إفطار صائم أم موائد صلاة المغرب!

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيفي الوقت الذي نعزز فيه الجهود المبذولة من جهات عديدة في هذا الشهر الفضيل في المساجد والجمعيات والهيئات الخيرية من أجل توفير (إفطار الصائم) باعتبارها صدقة عظيمة الثواب مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا).ومن أجل هذا الثواب المؤكد فإن كل الجهات تتدافع وتجتهد لتوفير هذا الإفطار أملا وعشما في الحصول على هذا الأجر وذاك الثواب الجزيل.إلا أن هناك سوء فهم على ما يبدو بشأن معنى ومغزى وجدوى هذا السنة الطيبة، ذلك أننا نرى أعداد الذين يحرصون على أداء صلاة (المغرب) تحديدا في المساجد يفوقون أعداد المصلين في كل الصلوات الأربع الأخرى، بل إن المساجد تعج بالمصلين أو لنقل بالمفطرين بنحو يفوق قدراتها الاستيعابية، وبعضهم غير حريص على نظافته الشخصية بنحو واضح مما يسبب الأذى لبقية المصلين.وبنظرة عجلى على الوضع القائم حاليا نجد أن المساجد قد تحولت لمطاعم كبيرة الحجم واسعة الأرجاء، وقد حضر إليها كل الذين لا يصلون إلا في رمضان قياسا على أعداد المصلين في صلاة المغرب تحديدا في ما قبل رمضان، ليعود العدد لوضعه الطبيعي بعد رمضان، وهذا يؤكد أن الازدحام -والله أعلم- تأكيد على أننا لا نعلم الغيب لكنه اجتهاد بشري محض يشير إلى أن الازدحام أصلا من أجل الموائد ليس إلا.ذلك يعني أن المسألة باتت في حاجة ماسة لإعادة تنظيم وبقدر يكفل للمساجد حقها في أن تبقى نظيفة تفوح منها رائحة البخور والعطور وليست روائح الطعام وبقاياه وقد نثرت على السجاد، كما أن النفقات المالية والتي يبذلها أصحاب الأيادي البيضاء عشما وأملا في الأجر والثواب ما عادت بكافية لإطعام تلك الأعداد المهولة من المفطرين ولا نقول من المصلين تحفظا فقط.وفي إطار تأكيد لا ينقصه الوضوح يقول أحد وكلاء المساجد أن مسجده لا يقدم وجبة كاملة، فقط التمر واللبن وباعتبار أن الغاية هي الصيام وليس الطعام، ولهذا السبب ليس فيه ازدحام بل إن رواده هم أنفسهم رواده قبل رمضان، ولنا أن نستخرج العبرة من هذه المفارقة.بالطبع نحن نؤكد على أهمية وفضل إفطار الصائم وعظمة الأجر المكتنز فيه اتساقا مع ما جاء في الحديث الشريف، ولكن لابد من ضبط الأمور في المساجد وبنحو يحقق الغاية النبيلة من هذه الشعيرة الإسلامية المتفردة وبما يليق بمكانة بيوت الله في حياتنا وفي دنيانا.نأمل أن يكون إفطار الصائم للصائمين وحدهم ، بعد تنظيف هذا المعنى من أي تسمية تشير إلى إنها وليمة أو مناسبة اجتماعية عادية فهي أقدس من كل ذلك كما نعلم، وبذلك تبقى بيوت الله هي الأمكنة التي تهفو إليها النفوس في رمضان عشما في مغفرة وغفران من الله عظيم، وليس من أجل ملء البطون وإغلاق الجفون.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على