مشاهدات خلوة " لبنان القوي" بين "منقمين" و"عسكرية" افرام و"باخرة" ابي خليل و"صبحية" ابي رميا و"تواضع" بو صعب و"لامركزية" عون

ما يقرب من ٦ سنوات فى تيار

كبريال مراد
 
"الانتاجية من خلال رؤية مشتركة وعمل هادف يخلق شخصية واحدة لا شخصيات متعددة للتكتل". هي الفلسفة التي بنيت عليها خلوة تكتل لبنان القوي التي انعقدت في فندق قادري الكبير في زحلة الثلثاء.
 
الخلوة هي الأولى للتكتل الأكبر في برلمان 2018، والرابعة من ضمن سلسلة خلوات التكتل بصيغته السابقة، يوم كان يترأسه العماد ميشال عون، والتي انعقدت اولها بتنظيم من امانة السر بعيد انتخابات العام ٢٠٠٩ في دير مار انطونيوس -بيت شباب، واطلقت عمل التكتل بعد تجربة الولاية النيابية الاولى، وثانيها في دير مار الياس-الكنيسة، وحددت خلالها اولوية الاصلاح، وثالثها في دير القلعة- بيت مري، وشكّل مسار رئاسة الجمهورية اولويتها.
 
خلوة زحلة أتت هذه المرة بعيد انتخابات نيابية، وعشية ولادة حكومية، وفي غمرة تحديات. لذلك، أريد منها ألاّ تكون مجرّد لقاء عابر لالتقاط الصور، بل هدفت الى خلق اطار تنظيمي للتكتل بعدما ازداد عدده والتنوّع المكوّن له، في ما يشكّل مصدر غنى وقوة دفع من خلال الاستقادة من قدرات كل نائب حزبي او مستقلّ.
 
قبل اسبوع اتخذ القرار النهائي بعقد الخلوة وحدد مكانها. فكان لا بد من زيارة استطلاعية لامين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان وفريق العمل، مدققاً بالتفاصيل الهامة والمؤسسة لنجاح الخلوة، والتي يغوص بها لدرجة الازعاج، لما تشكله من اطار منظم وساند للعمل، من قاعة الاجتماع وما ستتضمنه، مروراً بالورد والقرطاسية ولائحة الطعام وتوزيع الغرف، الى برنامج الخلوة السياسي والاداري.
 
بعدها كان لا بد من سباق مع الوقت من خلال تواصل فريق العمل مع النواب لتأكيد الحضور ومعرفة عدد المرافقين لتوزيع الغرف، وطلب ارسال الافكار خطياً لطبعها وتجهيزها، بموازاة العمل مع المطبعة على اعداد فايلات خاصة تحمل شعار الخلوة "معاً من اجل لبنان قوي".
 
ولأن هذا العنوان يحتاج الى ترجمة عملية، كان لا بد من أن تسهم النقاشات في وضع خريطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة، انطلاقاً من التنوّع الذي يتشكّل منه التكتل، وقدرته على العمل والانجاز في الملفات المختلفة التي ينتظرها اللبنانيون.
 
مع ساعات بعد ظهر الاثنين بدأ النواب بالتوافد الى زحلة، في الوقت الذي كان كنعان الذي وصل منذ الظهر، يؤكد مع فريق العمل، في بهو الفندق، على ان كل شيء بات جاهزاً، وان اي تفصيل لم يهمل.
 
تسلّم النواب غرفهم ووجدوا فيها file يتضمن اسم كل نائب والبرنامج وبعض الافكار الرئيسية.
 
وفي الوقت الذي كان رئيس التيار الوطني الحر يلتقي في غرفته في الطابق الثاني من الفندق، هيئة زحلة في التيار، كان عدد من النواب يجتمعون حول طاولة في الطابق السفلي لتبادل الافكار، فيما كان النائب ميشال ضاهر يحرص طوال الوقت على ان يكون " كل شي تمام" في الفندق، يتابع تحضيرات العشاء في البردوني.
 
الثلثاء، وقبل ان يصير وقت الجدّ، لم يغيّر باسيل عادته، فخرج " المنقم الاول" باكرا للركض في زحلة، ساحباً النائب ادكار معلوف معه للركض، بعدما حمّس النواب على الذهاب مشياً الى البردوني ليلاً لتناول العشاء " لتحريك الدورة الدموية".
 
باكراً ايضا، نائب آخر لم يغيِّر عادته، هو " المنقم الثاني" ابراهيم كنعان الذي "نقم" فريق فريق العمل والنواب، "وما نام وما خلى حدن ينام"، وتابع الكاميرات والامور التقنية للساعة الصفر التي حددت عند التاسعة، بعد الترويقة الباكرة في مطعم الفندق.
 
