موسوعة جينيس تنتظر "السد العالي" في المونديال الروسي

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

القاهرة - (د ب أ)الجلوس فوق عارضة المرمى والرقص وتقطيع أجزاء من البطيخ لتناولها وسط هتافات الجماهير.. هكذا أصبح هذا المشهد من أبرز مظاهر الاحتفالات التي تترقبها جماهير كرة القدم المصرية مع كل إنجاز لمنتخبها الوطني.ويحمل حارس المرمى المخضرم عصام الحضري "براءة الاختراع" والحق الحصري لهذا المشهد الذي أصبح خالدا في وجدان الجماهير المصرية من كثرة تكراره على مدار السنوات الماضية.ولم يجد الحضري ما يعبر به عن الانتماء لقريته (كفر البطيخ) أكثر من تقطيع البطيخ فوق عارضة المرمى والرقص على أنغام الهتافات الجماهيرية في المدرجات مع كل إنجاز له مع الفريق حيث كان الحضري عاملا مشتركا في العديد من لحظات الانتصار والنشوة التي عاشها منتخب الفراعنة في العقدين الأخيرين.وعندما خاض الحضري مباراته الدولية الأولى مع المنتخب المصري (أحفاد الفراعنة) ، لم يكن زميله الشاب في المنتخب المصري رمضان صبحي لاعب ستوك سيتي الإنجليزي قد ولد بعد.وعلى مدار أكثر من عقدين من الزمان ، صنع الحضري ملحمة حقيقية في تاريخ كرة القدم المصرية والأفريقية وقد يضفي عليها الصبغة العالمية إذا شارك مع الفراعنة في بطولة كأس العالم 2018 بروسيا.ويتطلع الحضري لنيل شرف المشاركة مع الفراعنة في المونديال الروسي ليكون التتويج الأبرز لمسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات مع منتخب الفراعنة والتي شهدت العديد من الانتصارات والألقاب أيضا على مستوى الأندية.وإذا شارك الحضري (45 عاما) في المونديال الروسي ، سيصبح الحارس المصري المخضرم علامة بارزة في تاريخ بطولات كأس العالم حيث سيكون أكبر لاعب سنا يشارك في بطولات كأس العالم على مدار تاريخ البطولة متفوقا على حارس المرمى الكولومبي فريد موندراجون الذي شارك في مونديال 2014 بالبرازيل وهو في الثالثة والأربعين من عمره.وشهدت الكرة الأفريقية على مدار تاريخها العديد من حراس المرمى المتميزين أصحاب البصمات الكبيرة في ملاعب الساحرة المستديرة مثل الكاميروني توماس نكونو والمغربي بادو الزاكي وغيرهما.ولكن الحضري فرض نفسه واسمه في موقع مغاير عن جميع حراس المرمى الذين شهدتهم القارة السمراء حيث أصبح الأكثر تتويجا بألقاب كأس الأمم الأفريقية برصيد أربعة ألقاب كما قدم مسيرة يصعب على أي حارس آخر تكرارها في أفريقيا.وفي ظل الإنجازات العديدة التي حققها الحضري مع الفراعنة ، لم تعد المشاركة في المونديال حلما له فقط بل لمعظم مشجعي كرة القدم المصرية بمختلف الانتماءات حيث يعتبرون مشاركته في المونديال الروسي هو المكافأة المثالية له على جهده الوفير وتألقه مع منتخب الفراعنة على مدار نحو عقدين.ولم يكن استمرار الحضري في حراسة مرمى الفراعنة على مدار هذه الفترة الطويلة نابعا من غياب المنافس الكفء وإنما لنجاح الحضري في الحفاظ على لياقته البدنية والذهنية في آن واحد بل ودوره القيادي داخل أرض الملعب حيث كان دائما بمثابة صمام الأمان الذي يعتمد عليه الفريق في المباريات الصعبة والاختبارات العصيبة.ولهذا ، لم يكن غريبا أن تطلق عليه الجماهير لقب "السد العالي" نسبة إلى مشروع السد العالي الذي شيد قبل عقود في أسوان ليقي المصريين من خطورة الفيضانات ويمنحهم القدرة على توليد الكهرباء من اندفاع الماء.