نافذة من موسكو..هفوة الحكومة حرمت العراق من الحق في مياه دجلة

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

د.فالح الحمـراني
حمل تقرير لمعهد الشرق الأوسط بموسكو الحكومات العراقية المتعاقبة تداعيات أزمة المياه في نهر دجلة بسبب هفوتها في المراحل من الأولى من المباحثات مع الجانب التركي بشأن بناء سد أليسو على نهر دجلة. وأشار إلى أن مصدراً في وزارة الخارجية كشف بتاريخ 5 حزيران عن أن الجانب العراقي عرف في وقت سابق عن خطط تركيا بشأن بناء سد اليسو وإن معارضته لهذا المشروع انحصرت فقط حول الفترة الزمنية التي سيتم فيها ملء خزان السد والتي قدرتها أنقرة ب 18 شهراً وتم توجيه مذكرة بهذا الشأن إلى سفير تركيا في العراق تتضمن الطلب بان تكون الفترة الزمنية أقل. وإن الجانب العراقي لم يعترض على السد نفسه أو يتفق على نسب المياه وفقاً للقوانين الدولية أو الثنائية في الوقت المناسب، منوهاً بان الخارجية العراقية أكدت في الوقت نفسه إنه لا توجد أية اتفاقية بين البلدين بصدد تسوية تنظيم تدفق مياه دجلة. وقال إن عواقب خفض مياه دجلة لا يمكن تقديرها، وانها ستكون ضربة صاعقة باقتصاد العراق وسكانه، كما أصبح هذا واضحاً الآن، وقارنه بمسدس يوضع على صدغ بغداد، حيث يمكن أن تستخدمه تركيا لتحقيق أغراضها السياسية والاقتصادية في العراق.ويرى التقرير أن تحديد 18 شهرا لملء الخزان يوضح مدى آفاق أزمة المياه في العراق، وحدد أيضاً بانها ستكون مزمنة، وإن أنقرة لن تعيد النظر في قرارها، نظراً لأن الوضع المتعلق بالسد التركي الذي سيضاف له سداً آخر أصبح ثابتا، وان ملء الخزان بهذه الوتيرة سيمتد حتى الصيف القادم. وقال إن هناك العديد من الأسئلة التي تطرح بهذا الصدد على الخارجية العراقية. فيتضح من بيانها إن الحكومة التركية أخطرت بغداد مرات عديدة بشأن خطط بناء السد. وان بغداد اعترضت بدورها، ولكن ليس ضد البناء بمعنى الكلمة، بل ضد الجدول الزمني لملء الخزان، مستندة إلى الفقرة السابعة في اتفاقية لعام 1997 التي تلزم مالك تدفق النهر عدم الحاق الضرر بالبلد الذي يقع أدنى مصب النهر. وقال إن حجج الجانب العراقي انحصرت في تحديد كمية التدفق وليس في حق تركيا بناء مثل هذا المشروع. وقال انطلاقاً من الأغراض التي حددتها أنقرة من بناء السد، أي إنتاج الطاقة الكهرومائية التي تحتاج لكميات كبيرة من الماء ومشاريع الري الضخمة، فمن السهل أن نستنتج أما إن الجانب العراقي لم يجرِ تقييماً لسد اليسو على مستوى خبراء، أو إنه طرح على الأتراك شروطاً تعجيزية، والآن ليس بوسعهم ملء الخزان بأقل حجم مما يحتاجه المشروع ولا يستطيعون صرف مياه أكثر مما هو محدد، نظراً لأن التروبينات تمرر كمية محسوبة من الماء وليس أكثر. وبعبارة أخرى ( والكلام للتقرير) أما إن الجانب العراقي لم يدرك ما سيواجه أو أعتقد بأن تركيا ستأخذ بنظر الاعتبار مطالبه وعلى أي حال إنه انعدام عميق للمهنية ولا سيما في ضوء حقيقة إن مثل هذا المنشآت لا تبنى بين ليلة وضحاها وإن الأتراك كما اتضح حذروا من العواقب المحتملة. وأضاف والآن كافة المحاولات الرامية لتشكيل لجان فنية مشتركة، واطلاق النداءات لتركيا، التي يحبها العراقيون، حول "احترام السيادة" والانطلاق من "المصالح المشتركة" أصبحت كلاماً فارغاً، لأن العراق لم يستغل الفرص المناسبة. وخلص : إن الحكومة العراقية انتبهت للموضوع بصورة متأخرة ربما لأنها صبت كل جهودها، ووظفت علاقات العراق لمواجهة داعش. أضافة إلى ذلك فان تركيا يمكن أن ستستخدم إشرافها على مياه دجلة لممارسة الضغط على بغداد وأربيل بشأن دور ومكان حزب كردستان الديمقراطي في المناطق الحدودية أو مثلاً المضاربة على سعر مرور نفط العراق الذي يضخ إلى ميناء جيهان التركي.