ألمانيا قلقة من حرب تجارية محتملة مع الولايات المتحدة ومستعدة لإجراءات مضادة

ما يقرب من ٦ سنوات فى كونا

من عبدالناصر جبارة (تقرير)
برلين - 7 - 6 (كونا) -- تواصل الاوساط السياسية والاقتصادية الألمانية الاعراب عن قلقها من انزلاق الخلافات التجارية بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الى حرب تجارية فعلية منذ اعلان وزارة التجارة الامريكية قبل ايام فرض جمارك عقابية على واردات البلاد من الصلب والألمنيوم.وأعلن وزير التجارة الامريكي ويلبور روس ان السلطات الامريكية بدأت في الاول من يونيو الجاري فرض جمارك بنسبة 25 بالمئة على وارداتها من الصلب من دول الاتحاد الاوروبي وكندا والمكسيك وبنسبة 10 بالمئة على وارداتها من الالمنيوم من البلدان ذاتها.ولم ينتظر الاتحاد الاوروبي طويلا من اجل الرد على الاعلان الامريكي معتبرا على لسان رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر القرار "غير مقبول" و"يوما سيئا للتجارة العالمية" و"دليلا على مواصلة الرئاسة الامريكية سياساتها الاقتصادية الحمائية".وفيما ابدى يونكر استعدادا كاملا للرد على القرارات الامريكية بإجراءات مضادة تشمل فرض الجمارك العقابية على بضائع امريكية ترك المسؤول الاوروبي الباب مفتوحا امام امكانية مواصلة المباحثات مع الجانب الامريكي قائلا ان الاتحاد الاوروبي مستعد ايضا لتسهيل عبور بعض الشركات الامريكية الى الاسواق الاوروبية.وصدقت المفوضية الأوروبية امس الاربعاء بالفعل على قرار بفرض رسوم إضافية على السلع الأمريكية المصدرة للسوق الاوروبية ردا على التعريفات الجمركية الامريكية الاخيرة على وارادات الصلب والالمنيوم الاوروبية.وقالت المفوضية في بيان صحفي إن قرار فرض الرسوم سيدخل حيز التنفيذ بحلول يوليو المقبل بعد التنسيق مع الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. واكدت ان هذه الخطوة تتماشى تماما مع قواعد منظمة التجارة العالمية كما تتوافق مع قائمة المنتجات التي إخطرت بها المنظمة في السابق.وبحسب اتفاقية منظمة التجارة العالمية فانه يحق للجانب الاوروبي اتخاذ اجراءات ردا على الرسوم الامريكية بما يعيد التوازن للتبادل التجاري مع الجانب الامريكي.واوضحت المفوضية "لذلك فان الاتحاد الأوروبي سيمارس حقوقه على الفور بفرض رسوم جمركية على المنتجات الأمريكية التي تقدر قيمتها بحوالي 2ر3 مليار دولار في نطاق التبادل التجاري بين الجانبين. واكدت انها ستفرض رسوما اضافية في مرحلة لاحقة في نطاق إعادة التوازن للتبادل التجاري وبما لا يتعدى بالاجمال ما قيمته 5ر7 مليار دولار. وتشمل القائمة للمنتجات الأمريكية التي سيتم فرض تعريفات اضافية عليها الفولاذ والدراجات النارية والقوارب البخارية والأرز وعصير البرتقال.واعتبرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للتجارة سيسيليا مالمستر في البيان الصحفي ان الاجراءات الاوروبية هي استجابة مناسبة للقرار "الأحادي وغير القانوني" الذي اتخذته الولايات المتحدة ضد صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبي.
