أزمة «الأونروا».. «بلطجة» أمريكية لتمرير صفقة القرن

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

تعاني وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من أزمة مالية خانقة بفعل نقص التمويل، ونتيجة الاحتياجات المتزايدة للاجئين التي أصبحت الوكالة غير قادرة على الوفاء بها.

هذه الأزمة دفعت "الأونروا" إلى إعلان عزمها إرجاء دفع الرواتب وتعليق بعض عملياتها في غزة، وكشف منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، خلال اجتماع لمجلس الأمن، أن الوكالة ستخفض بعد أسابيع مساعداتها العاجلة لغزة وغيرها في المنطقة.

وأشار ملادينوف إلى أن ذلك سيعني إرجاء دفع رواتب بعض موظفيها في يوليو والبدء بتعليق عمليات أساسية تجريها الوكالة في أغسطس بغزة.

خفض التمويل

تأتي الأزمة المالية التي تواجهها الوكالة إثر خفض الولايات المتحدة مساهمتها في موازنة "الأونروا"، حيث أعلنت في يناير الماضي تجميد تمويل قيمته 125 مليون دولار لـ"أونروا" وهو ثلث التبرع السنوي الأمريكي للوكالة.

جاء القرار بعد أيام من تهديد الرئيس دونالد ترامب بوقف تقديم مساعدات للفلسطينيين في المستقبل، قائلا إنه سيوقف تقديم أموال للفلسطينيين، واتهمهم بأنهم "لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام" مع إسرائيل.

إقرأ أيضا : «السفارة الأمريكية بالقدس».. هدية لنتنياهو وصفعة للفلسطينيين

وأضاف ترامب: ندفع مئات الملايين من الدولارات سنويا، ولا نحصل على أي تقدير أو احترام، هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل، متابعا "في ضوء أن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام، فلماذا نقدم أيا من تلك المدفوعات الكبيرة لهم في المستقبل؟"، حسب "سبوتنيك".

يأتي ذلك في الوقت الذي تعد أمريكا أكبر جهة مانحة في عام 2013، وتجاوز مبلغ 130 مليون دولار، وبعدها الاتحاد الأوروبي الذي منح أكثر من 106 ملايين دولار، وشكلت تلك التبرعات نحو 45% من إجمالي الواردات التي حصلت عليه الأونروا، ولكن وحسب المسؤولين الأمريكيين، فقد قررت حكومتهم حجب 65 مليون دولارعن الوكالة، بعد أن قوبل قرار الرئيس ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل بالرفض من قبل الفلسطينيين وبعض الدول الإقليمية والأوروبية.

المتحدث باسم "أونروا" عدنان أبو حسنة، كشف أن العجز في ميزانية الوكالة يصل إلى نصف مليار دولار، نتيجة وقف المساعدات الأمريكية بملبغ 300 مليون دولار، إضافة إلى عجز بقيمة 150 مليون دولار كانت مُرحلة من عام 2017.

وحذر أبو حسنة، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، من انعكاسات هذا العجز على مهام ودور "أونروا" التي يعتمد عليها ملايين اللاجئين الفلسطينيين بشكل كلي أو جزئي، داعيا شركات الاتصالات الفلسطينية والبنوك، للتحرك ودعم "الأونروا" للمساعدة في إنقاذ خدمات اللاجئين التي تقدمها الوكالة منذ 70 عاما.

اقرأ أيضا : «قمة القدس».. هل أسدلت الستار على «صفقة القرن»؟

أزمة مفتعلة

الجبهة الشعبية، اعتبرت مخرجات اجتماع اللجنة الاستشارية لوكالة "الأونروا" والتي تتضمن وقف برنامج الطوارئ، تمريرا وتبريرا لسياسات الولايات المتحدة الهادفة للانقضاض على الحقوق الإنسانية والوطنية للاجئين الفلسطينيين عبر تهربها من التزاماتها المالية التي نصت عليها صراحةً قرارات الأمم المتحدة، معتبرةً أن الحديث المتكرر عن الأزمة المالية لوكالة الغوث يأتي ضمن خطوات وإجراءات تمهد البيئة السياسية والاجتماعية لتمرير صفقة القرن.

وصفقة القرن، هي مقترح وضعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتهدف الصفقة بشكل رئيسي إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل، خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء حق اللجوء للاجئين الفلسطينيين في خارج فلسطين.