وخلص بالقول " من الواضح إن هفوة العراق في المرحلة الأولى من المباحثات بشأن السد، والجوانب الفنية للمشكلة التي أصبحت معروفة، تجعل فرص تغيير الوضع الراهن من الجانب التركي مشكوك فيها، وفي هذا الصدد سوف تضطر بغداد للعثور على احتياطات مياه داخلية وفي النهاية القيام بإصلاحات واستعادة النظام في مجال استخدام المياه". من جانب آخر خلص التقرير الشهري عن الوضع في العراق الذي يعده معهد الشرق الأوسط في موسكو إلى أن الحالة العسكرية والسياسية في البلاد خلال آيار/ مايو 2018 ظلت معقدة للغاية. وقال إن الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 آيار/ مايو أظهرت بجلاء " تفتت الطيف السياسي" في البلاد، وانعدام الوحدة في المجتمع العراقي، وهو ما يحول دون إيجاد حلول ناجعة للقضايا المعقدة الماثلة أمام العراق على نحو كامل في المواجهة مع داعش، واستعادة العراق وتطويره. وإن التوتر ما زال قائما في مجال الأمن، حيث إن عصابات داعش التي لم تلحق بها الهزيمة للنهاية تستمر في التحرك بنشاط في مختلف مناطق العراق. ولم يتم حل العديد من القضايا المتعلقة بين الحكومة الفيدرالية وسلطات اقليم كردستان العراق.ورصد التقرير إن النشاط الإرهابي للمسلحين من مختلف الجماعات المتطرّفة، وبالدرجة الأولى من داعش ظل خلال الشهر الماضي على مستوى عالي. معيداً الأذهان إلى الإعمال الإرهابية التي وقعت في 12 و14 و24 مايو الفائت. ونقل عن معطيات بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق إشارتها إلى أن الأعمال الإرهابية والعنف والنزاعات المسلحة أودت بحياة 95 مواطناً عراقياً وجرح 163. منوهاً بأن بغداد شهدت سقوط أكبر عدد من الضحايا: 45 قتيلاً و72 جريحاً. وتأتي بعدها بالمرتبة التالية ديالي وكركوك. وحتى الأول من حزيران/ يونيو الحالي استمر مقاتلو داعش التحرك في الأراضي العراقية في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى وبغداد وفي بعض المناطق الأخرى. وتبقى بعض مناطق محافظة كركوك وصلاح الدين ونينوى والأنبار تحت سيطرة الإرهابيين. فضلا عن ذلك تتحرك " الخلايا النائمة" للمنظمات الإرهابية سراً في الكثير من مناطق العراق.وفي إطار العلاقات الروسية ـ العراقية أشار التقرير إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين أجرى في 9 أيار/ مايو محادثات مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجرفان برزاني، وأفاد إن البرزاني وصل موسكو بدعوة من رئيس شركة "روس نفط" إيجور سيشتين. وناقش بوتين والبرزاني العلاقات الثنائية، بما في ذلك السياسية والاقتصادية وفي مجال الطاقة، فضلاً عن قضايا الأمن في الشرق الأوسط. وذكر إن شركة "روس نفط" وحكومة كردستان العراق وقعتا في 25 أيار/ مايو على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي على اتفاقية، تعزز النية بإجراء تحليل مفصل لفرص التعاون في مجال الغاز. من ناحيته وصف سفير العراق في موسكو حيدر العذاري تلك الاتفاقية بانها "منافية للقانون".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على