المفتي تطبيق الأحكام الشرعية يحتاج إلى إدراك الواقع

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن تنزيل الأحكام الشرعية وتطبيقها على واقع الناس أمر دقيق، لا بد معه من إدراك الواقع، والإحاطة به، من خلال منظومة كاملة من العلوم، وتحري الواقع الاجتماعي والفكري، ومعرفة عالم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار، وعلاقات تلك العوالم بعضها بالبعض، فمن كان معزولا عن الواقع، أو لا يتابعه، أو يتابعه بصورة سطحية، فإن فهمه للشرع الشريف سيكون في المقابل منقوصا ومشوها.

وأضاف علام، في برنامج "مع المفتي"، اليوم الخميس، أن دار الإفتاء المصرية تعاملت بذكاء وحكمة مع قضايا العصر والمسائل المستجدة باتباعها مبدأ الاختيار الفقهي بعدم الاقتصار على مذهب واحد من المذاهب الفقهية الأربعة بل استثمرت واستفادت من مذاهب المجتهدين العظام، بما يحقق مصلحة العباد والبلاد ما دام الأمر لم يكن مخالفا للشرع الشريف.

وعن كيفية التعامل مع المستجدات، أوضح أن الفقه الإسلامي أو نتاج العقل المسلم دائر في فلك القرآن والسنة ولم يخرج عنهما، لأن التحقيق العلمي أن استنباط الأحكام من النصوص الشرعية يكون إما بصورة جزئية وتفصيلية بالنص من الكتاب أو السنة على حكم المسألة، وإما بصورة كلية تتم بالقياس على ما هو منصوص على حكمه، وإما بغير ذلك من الأدلة.

ولفت مفتي الجمهورية إلى أن القرآن والسنة المعتمد والأساس لكل مصادر التشريع الأخرى من القياس والإجماع والمصالح المرسلة وغيرها، مشيرا إلى أن الفقهاء اهتموا بالتعامل مع المسائل والقضايا غير الموجودة في القرآن والسنة بصورة جزئية تفصيلية من المستجدات والنوازل وقعدوا القواعد الضابطة لاستنباط الأحكام لها، ومن أبرز هؤلاء العلماء الإمام العز بن عبد السلام فقد وضع في كتابه "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" نظرية للموازنة بين المصالح والمفاسد وبين المصالح والمصالح، وبين المفاسد والمفاسد.

ونبه المفتي إلى أن الوسطية في النقل من التراث عند التعامل مع الواقع والمستجدات يجب أن تتم دون غلو أو تفريط، مضيفا أنه من العوار أن نستصحب ما كان لما هو كائن الآن وبعقل ليس فاهما، وكذلك فمن الخطأ رفض ما قعده الفقهاء وما تركوه لنا من ثروة فقهية بدعوى تغير الزمان والمكان، فمن دعا للاستغناء عن هذا التراث جملة وتفصيلا فقد ضاع وضيع غيره وضل الطريق، فلا بد من الاستفادة من هذا التراث ولكن بعقل منفتح.

وذكر أن الأمة عبر تاريخها عملت على ضبط حركة الحياة بالأحكام الشرعية في تناسق حكيم، وذلك لأنهم فهموا ماهية "الشرع الشريف" فهما صحيحا على وفق مراد الله تعالى ومراد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي تعد المرونة من أهم خصائصه؛ وهي تقضي على المسلم بضرورة الانطلاق من القواعد الشرعية الكلية والاهتمام بترسيخ القيم والمبادئ العامة الثابتة، وهو منهج حكيم رسخه النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق الشرع الشريف، ثم سار على ضوء هذا الهدي الخلفاء الراشدون ومن بعدهم أئمة الإسلام المجتهدون عبر العصور من أجل تحقيق هذه الرسالة النبيلة.

وعرض المفتي نماذج حديثة من التعاملات كتعدد وتعقد أشكال العقود عن السابق، وكذلك التنبيه على اعتبار البنوك شخصيات اعتبارية تختلف أحكامها عن الشخصية الفردية عند التعرض لقضية الربا وغيرها، مستدلا بنظام الوقف الذي تختلف أحكامه عن التعاملات الفردية كعدم حصول الزكاة في أموال الوقف بعكس الأموال الأخرى المملوكة للأشخاص وذلك وفق الضوابط الشرعية.

شارك الخبر على