باختصار ديمقراطي رؤية من مونديال روسيا

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 رعد العراقي
تعدّدَتْ الدروس المستمدّة من مباريات مونديال روسيا اليوم، ونظراً لأهميتها أرتأيت أن أقدّم رؤيتي لبعض المواقف والتصريحات اللافتة التي لابد أن نتوقف عند قيمتها أعماماً لفائدة الكرة العراقية والعربية على حدٍّ سواء.* بخمسة عشر دقيقة فقط من بداية الشوط الثاني سلّم الفراعنة نقاط مباراتهم للفريق الروسي بعد أن انهارت دفاعاتهم واستقبلت شباكهم ثلاث كرات كانت كافية لإعلان خروج أول بلد عربي من النهائيات بشكل شبه رسمي وليستمر مسلسل إخفاق الفرق العربية في مونديال روسيا 2018.ويبدو أنه لن يتوقف طالما أن هناك قصوراً فنياً واضحاً في تفسير الأسباب الحقيقية التي تجعل ميزان القوة يميل دوماً الى المنتخبات الغربية في أي مواجهة مع الفرق العربية وإنّ ما حصل خلاف ذلك فإما أن تكون ضربة حظ أو فورة وقتية تنتهي سريعاً.من يريد أن يقترب من أسرار هذا التفوق عليه أن يذهب نحو الإرتقاء بالجانب النفسي والذهني للاعب العربي الناشئ وينمّي لديه الشعور بالثقة والإعتداد بشخصيته قبل أن يمسك بقوة بالنظام الغذائي والبدني له.* المواهب العربية يجري سحقها دون رحمة عبر تكبيلها بإجراءات خاطئة غير علمية تفرز مستقبلاً لاعبين غير قادرين على الأداء المتّزن والمقترِن بالقوّة البدنية والتركيز الذهني واستيعاب الخُطط والتوجيهات وتطبيقها حَرْفيّاً داخل الميدان.حين تأهل المنتخب العراقي الى نهائيات كأس العالم في المكسيك عام 1986 وانيطت مهمة قيادته للمدرب البرازيلي إيفرستو الذي واجه انتقاداً كبيراً حين عمد الى اختيار اللاعبين وفق مواصفات جسمانية قوية وقامات طويلة مبرّراً ذلك الى أن المشاركة في هذا المحفل الدولي يتطلّب اللعب بشراسة ومواجهة المنتخبات بثبات وكسب الالتحامات، وبالنتيجة فإنه قام بإبعاد بعض اللاعبين من ذوي البنية الجسمانية الضعيفة برغم امتلاكهم المهارات الفنية ولم يبال لاعتراضات الإعلام والجمهور! الحقيقة أن رؤية إيفرستو كانت صائبة جداً برغم أن المنتخب مُني بثلاث خسارات، لكن المشاركة لم تكن سيئة بقياس المشاركة الأولى وظروف المباريات حينما خسرنا بهدف أمام البارغواي وحرماننا من هدف صحيح بخطأ تحكيمي، ومن ثم خسارتنا أمام بلجيكا رابعة المونديال بهدفين لواحد برغم أننا لعبنا بأكثر من شوط بعشرة لاعبين بعد طرد باسل كوركيس، ثم جاءت الخسارة الثالثة أمام المكسيك مستضيفة البطولة وأمام جمهورها الذي زاد على مئة الف متفرج في مدرجات ملعب الأزتيك "مُرعب المنتخبات" بهدف واحد مع ضياع فرص كثيرة لتسجيل هدف التعديل، وكانت جميع اللقاءات تتّسِم بالندية وليس الاستسلام!النتائج جيدة ونحن نشاهد اليوم الفارق الجسماني للمنتخبات المشاركة وضياع اللاعب العربي أمام أي إلتحام أو ألعاب الهواء مع المنافسين، مع انهيار الدفاعات واستقبال الأهداف برغم كل الامكانيات المادية والاستعدادات التي حظيت بها المنتخبات العربية قبل البطولة، ملاحظة لابد أن يقف عندها الاتحاد مستقبلاً ويفرض تلك الرؤية في الاختيار على الملاك التدريبي القادم.* نجم المنتخب المصري السابق محمد أبو تريكة قدّم درساً رائعاً وهو يطالب بشدّة في المحافظة على وحدة وكيان المنتخب المصري المشارك حالياً في نهائيات كأس العالم 2018 برغم الخسارة من روسيا وخروجه من المنافسة، بل ودعمه ليكون متواجداً في المونديال القادم 2022 في قطر.أبوتريكة كان في قمّة المسؤولية وهو يحاول أن يقطع كل حبال النقد والتجريح الذي يمكن أن تمتدّ الى رقاب اللاعبين وهو يدرك أن الخسارة لم تكن بسبب ضعف الأداء وإنما عوامل اخرى خارجة عن امكانية المنتخب وقوة الفريق المنافس.عندما يكون النقد بناءً فإن التصحيح يصبح ممكناً دون أن نهدم البناء بأكمله، درس يمكن أن يستفيد منه بعض محللينا الذين يظهرون في القنوات الفضائية وهم يمسكون بمعاول الهدم والتجريح عند أي اخفاق دون أن يضعوا الحلول أو ملامسة الاسباب الحقيقية وهو ما سبّب أكثر من مرة بإقصاء مدربين وانهيار اسس المنتخب والبقاء في دائرة الاخفاق المستمر، أين أكرم احمد سلمان وحكيم شاكر ويحيى علوان وراضي شنيشل وأخيراً باسم قاسم؟ اسماء ذهبت ومعها تغيّرت تشكيلة المنتخب لأكثر من مرة لكن النتيجة كانت واحدة وهي الإخفاق، والسبب إننا نتّجه بالرأي الى حيث المعالجة الخاطِئة وليس الى رأي صائب وتوجيه منطقي ! .

شارك الخبر على