المفتي ضيف دار الكتب بباب الخلق.. فمتى ينتهي الترميم وتفتتح من جديد؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

ضمن برنامج الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية للاحتفال بشهر رمضان، تستضيف دار الكتب بباب الخلق، في الساعة التاسعة من مساء الأحد، المقبل، الدكتور شوقي علام مفتى الديار المصرية في أمسية رمضانية خاصة، حيث يتناول المفتي خلال هذه الأمسية عددا من القضايا الفقهية التي تهم المسلم المعاصر وتشغل تفكيره، ويبين الحكم "الفقهى" الصحيح لها فى الإسلام حتى لا يتشتت المسلمون فى التفكير بمثل هذه القضايا المعاصرة التى جدت على المجتمع المصرى خلال الفترات الأخيرة.

إلى هذا ما زال لم يتحدد بعد موعد الافتتاح الرسمي لمبنى دار كتب باب الخلق؛ فقبل بضعة أيام أكد الدكتور هشام عزمى، الذى تولى رئاسة الهيئة فى شهر مارس الماضى، أنه لم تنته بعد التجهيزات والإمكانيات ومعدات التأمين وأيضا تأمين المقتنيات، ولذلك فإنه يصعب تحديد موعد إعادة افتتاح المبنى الذى ظل مغلقا منذ عام 2014؛ عندما وقوع الحادث الإرهابى الذى استهدف مديرية أمن القاهرة بتفجير سيارة ملغمة بالمتفجرات وطالت المتفجرات مبنى دار الكتب، وشدد رئيس الهيئة على أن مبنى دار الكتب فى باب الخلق ما زال ينقصه العديد من الأشياء المحورية، لافتا إلى أن مشروع الترميم وإعادة تأهيل المبنى فى المرحلة النهائية.

وكانت الدكتورة عايدة عبد الغني، المشرف العام على دار الكتب والوثائق القومية بباب الخلق، قد قالت قبل أيام: "إنه تم الانتهاء من جميع التجهيزات وأعمال الترميم الخاصة بالدار، استعدادا لإعادة افتتاحها رسميا، بعد إزالة الأضرار التي لحقت بها علي إثر الحادث الإرهابي الغاشم الذي استهدف مديرية أمن القاهرة عام ٢٠١٤".

وكشفت أن مبنى دار الكتب بباب الخلق كان "قد تأثر بشكل كبير بهذا الحادث؛ خاصة الجزء المواجه لمديرية الأمن؛ والذي يضم العرض المتحفي والتصميمات الداخلية من أسقف وإضاءة وأثاث"، مشددة على أن "المقتنيات لم تتأثر باستثناء بعض المخطوطات القليلة وتم إعادة ترميمها، بالإضافة إلى تضرر الأثاث والأجهزة والأسقف بقاعات الاطلاع الإلكتروني، والاطلاع المفتوح والميكروفيلم"، وأشارت إلى أن "الخدمة المقدمة للباحثين والأنشطة في دار الكتب بباب الخلق لم تتوقف طوال فترة الترميم، مؤكدة أنه تم تزويد القاعات بأحدث الأجهزة لتحسين الخدمة المقدمة للباحثين والدارسين".

كما كشفت الدكتور عايدة عبد الغنى، أن تكاليف أعمال الترميم بلغت نحو ٣٣ مليون جنيه؛ وهى منحة مقدمة من الشيخ محمد بن سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، الذي قام من قبل بتمويل إنشاء مبني دار الكتب والوثائق القومية بالفسطاط، ونوهت إلى أن عملية الترميم تتم بالتعاون مع "جمعية المكنز الإسلامي" التي زودت الدار بأحدث التقنيات في العرض المتحفي، وكذلك مع وزارة الآثار التي قامت بترميم الواجهة المجاورة لمتحف الفن الإسلامي الذي تضرر أيضا من الحادث الإرهابي.

وكانت جمعية المكنز الإسلامى؛ وهى مؤسسة علمية غير هادفة للربح، أسسها في ألمانيا "الحاج فارض"، وهو رجل من فنزويلا أسلم فى النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين، وأنشأ هذه الجمعية التى تقوم بالأساس على التبرعات لدعم التراث الفكرى والثقافى والفنى الإسلامى، وحمايته ونشره بكل الطرق المناسبة، قد وقَّعت اتفاقية تعاون مشترك مع دار الكتب للمساعدة فى حفظ ورعاية مخطوطات دار الكتب، والعمل على جعلها المكتبة الوطنية الرائدة إقليميًّا فى حفظ وصيانة المخطوطات، وتمتلك دار الكتب المصرية حوالى ٦٠ ألف مخطوطة، تعد من أكبر مجموعات المخطوطات الإسلامية فى العالم العربى، مما يجعلها من أهم مجموعات المخطوطات على مستوى العالم.