ودعت الجبهة الشعبية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته والتصدي لـ"البلطجة" الأمريكية على قرارات الأمم المتحدة، وإلزامها بتسديد التزاماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين وحماية الحقوق الإنسانية والتي كفلتها وتشكلت لأجلها الوكالة إلى أن يعود اللاجئون إلى أرضهم التي هجروا منها وتتمكن الأمم المتحدة من إنفاذ قراراتها بالعودة والتعويض استنادا للقرار 194.

الجبهة حذرت المجتمع الدولي من إدارة الظهر لحقوق جموع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء والشتات، مؤكدة أن ذلك سيحدث حالة من عدم الاستقرار وسيضع العالم أمام مفترق طرق خطير وسيدفع بالمجتمعات المستضيفة لهذه المخيمات نحو المزيد من الأزمات والفوضى، حسب وكالة "وطن".

آمال البطش، نائب رئيس اتحاد الموظفين العرب في "الأونروا"، حذرت من أن استمرار العجز المالي للوكالة سيؤدي الى تداعيات خطيرة، مؤكدة أن العجز المالي يهدد وجود الوكالة.

وقالت البطش إن الميزانية المتوفرة حاليا للوكالة تكفي لشهر يونيو الجاري، والإدارة اتخذت إجراءات تقشفية لضمان استمرار الخدمات حتى شهر أغسطس، ولكن الكارثة الكبرى إذا لم يتوفر التمويل لما بعد أغسطس.

وأضافت: "العام الدراسي الجديد لن يتم افتتاحه في مدارس الوكالة إذا لم يتم تغطية العجز المالي، وبالتالي يصبح مصير آلاف المدرسين في خطر، ناهيك بتهديد كل فئات الموظفين الذين هم على عقود دائمة، وبالتالي تعطل عشرات المشاريع".

مصادر تمويل جديدة

ومن المقرر أن يعقد مؤتمر للمانحين الاثنين المقبل الموافق 25 يونيو في الأمم المتحدة بهدف إيجاد مصادر تمويل جديدة للوكالة التي تواجه أزمة مالية حادة إثر تجميد التمويل الأمريكي.

اقرأ أيضا : صفقة القرن│أمريكا تتأهب للإعلان عنها.. ومخاوف فلسطينية من المجهول

وقالت الوكالة في بيان إن "هذا المؤتمر هو رد على القرار المفاجئ لإدارة دونالد ترامب بقطع أكثر من ثمانين في المائة من دعمها المالي السنوي للأونروا"، مؤكدة أن هذا الأمر يهدد مهمة الوكالة بشكل جدي.

البيان أوضح أن الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش والمفوض العام للأونروا السويسري بيار كرانبول سيسعيان خلال المؤتمر إلى تأمين مساهمات إضافية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهدف الاستمرار في تقديم مساعدة إنسانية لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا".

وفي مارس الماضي، عقدت الأمم المتحدة مؤتمرا في روما بحثت فيه مستقبل الوكالة وسعت إلى الحصول على تمويل طارئ للاجئين الفلسطينيين.

ونجح مؤتمر روما في جمع 100 مليون دولار للوكالة لكنه لم ينجح في جمع 446 مليون دولار تحتاج إليها لمواصلة نشاطاتها.

"الأونروا" التي تقدم خدماتها لقرابة 5 ملايين لاجئ فلسطيني أسست في عام 1949 وبدأت العمل رسميا في 1950، لتقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين وتنسيق الخدمات التي تقدم لهم من طرف المنظمات غير الحكومية وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى.

وتأسست "الأونروا" كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين مسجلين لديها.

وتقتضي مهمتها تقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة؛ ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم.

تجدر الإشارة إلى أن الوكالة اضطرت لاتخاذ تدابير تقشفية على مدى السنوات القليلة الماضية نظرا لنقص في التمويل، إذ أن التبرعات لم ترتفع بما يكفي لمواكبة التضخم والنمو السكاني للاجئين، وقد أدى ذلك إلى انخفاض في الخدمات المقدمة للاجئين.

اقرأ أيضا: «الجارديان»: تهديد ترامب للفلسطينيين دليل على تعثر «صفقة القرن»
 

"الأونروا" جاءت بعد أن قررت الأمم المتحدة إنشاء إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، وها هي اليوم في مرمى التصفية لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، لخدمة الاحتلال.

شارك الخبر على