«أبو عمر المصري».. «فخر الدين» مظلوم أم ظالم؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

كان «دون كيخوته» رجلا ضعيف البنية، يمتطي فرسا هزيلا، ويعتبر نفسه فارسا نبيلا، حامي حمى الضعفاء ونصير المغلوب على أمرهم، فقرر محاربة طواحين الهواء، فهزمته شر هزيمة، وأينما تحرك كان يلقى السخرية من الناس، هكذا رسم الأديب الإسباني «ميجل دي ثربانتس سابدرا»، شخصية دون كيخوته في الرواية التي حملت نفس الاسم، فكان يقع في المشاكل بسبب سعيه لبطولة غير حقيقية، ويشبه هذا كثيرًا، مسار شخصية فخر الدين، التي يؤديها الفنان أحمد عز في مسلسل أبو عمر المصري، الذي يعرض في موسم دراما رمضان هذا العام.

«فخر الدين» و«دون كيخوته» الفارس الساذج

تبدو شخصية فخر الدين «أبو عمر المصري»، كشخصية فارس نبيل يرفض الظلم، ويدافع عن المقهورين من الضعفاء والمهمشين والفقراء، ولكنه يصطدم مع رجل الأعمال صاحب الجبروت ومركز الشر في المسلسل «سمير العبد»، الذي أدى دوره الفنان فتحي عبد الوهاب، وتسبب في الأذى لفخر بقتله ابن خالته «عيسى»، كما نكل بأصدقائه.

للوهلة الأولى تبدو تيمة المسلسل تدور حول «الفكرة السطحية» التي تطرح على نطاق واسع في أوساط تيارات اليسار السياسية، ليس في مصر فقط، بل وفي العالم بشكل عام، حول تبرير ظهور الإرهاب، وتحول الأشخاص إلى إرهابيين ومجرمين، بأن «القهر والظلم يولد الإرهاب»، لكن بعد مرور 15 حلقة، أي نصف حلقات المسلسل، هل فعلا تعرض فخر الدين للقهر والظلم ليتحول إلى الإرهابي أبو عمر المصري؟

حتى لا نظلم صناع المسلسل، ونقول نيابة عنهم، إنها الفكرة التي يريدون أن تصل للناس، فإن مشاهدي المسلسل هم من يرون ذلك، لكن للإجابة عن سؤال: هل تعرض فخر الدين للظلم والقهر ليتحول إلى إرهابي؟ علينا أن نتتبع خط سير والأحداث التي مرت بها الشخصية بشيء من التفصيل لنعرف لماذا تحول «فخر» إلى إرهابي.

هل سعى سمير العبد لقهر فخر الدين؟ أم أنه حارب طواحين الهواء؟

من سير أحداث المسلسل فإن فخر تعرض للظلم بشكل واضح لأول مرة في حياته على يد عمه الذي رفض أن يمنحه ميراثه إلا إذا تزوج بنته، لكن هذا ليس سببا كافيا ليتحول إلى إرهابي، خاصة أن فخر محام نبيه.

الظلم أو القهر الرئيسي، الذي تعرض له «فخر»، وفق أحداث المسلسل، من قبل رجل الأعمال سمير العبد، دفعه للهروب من مصر إلى بلجيكا، فبعدما قتل «عيسى» -ابن خالة فخر- والذي حصل على منحة في نفس فترة وفاته لدراسة الماجستير، لم يكن أمام فخر وسيلة للهرب من شر «العبد»، إلا أن يقبل بنصيحة أصدقائه، ويأخذ منحة الدراسة في بلجيكا، منتحلًا هوية «عيسى».

لكن ما الذي دفع سمير العبد أن يسعى لينال من فخر بهذه الطريقة؟ البداية وفق أحداث المسلسل كانت عندما ضغطت شيرين، حبيبة فخر من أيام الدراسة، وأدت دورها الفنانة أروى جودة، عليه، ليوافق على فرصة العمل، التي أتته بها في مكتب المحامي الكبير الذي تعمل معه.