وحسب ما ذكرته الجمعية فإن "مشروع التعاون المشترك مع دار الكتب المصرية يهدف إلى تطوير معامل الترميم والتصوير الخاصة بالمخطوطات، وتصميم وتجهيز معامل جديدة للحفظ والترميم، كما يسعى إلى تطوير وتحسين مخازن المخطوطات وصالة العرض المتحفي، كما يهدف المشروع أيضا إلى التطوير المهني المستمر للخبراء والعاملين فى مختلف أقسام الدار، من أفراد الحفظ والترميم والعاملين بصالة العرض المتحفي، ويعمل المشروع على فهرسة مخطوطات منتقاة من المجموعة، وإصدار مطبوعات خاصة عن دار الكتب المصرية وأهمية مجموعاتها".

جدير بالذكر أن دار الكتب المصرية تعد أول مكتبة وطنية في العالم العربي؛ ففي عام 1870 وبناءً على اقتراح على باشا مبارك ناظر ديوان المعارف -وقتئذ- أصدر الخديو إسماعيل الأمر العالي بتأسيس دار للكتب بالقاهرة "الكتبخانة الخديوية المصرية" لتقوم بجمع المخطوطات والكتب النفيسة التي كان قد أوقفها السلاطين والأمراء والعلماء على المساجد والأضرحة والمدارس ليكون ذلك نواة لمكتبة عامة على نمط دور الكتب الوطنية في أوربا، وفي عام 1904 انتقلت المكتبة إلى مبنى أنشئ لها في ميدان باب الخلق.

وفي عام 1971 انتقلت المكتبة إلى المبنى الحالي على كورنيش النيل برملة بولاق، والذي صمم ليكون صالحًا لأداء الخدمات المكتبية الحديثة وليتمكن بمساحاته الضخمة من توفير مخازن مناسبة لحفظ المخطوطات والبرديات والمطبوعات والدوريات والميكروفيلم، إضافة إلى قاعات تستوعب العدد الضخم من المترددين على الدار وتخصيص أماكن للمراكز المتخصصة والمكاتب الإدارية ليؤدى وظيفته كمكتبة وطنية تقدم خدماتها للباحثين والقراء في شتى المجالات.

الترميم والتأهيل الحالى لدار الكتب فى باب الخلق يعد الثانى فى غضون عشر سنوات، فقد ظلت الدار مغلقة وخاضعة للترميم لست سنوات حتى تم افتتحها فى فبراير 2007، وأعلن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية الدكتور محمد صابر عرب، وقتها، أن عمليات الترميم وإعداة التأهيل والتحديث تكلفت 85 مليون جنيه، وأنه روعي في التجديد أن يحتفظ المبنى بطابعه المعماري كأثر تاريخي إضافة إلى دوره الوظيفي، لافتا إلى أن قاعات للعرض المتحفي تضم مجموعة من "أندر وأثمن المقتنيات التراثية" من مخطوطات وبرديات وصحف وتحف ولوحات خطية من عصور مختلفة.

وعن تاريخ الدار أشار، عرب، إلى أن علي مبارك أراد أن يكون المبنى على غرار المكتبة الوطنية في باريس، لكن البداية كانت عبارة عن وكانت تشغل طابقا واحدا من قصر مصطفى فاضل شقيق الخديو إسماعيل حاكم البلاد، ثم أن المساحة المحددة لدار الكتب في ذلك القصر ضاقت بمحتوياتها بعد أن بدأت الدار منذ العام 1886 تحتفظ بنسخ من كل كتاب أو ما أصبح يعرف بالإيداع القانوني واتجهت الانظار الى تأسيس بناية مستقلة لدار الكتاب "الكتبخانة" التي فتحت أبوابها للجمهور في العام 1904 فى مقرها الحالى بباب الخلق.

تضم دار الكتب تحفا نادرة أبرزها نموذج مصغر لقبة الصخرة التي أمر ببنائها الحاكم الأموي عبدالملك بن مروان، وهذا النموذج مرصع بالأحجار الكريمة والجواهر ومحلى من الداخل والخارج بنقوش وكتابات عربية وفارسية، كما توجد أيضا حبة قمح كتب عليها تواريخ حكام مصر منذ عمرو بن العاص عام 641 ميلادية حتى الملك فؤاد الذي توفي عام 1936.

أما البرديات فإحداها تعود الى عام 709 ميلادية الموافق 90 هجرية في عهد الحاكم الأموي الوليد بن عبد الملك، إضافة إلى 132 مخطوطا بالعربية والفارسية والتركية في الطب والأدب والديانات والفلك منها "مشكل القران" لابن قتيبة ونسخ عام 989 ميلادية و"أعظم ملحمة أدبية فارسية" وهي "الشاهنامة" التي قضى مؤلفها أبو القاسم الحسن بن اسحق بن شرف شاه 30 عاما في نظمها، ويعود تاريخ هذه النسخة إلى العام 1393 ميلادية.

كما تضم الدار40 كتابا طبعت بين عامي 1514 و1884 ولوحات خطية و29 خريطة نادرة إحداها تجارية بحرية رسمت في العام 1404 ميلادية وثانية باللغة اللاتينية توضح رحلة الإسكندر الأكبر ورسمت في العام 1595 وثالثة بالفرنسية رسمت في العام 1798 وتوضح خط سير الحملة الفرنسية على مصر في ذلك العام.

شارك الخبر على