وهكذا يرى المشجعون في مصر أن الحضري وقف حائلا دون خطر اهتزاز شباك الفراعنة في العديد من المناسبات الكبيرة منها البطولات الأفريقية كما كان بمثابة الشرارة التي تضيئ ليالي المصريين بالإنجازات والألقاب الكروية.ورغم الإشارة إليه كثيرا بأنه النجم الأول للفريق على مدار سنوات طويلة ، كان الحضري حريصا في أكثر من مناسبة على تأكيد أنه "لا نجوم في الفريق. الفريق هو النجم".وشكل الحضري عقدة كبيرة وتاريخية لعدد من المهاجمين العالميين في القارة الأفريقية وفي مقدمتهم الكاميروني صامويل إيتو والإيفواري ديدييه دروجبا.ولم يتردد دروجبا في وصف الحضري بأنه أفضل منافس واجهه في حياته في إشارة إلى أن الحضري حرمه ومنتخب كوت ديفوار من التتويج بلقب كأس الأمم الأفريقية في أكثر من نسخة كان فيها الأفيال أبرز المرشحين للفوز باللقب.كما قال لاعب كرة القدم المصري السابق أحمد حسام "ميدو" ، نجم أياكس الهولندي وتوتنهام الإنجليزي وسلتا فيجو الإسباني سابقا ، في تصريحات إعلامية ، إن الحضري يعطى دروسا كل يوم للشباب وأنه صنع لنفسه شخصية "البطل" بفضل إصراره وتدريباته وجهده في العمل الذى جعله أفضل حارس في تاريخ مصر وأفريقيا بلا منازع وأصبح قدوة للكثيرين.وكد أحمد ناجى مدرب حراس مرمى منتخب مصر أن الحضري أسطورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، لا يخذلنا دائما ويظهر في الأوقات الصعبة.كذلك ، كتب الفنان المصري الشهير نبيل الحلفاوي على برنامج "تويتر" للتواصل الاجتماعي عبر الانترنت : "يا صناع السينما.. في الخارج ينتجون أفلاما خيالية عن عودة إعجازية لرياضيين لتمثيل بلدهم بعد سنوات ، ونحن عندنا أسطورة حية واقعية اسمها الحضري".وعلى مدار العقدين الأخيرين ، راود حلم المونديال الحارس المخضرم أكثر من مرة لكن الحظ عاند الفراعنة في أكثر من مرة كان الفريق مرشحا فوق العادة لبلوغ المونديال.والآن ، جاءت الفرصة إلى الحضري لكتابة فصل جديد قد يكون الأخير له في ملحمته الكروية حيث تخطى الحارس الكبير الخامسة والأربعين من عمره ليصبح عمره ضعف عمر عدد من نجوم الفريق الحالي للفراعنة ومنهم رمضان صبحي نجم ستوك سيتي الإنجليزي ومحمود حسن تريزيجيه (23 عاما) لاعب أندرلخت البلجيكي المعار إلى قاسم باشا التركي.ويتربع الحضري على القمة أيضا من حيث عدد المباريات الدولية التي خاضها كل لاعب من بين نجوم المنتخب المصري حاليا.وإذا كانت معظم الأنظار في أوروبا ستتجه صوب محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي لمعرفة ما سيقدمه مع الفراعنة في المونديال بعد موسم تاريخي في الدوري الإنجليزي ، فإن أهمية الحضري لدى الجماهير المصرية والعربية على حد سواء لا تقل عن أهمية صلاح حيث يمثل الحضري صمام الأمان للفريق.وبدأ الحضري مسيرته الكروية في مسقط رأسه من خلال نادي دمياط وكان المستوى الرائع الذي قدمه مع الفريق كفيلا بالتحاقه بالمنتخب المصري في عام 1996 حيث خاض أولى مبارياته مع الفريق في مواجهة ودية انتهت بالتعادل مع كوريا الجنوبية 1 / 1 .ولم يتردد مسؤولو الأهلي أكبر وأعرق الأندية المصرية في ضم الحارس الواعد إلى صفوف الفريق في صيف العام نفسه لتكون البداية الحقيقية لملحمة الحضري.وعلى مدار 12 عاما في صفوف الأهلي بين عامي 1996 و2008 ، خاض الحضري أكثر من 400 مباراة مع الفريق وشارك في الفوز بالعديد من الألقاب منها لقب الدوري المصري في ثمانية مواسم وكأس مصر في أربعة مواسم كما فاز بأربعة ألقاب في كأس السوبر المصري ومثلها في دوري أبطال أفريقيا وثلاثة ألقاب في كأس السوبر الأفريقي.