرئيسي وراء هذا القرار.

مرة أخرى رحبت تل أبيب بهذا القرار، ووصف نتنياهو القرار بأنه "شجاع"، ووصف المجلس بأنه "منظمة منحازة وعدائية ومعادية لإسرائيل خانت مهمتها في حماية حقوق الإنسان".

وفي حين أن إسرائيل، التي ليست عضوًا في المجلس المؤلف من 47 دولة، لا يمكنها أن تحذو حذو الولايات المتحدة حتى لو أرادت ذلك، فقد أكدت مصادر أنه من الممكن بل ومن المرجح أن يعلن نتنياهو قريبًا أن إسرائيل ستوقف كل الاتصالات مع المجلس.

وقال أحد كبار الدبلوماسيين السابقين لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، "كيف يمكننا أن نحافظ على علاقاتنا مع المجلس في الوقت الذي انسحبت فيه الولايات المتحدة من أجلنا"، مشيرًا إلى أنه "بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من المجلس بسببنا، فلا خيار أمامنا سوى قطع العلاقات معه".

اقرأ المزيد: أمريكا تنسحب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

وحتى الآن، لم تتخذ إسرائيل قرارًا نهائيا بشأن قطع العلاقات مع المجلس، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون، فخيارات الإجراءات التي قد تتخذها إسرائيل ضد المجلس محدودة، لكنها وجدت في الماضي طرقًا للتعبير عن عدم رضاها عن الهيئة التي تتخذ من جنيف مقرا لها.

في عام 2012، أعلنت إسرائيل أنها قطعت كل العلاقات مع المجلس بعد أن صوتت الدول الأعضاء على إنشاء بعثة لتقصي الحقائق في أنشطة إسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية، لكنها أعادت الاتصالات مع المجلس بعد مرور أقل من سنة.

وفي وقت سابق من هذا العام، صوت المجلس لإجراء تحقيق في الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة لصد الاحتجاجات على حدود غزة، وهو القرار الذي لقي انتقادات شديدة من السياسيين الإسرائيليين.

وحتى يوم الأربعاء، تحتفظ إسرائيل بمقعدها كعضو مراقب في المجلس، ورحبت السفيرة أفيفا راز شيشتر، مبعوثة إسرائيل إلى مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف، بخطوة الإدارة الأمريكية باعتبارها "رسالة قوية حول الحاجة الملحة لإصلاح المجلس".

وقبل ساعات من إعلان السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، ووزير الخارجية مايك بومبيو انسحاب واشنطن من المجلس، يوم الثلاثاء الماضي، كانت تشارك راز شيشتر في مناقشة حول التقرير السنوي لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الذي انتقد تحيز المجلس المزعوم ضد إسرائيل، وقالت راز شيشتر "نعرف أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإن المجلس لا يهتم بالحقائق".

وعلى الرغم من ادعاءات إسرائيل بتحيز المجلس ضدها، تولت راز شيشتر منصبًا في المجموعة الاستشارية للمجلس نيابة عن مجموعة من الدول الغربية ودول أخرى، وهي هيئة ترشح وتعين الدول أصحاب العضويات الخاصة، ومن المقرر أن تستمر في هذا المنصب المهم حتى إبريل 2019.

اقرأ المزيد: بعد الهجوم على مجلس حقوق الإنسان.. أمريكا «الملاك الحارس» لإسرائيل

وفي يوم الأربعاء الماضي، كان مقعد المبعوث الأمريكي إلى المجلس خاليًا، حيث عقدت الهيئة جلسة لمناقشة إلغاء عقوبة الإعدام، وحرية التعبير، وحقوق المهاجرين، والعنف ضد المرأة وقضايا أخرى.

وقال مسؤول حكومي أمريكي للصحيفة العبرية، إن الولايات المتحدة "نفذت قرار استقالتها من المنصب على الفور"، مضيفة "لن نشارك في جلسات مجلس حقوق الإنسان في المستقبل، بما في ذلك في الدورة الجارية حاليا".