هكذا، دخل النواب الى القاعة الكبرى في الطبقة الأرضية للفندق، التي غيّرت أمانة سرّ التكتل معالمها بوضع شاشة عملاقة لعرض الدراسات التي طلبت من النواب تزويدها بها عشية الخلوة، ووضعتها في ملف حضّرته خصيصاً للمناسبة. فكل نائب حمل اوراقه من ضمن المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والاصلاحية والاعلامية.
 
تأخر دخول سيمون ابي رميا، فصبحيته "ع رواق"، فكان لا بد من اتصال استعجال له من قبل مسؤلة اعلام التيار الين فرح، "لازم نبلش والاعلام ناطرنا للنقل المباشر".
 
بعد الافتتاح، تحولت الخلوة الى مغلقة، ما زاد من حشرية وسائل الاعلام المختلفة التي وقفت عند باب القاعة وفي بهو الفندق، لتصطاد معلومة من نائب خرج لدقيقة.
 
في الداخل، لم يكن التكتل غريباً عن الواقع وصرخة الناس، ولأن المسؤولية باتت أكبر مع كبر حجم التكتل، فلذلك، وعلى مدى 10 ساعات وراء ابواب موصدة، نوقشت كل الافكار والعناوين، وحدّدت توجهات "لبنان القوي" منها، على أن تتحوّل في أقرب وقت الى مشاريع، بعد العمل على تطويرها من خلال اللجان التي تشكّلت وفرق العمل التي توزّع عليها اعضاء التكتل، في سياق الجدّية التي أريد لها أن تطبع صورة التكتل.
 
هو عمل لم يخل من ضرورة تدخل كنعان في بعض الاحيان لضبط عدم التزام بعض النواب بالوقت المخصص للمداخلات والذي حدد بثلاث دقائق. فيما كان باسيل يسانده مقاطعاً، كما حصل مثلا خلال مداخلات النائب نعمة افرام في ملف الاستراتيجية الدفاعية قائلا " كنا منعرف نعمة الصناعي، اكتشفنا نعمة العسكري اليوم!". علما ان لجنة الاستراتيجية الدفاعية اوكلت لعميدي التيار شامل روكز وطوني بانو.
 
في ملف الكهرباء، كانت اوراق الوزير سيزار ابي خليل كثيرة، وضعها على usb على شكل باخرة نفط. ما اضطر بباسيل الى مقاطعته ممازحاً " شو الظاهر بدك ايانا نحل مشكلة الكهربا هلّق؟".
 
على استراحة الغداء، فضّل النائب الياس بو صعب الجلوس الى طاولة فريق العمل والاعلاميين، فعلّق احد زملائه بالقول "بو صعب المتواضع".
 
بعد قليل تبعه النائب اغوب بقرادونيان، ومن سؤال اعلامي لآخر، وصل النقاش الى انتخابات المتن الشمالي، "فمرَّك" بو صعب على زميله لجهة نيل امين عام الطاشناق كمية حرزانة من الاصوات التفضيلية الشيعية.
بعد الاستراحة استكملت نقاشات الخلوة. الملف المالي والاقتصادي وصفه باسيل بأولوية الملفات التي بنيت ارضية صلبة لها لجنة المال والموازنة. اما مكافحة الفساد، التي يحمل نكهة زحلة بدخول النائب سليم عون اليها، فقذ طمأن باسيل النائب زياد اسود بأنه محصَّن سياسياً في لعب دور مقرر اللجنة التي شكّلت لهذه الغاية.
 
"الملف لألان عون"، قالها باسيل في معرض الحديث عن اللامركزية الادارية، ولسيمون ابي رميا عند بحث ملف الشباب والرياضة. فيما كان ميشال معوض يدون الملاحظات ويقوم باكثر من مداخلة.
 
وعملا بمقولة "اعطي خبزك للخباز"، تسلم كل نائب ملفاً بحسب اختصاصه والمجال الذي يرغب في العمل به.
 
وبعدما قيّمت كل التفاهمات، واكدت عليها، لاسيما لناحية المصالحة المسيحية، اتخذت الخلوة قرارا بأن يكون التكتل في وسط الحياة السياسية، اي محورها، بهدف الانجاز مع كل من يمتلك ارادة الانجاز من الكتل النيابية المختلفة.
 
اهم ما في الخلوة سياسياً انها مدَّت اليد لمختلف الكتل، رافضة منطق العزل، وسائرة بمنطق الجمع، وهو ما تظهّر بالكلمة الختامية لرئيس التكتل الوزير جبران باسيل.
 
اوراق كثيرة كتبت في الخلوة، وملاحظات وضعت، وافكار جرى تداولها، عكف النائب كنعان على تجميعها وغربلتها، وهو الذي سيحوّلها لملف يتسلمه الاعضاء في الاجتماع المقبل للتكتل..."فالاهداف لم تنته مع نهاية الخلوة، التي لن تكون الاخيرة، بل بدأ مشوار الانتاجية".

شارك الخبر على