سمير العبد رجل أعمال لديه قضية مرفوعة ضده من قبل عمال مصنعه الذي أغلقه، وذهب للمحامي الكبير، الذي طلب من فخر أن يتولى القضية، وبالفعل قبل فخر العمل عليها، ويوم الجلسة بدلا من أيدافع عن موكله مثلما تقضي قواعد مهنة المحاماة طالما قبل القضية، ترافع ضده وتسبب في خسارة «العبد» للقضية، والذي قرر الانتقام منه.

ما فعله «فخر» يشبه كثيرًا تصرفات «دون كيخوته» الفارس الساذج في رواية «ثربانتس»، فقد قرر محاربة طواحين الهواء بالسيف مثله، عندما قبل بالقضية والترافع عن العبد، وهو غير مقتنع بأن الحق معه، فقد كان يمكنه أن يرفض القضية، ويترك العمل بالمكتب، ويذهب للدفاع عن العمال بشكل واضح، لكنه فعل ما أثار غضب سمير العبد رجل الأعمال الفاسد صاحب النفوذ، وخسر «شيرين» حبيبته التي وجدته غير مسؤول وأناني لا يفكر إلا في نفسه، وأن يحصل على «السوكسيه على المسرح».

لم يكتف فخر بهذا بل بعد زلزال 1992، دخل في نزاع بشكل واضح مع سمير العبد ومجموعة رجال أعمال والحكومة بسبب البيوت، التي سقطت أثناء الزلزال، فزادت العداوة بينه وبين سمير العبد، ويبقى السؤال بعد أن مرت الأحداث وفق هذه السيناريو للكاتبة والسيناريست مريم نعوم، هل فخر تعرض للظلم أم أنه قرر محاربة طواحين الهواء مثل دون كيخوته، وهو لا يملك القوة الكافية والسلاح المناسب لمواجهتها؟

فخر وأدهم من منهم الظالم؟

القهر الثاني الواضح الذي سيتعرض له فخر عن طريق «أدهم» -دبلوماسي مصري يعمل في سفارة مصر ببلجيكا وتزوج شيرين حبيبة فخر السابقة وأنجب منها طفلة- والسؤال هو هل «أدهم» الذي يلعب دوره الفنان عباس أبو الحسن شخص شرير؟

سير أحداث المسلسل يوضح أن أدهم شخص مميز من أسرة ميسورة تربى مع شيرين ويحبها منذ الصغر، وطلب منها الارتباط ورفضت، ثم بعدما قررت الانفصال عن فخر، وافقت على الزواج منه، وسافرا إلى بلجيكا، حيث يعمل دبلوماسيًا في سفارة مصر، وهناك أنجبت طفلتهما مريم.

فخر أيضا سافر للمنحة في بلجيكا وأصبح «عيسى»، لكنه لم يتقن اللغة الفرنسية جيدا، ولم يستطع أن يساير الدراسة التي تحتاج إلى مجهود، إلى أن تعرف على كنزا وهي فتاة مغربية تدرس معه، وأحبته وحاولت مساعدته في دراسته التي يعاني فيها، إلى أن رأى شيرين صدفة في الجامعة وتبدل حاله، وترك كنزا التي أعلن لها بوضوح أنها وقفت بجانبه في فترة صعبة.

من التعامل بين فخر وشيرين مجددا نتج عن ذلك علاقة غير شرعية بينهما، أدت لحاملها منه، فبدأت شيرين التي تعاني من الاكتئاب بعد وفاة والدها، تطلب الطلاق من أدهم زوجها الذي يحبها ويرفض تنفيذ طلبها حتى أخبرته أنها «حامل من فخر»، فطردها وتوعد بقتل الطفل بعد الولادة، لكنها ماتت أثناء ولادة «عمر» وتوعد أدهم فخر بأنه سيطرده من بلجيكا.

والسؤال هنا في هذه الحكاية بعد موت شيرين وسقوط بيت أدهم المستقر، هل فعلا فخر محامي الضعفاء مظلوما أم ظالما؟

شارك الخبر على