وكانت هذه أول مرة في تاريخ المجلس تنسحب فيها دولة عضوة طواعية، حيث تم طرد ليبيا قبل سبع سنوات، وسيتعين الاستبدال بالولايات المتحدة، التي تنتهي عضويتها في نهاية عام 2019، دولة أخرى من مجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى.

حيث يتم انتخاب الدول الأعضاء من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن غير الواضح حاليا متى وكيف سيتم اختيار بديل للولايات المتحدة، أو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستظل رسميا بصفة مراقب حتى 31 ديسمبر 2019.

وأعرب العديد من السياسيين الإسرائيليين عن سعادتهم بإعلان الثلاثاء بانسحاب الولايات المتحدة مما سماه عضو الكنيست يائير لابيد "مجلس حقوق الإرهابيين"، إلا أن عددا من الدبلوماسيين الإسرائيليين أشاروا إلى أن هذه الخطوة الرمزية قد تضر بإسرائيل على المدى الطويل.

حيث قال مسؤولو وزارة الخارجية للقناة العاشرة الإسرائيلية إن غياب أمريكا سيجعل من الصعب منع المبادرات المعادية لإسرائيل في المجلس.

اقرأ المزيد: فلسطين: قرار انسحاب أمريكا من اليونسكو «مُسيس»

وأضافوا: في الماضي كان يمكن للولايات المتحدة، ممارسة بعض التأثير على المجلس، وهو ما حدث في انتخاب مفوض جديد لحقوق الإنسان، أو نشر قائمة سوداء للشركات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية.

ومثلما لم يكن الدبلوماسيون الإسرائيليون سعداء للغاية بشأن انسحاب الولايات المتحدة وإسرائيل من اليونسكو، على الرغم من غضبهم من العديد من القرارات التي مررها المجلس ويزعمون تحيزها ضد إسرائيل، فإنهم لن يفرحوا بالضرورة بقطع إسرائيل العلاقات مع مجلس حقوق الإنسان.

وأشاروا إلى السبب في ذلك وهو أنه ليس إطار الأمم المتحدة هو المسؤول عن القرارات المناهضة لإسرائيل، لكن الدول الأعضاء، وأن بلدانا مثل فنزويلا أو قطر، قد تستمر في ضمان حصول إسرائيل على معاملة عادلة من المجلس، سواء بوجود الولايات المتحدة أو دونها.

ويقول عدد من مؤيدي القرار الأمريكي بالانسحاب من اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان، إنه يجب ألا يتم إضفاء الشرعية على المنظمات المتحيزة بطبيعتها، عن طريق الحفاظ على العضوية فيها.

ولكن الصحيفة العبرية ترى أنه ما دام بقية العالم المتحضر يتمسك بهذه المنظمات، حتى لو وجب إصلاحها، كما فعلت المملكة المتحدة، فإنها لن تستمر في الوجود فحسب بل ستتمتع بقدر كبير من الشرعية الدولية، حتى بدون الإدارة الأمريكية.

وقال هيليل نوير المدير التنفيذي في منظمة مراقبة الأمم المتحدة، وهو من منتقدي الأمم المتحدة، ومنتقد دائم لمجلس حقوق الإنسان، أنه إذا كان هناك أي شيء قد تتسبب فيه الانسحابات من جانب واحد، فهو ترك مساحة لأعدائك، وخسارتك لفرصة التأثير من الداخل.

اقرأ المزيد: مندوب إسرائيل يسلم اليونسكو «طلب انسحاب وعلبة شيكولاتة»

وادعى "للأسف، نحن نعلم أن غياب الولايات المتحدة لن يمنع المجلس من إنشاء لجان تحريضية متحيزة، ترسل تقاريرها إلى لاهاي، أو من اتخاذ قرارات متحيزة حول العالم، تؤثر على قلوب وعقول الملايين حول العالم".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على