واعربت عن الاسف ان الولايات المتحدة لم تترك خيارا للجانب الاوروبي مؤكدة ان القرار الاوروبي يتماشى مع قانون التجارة الدولي.وفي ألمانيا التي تعد من أكثر الدول الاوروبية تضررا من الجمارك الامريكية جاءت تصريحات النخبة السياسية متحفظة فيما تحدثت الاوساط الاقتصادية في أكبر اقتصاد اوروبي عن خرق لقوانين التجارة العالمية.وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس "اجابتنا عن عبارة الرئيس الامريكي امريكا اولا ستكون اوروبا موحدة وألمانيا ليست لديها مصلحة في انزلاق الخلافات مع الامريكيين الى مزيد من التصعيد والى حرب تجارية".واضاف "لأن الطرفين سيخسران من حرب تجارية فإننا سنواصل العمل على الحفاظ على معايير التجارة الحرة والسعي الى مواصلة المحادثات مع الأمريكيين".من جانبه حذر وزير الاقتصاد والتكنولوجيا الألماني بيتر التماير من حرب تجارية قائلا ان حكومة بلاده كانت دائما تعمل على الدفاع عن فكرة الاسواق المفتوحة.وقال الوزير الألماني عقب محادثات اجراها مع نظيره الفرنسي برونو ليمير في برلين "صحيح اننا كنا دائما ضد حرب تجارية بين الدول الصناعية ولكن ألمانيا وفرنسا مستعدتان ايضا لاتخاذ اجراءات موحدة ومضادة من اجل الرد على القرارات الامريكية".واضاف ان "الدفاع عن مصالح العمال الألمان والفرنسيين في قطاع الحديد والصلب يتطلب منا الدفاع عن مبادئ التجارة الحرة والاسواق المفتوحة".اما رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية ايريك شفايتسر فقد اعرب عن امتعاض الشركات الألمانية ازاء هذه القرارات بالقول "باتخاذ الولايات المتحدة مثل هذه القرارات حتى ضد أقرب شركائها تكون الإدارة الامريكية خرقت القانون الدولي وقوانين منظمة التجارة العالمية".واضاف "في النهاية سيخسر الجميع.. المستهلكون الامريكيون والشركات الاوروبية والمصانع الامريكية".اما رئيس اتحاد شركات الحديد والصلب الألمانية يورغن كيرهوف فاستنكر القرارات الامريكية قائلا ان "قطاع صناعة الحديد والصلب الألماني يدين هذه الاجراءات الامريكية واهم شيء بالنسبة له الان هو التحكم في كميات الحديد والصلب التي ستدخل بلدان الاتحاد الاوروبي نظرا لأن الحديد والصلب الصيني الى الاسواق الامريكية مثلا سيغير وجهته وسيتم تصديره الى الاسواق الأوروبية".ووفقا لبيانات اكبر معهد ألماني للدراسات الاقتصادية (ايفو) فان الاجراءات الامريكية ستفقد الناتج القومي المحلي الألماني خمسة مليارات يورو في العام الامر الذي يعني 16ر0 بالمئة فقط من قوة ألمانيا الاقتصادية.واضاف المعهد ان الاقتصاد الألماني سيكون قادرا على تحمل تبعات هذه الاجراءات الا اذا شملت قوانين فرض الجمارك قطاع صناعة السيارات نظرا لأن ألمانيا صدرت في العام الماضي سيارات بقيمة 234 مليار يورو الى جميع انحاء العالم.وجاءت مخاوف قطاع صناعة السيارات الألمانية على خلفية ايعاز الرئيس الامريكي دونالد ترامب في نهاية مايو الماضي لوزارة التجارة الامريكية بفحص امكانية فرض الجمارك على السيارات وقطع الغيار وفق المادة 232 من الدستور.وقال الرئيس الامريكي ان الخطوة تهدف الى التأكد مما اذا كانت واردات بلاده من السيارات الاجنبية "تشكل خطرا" على الامن القومي الامريكي.وتهدف الولايات المتحدة من خلال هذه الاجراءات الى خفض العجر الذي يعانيه الميزان التجاري الامريكي مع الدول الاجنبية لا سيما مع دول الاتحاد الاوروبي خاصة ألمانيا اضافة الى تحفيز القطاع الصناعي الامريكي فضلا عن ان واشنطن تتهم الاتحاد الاوروبي برفع الحواجز الجمركية امام البضائع الامريكية.اما من الناحية الرسمية فقد بررت الإدارة الامريكية القرارات بأن وارداتها المتضخمة من الألمنيوم والصلب الاوروبي والكندي والمكسيكي تضر بالامن القومي الامريكي.يذكر ان الخلافات الجارية التي قد تنزلق بالفعل الى حرب تجارية تأتي قبل ايام من عقد قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى (جي 7) في كندا التي تتكون من الدولة المضيفة والولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا. (النهاية)

ع ن ج

شارك الخبر على