وعلى المستوى الدولي ، وبعد سنوات تناوب فيها الحضري على حراسة مرمى الفراعنة مع أكثر من منافس ، حصل الحارس المتألق على فرصة العمر عندما منحه الجهاز الفني للمنتخب المصري بقيادة حسن شحاته مهمة حراسة مرمى الفريق في كأس الأمم الأفريقية 2006 التي استضافتها مصر.ولعب الحضري دورا بارزا في فوز الفريق باللقب وفاز بلقب أفضل حارس مرمى في هذه النسخة.وخلال النسختين التاليتين عامي 2008 بغانا و2010 بأنجولا ، لعب الحضري دورا بارزا أيضا في فوز الفريق باللقب الغالي ليصبح المنتخب المصري أول فريق يحرز اللقب الأفريقي في ثلاث نسخ متتالية كما رفع الفريق رصيده من الألقاب في البطولة إلى سبعة ألقاب (رقم قياسي) .وكان الفوز بلقب 2010 بمثابة قبلة الحياة للحضري بعد فشله مع الفراعنة في بلوغ نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا كما كان طوق النجاة لمسيرته في مواجهة انتقادات عديدة تعرض لها عقب الفوز بلقب كأس الأمم الأفريقية 2008 وذلك نتيجة هروبه إلى سيون السويسري دون علم الأهلي وهو الانتقال الذي أسفر عن إيقافه وتغريمه.ورغم توقيعه على عقد مع سيون لمدة أربع سنوات ، قضى الحضري موسما واحدا مع الفريق وعاد إلى الدوري المصري في صيف 2009 ليلعب للإسماعيلي ثم الزمالك قبل انتقاله إلى المريخ السوداني ثم الاتحاد السكندري ووادي دجلة والإسماعيلي مجددا. وبعد فترة أخرى في وادي دجلة ، شق الحضري طريقه مؤخرا إلى الدوري السعودي من خلال الاحتراف في نادي التعاون.وقبل خمس سنوات ، ترددت أنباء في كانون ثان/يناير 2013 عن اعتزال الحضري اللعب الدولي بعد جلوسه على مقاعد البدلاء لعدة مباريات متتالية ولكنه عاد لتمثيل المنتخب في العام التالي.وكانت الفترة من 2013 إلى منتصف 2016 بمثابة كبوة عابرة في مسيرة الحضري الدولية حيث خاض خلالها عددا قليلا من المباريات مع الفراعنة.ولكن حاجة الفراعنة لخبرة الحارس الكبير ، بعد غياب الفريق عن ثلاث نسخ متتالية في كأس الأمم الأفريقية أعوام 2012 و2013 و2015 ، ساهمت بقوة في العودة إلى الاعتماد عليه في عدد أكبر من المباريات بداية من منتصف 2016 .وبالفعل ، ساهم الحضري في بلوغ الفريق نهائيات كأس الأمم الأفريقية 2017 بالجابون.وفيما كانت النية تتجه للاعتماد على الحارس شريف إكرامي المتألق مع الأهلي ليكون الحارس الأساسي للفراعنة في البطولة ، جاءت إصابة إكرامي حارس مرمى فينورد الهولندي سابقا خلال تدريبات الفريق قبل بداية البطولة ثم إصابة زميله أحمد الشناوي بعد دقائق قليلة من بداية المباراة الأولى للفريق في البطولة أمام منتخب مالي لتدفع بالحضري إلى المشهد مجددا.وعاد الحضري للتألق في حراسة مرمى الفراعنة ليلعب دورا أساسيا في بلوغ الفريق المباراة النهائية التي أصر على خوضها رغم مرضه ولكن الفريق خسر أمام المنتخب الكاميروني في الوقت الإضافي.ونال الحضري دفعة معنوية هائلة كما كان تألقه في هذه البطولة سببا في الدفع به خلال المباريات الأخيرة الحاسمة بتصفيات أفريقيا لمونديال 2018 بروسيا ليساهم في تحقيق حلم الفراعنة ببلوغ المونديال للمرة الأولى منذ 1990 .والآن ، وبعدما أصبح الحضري أكبر لاعب سنا يشارك في أمم أفريقيا من خلال نسخة 2017 بالجابون ، يراود الأمل اللاعب الآن في خوض فعاليات المونديال الروسي ليصبح أكبر لاعب سنا يشارك في بطولات كأس العالم.

شارك الخبر على