«التشيع» يضع العلاقات «الموريتانية الإيرانية» على صفيح ساخن

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

تسعى السلطات الموريتانية لمحاصرة النشاط الإيراني للتغلغل في المجتمع الموريتاني، وذلك من خلال نشر التشيع، فقد اتخذت موريتانيا مؤخرًا سلسلة إجراءات ضد الأحزاب السياسية التي ترتبط بعلاقات فكرية أو سياسية مع طهران، ومنعت أنشطتها في نواكشوط، كما منعت جميع الأنشطة المؤيدة لـ"حزب الله" في لبنان، الذي تم تصنيفه من طرف نواكشوط منظمة إرهابية.

استدعاء السفير

وجاء ضمن الإجراءات الموريتانية لمنع أي نشاط لنشر الفكر الشيعي في البلاد، استدعاء وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الموريتانية، السفير الإيراني بنواكشوط محمد العمراني، وإبلاغه بأن موريتانيا لم تعد تقبل بأي نشاط تقوم به السفارة أو جهات مرتبطة بها من أجل تغيير مذهب المجتمع الموريتاني أو عقيدته.

كما أبلغت السلطات الموريتانية سفير إيران بأنهم اتخذوا جملة من الإجراءات لمنع أي نشاط لنشر الفكر الشيعي، وكان من ضمن هذه الإجراءات عزل إمام "مجمع الإمام علي"، وتعيين إمام جديد له، ووضعه تحت وصاية وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي.

اقرأ أيضا : 5 أسباب وراء انضمام المغرب لقطار الدول المقاطعة لإيران

وكان هذا المجمع بمثابة حسينية في نواكشوط، يتبع لجمعية "آل البيت"، ويوفد مبتعثين إلى إيران ولبنان ويوزع منحًا دراسية للتكوين على المذهب الشيعي.

الجهات الرسمية الموريتانية، أبلغت السفير الإيراني بالتوقف عن مثل هذه الأنشطة، وأنها لم تعد مقبولة لأنها تهدد وحدة المجتمع وعقيدته، حسب "صحراء ميديا".

استدعاء موريتانيا للسفير الإيراني يعد خطوة جديدة في توتر العلاقات بين موريتانيا وإيران، ويؤكد مساعي بدأتها السلطات الموريتانية مؤخرًا من أجل محاصرة النشاط الإيراني داخل نواكشوط.

ضرب البوابة الغربية

من جانبه كشف رئيس حزب الإصلاح الموريتاني النائب محمد ولد أحمد طالبن عن تزايد النشاط الإيراني مؤخرًا داخل موريتانيا، بل وتحقيقهم العديد من أهدافهم داخلها، في ظل ما وصفه بتنوع أدواتهم، مقابل عدم قدرة النشاط المضاد على مجابهة المشروع الإيراني التوسعي الهادف لضرب بوابة الوطن العربي الغربية.

ونقلت "سبق" عن "طالبن" قوله: "رصدنا خلال العامين الأخيرين نشاطًا متزايدًا من إيران، كنا قد حذرنا منه في نشر التشيع داخل المجتمع السني المالكي في موريتانيا، وذلك من خلال إنشاء العديد من الحسينيات داخل موريتانيا في السنوات الأخيرة، حتى أصبحت هذا العام تظهر معالم الاحتفالات صراحة بمواسمهم الدينية مثل عاشوراء".

اقرأ أيضا: عودة «الصدر» للمشهد السياسي في العراق.. صفعة على وجه إيران

وأشار إلى أن الخطر الأكبر هو المتمثل في ضرب فكر وعقيدة الشباب الموريتاني، إذ تزايدت البعثات الجامعية المغادرة إلى الجامعات الإيرانية وجامعات "حزب الله" في لبنان.

مطالب بقطع العلاقات

وسبق أن ارتفعت مطالب في موريتانيا تدعو إلى قطع العلاقات مع إيران، خاصة بعد الاعتداء على القنصلية السعودية في إيران، وتزايد النشاط الإيراني في العاصمة الموريتانية نواكشوط، كما دعا مفتي موريتانيا وإمام المسجد الجامع بنواكشوط أحمدو ولد لمرابط ولد حبيب الرحمن في خطبة نارية إلى قطع هذه العلاقات، وإغلاق السفارة الإيرانية في نواكشوط.

وقال الإمام خلال خطبة، التي حضرها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وحكومته: إن "على الرئيس الموريتاني أن يقطع هذه العلاقات لأن ذلك مطلب جماهيري، داعيًا في الوقت نفسه إلى وقف المد الصفوي الفارسي الشيعي".

وبرر الإمام خطر هذا المد بأنه يقوم على أمور عقدية مخالفة للمذهب السني لموريتانيا، خاصة سب الصحابة الكرام، وفق تعبيره ، حسب "الشرق الأوسط".

اقرأ أيضا : بعد «مذبحة غزة».. إيران في قفص الاتهام وطهران تتوعد الاحتلال

وحتى داخل البرلمان الموريتاني ارتفعت هذه المطالب، إذ سبق أن دعا النائب في البرلمان المحامي محمد ولد أحمد سالم، وهو ناشط في الأغلبية الرئاسية الحاكمة، الرئيس الموريتاني إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، معتبرًا أن مشاركة موريتانيا في "عاصفة الحزم" لاستعادة الشرعية في اليمن، يجب أن تكون بقطع العلاقات الدبلوماسية البغيضة مع النظام الملالي الفارسي، حسب قوله.

وأوضح النائب البرلماني أن قطع العلاقات مع طهران سيحافظ على أمن واستقرار ووحدة موريتانيا، ولقطع الطريق أمام ما سماه (سعي إيران لنشر التشيع في مجتمع موحد حول المذهب المالكي السني).

تغير وتحول

وترتبط موريتانيا بعلاقات رسمية مع إيران، ويقيم سفير إيراني في نواكشوط منذ عام 2010، فيما أبقت موريتانيا على تمثيلها الدبلوماسي بطهران في مستوى قائم بالأعمال.

وطُبع تاريخ العلاقات الموريتانية الإيرانية بالتغير والتحول منذ بدايته التي كانت في ثمانينيات القرن الماضي حيث وجد الإيرانيون في النظام العسكري الموريتاني متنفسا لنشر الفكر الثوري بعيدًا عن الطابع الديني في البداية، وهو ما جعلهم يستقطبون قيادات إسلامية موريتانية، زار بعضها إيران في الثمانينات وحضر ندوات فكرية هناك، والتقى مراجع شيعية، دون أن يكون للقاء علاقة بالتشيع.

كانت العلاقات الدبلوماسية مع إيران جيدة في فترة الثمانينات قبل أن تقرر موريتانيا قطع العلاقات معها انتصارًا للعراق الذي كانت أياديه بيضاء على النظم الموريتانية وعلى المنشآت الموريتانية، قطع كان للتيار البعثي الموريتاني دور أساسي فيه.

اقرأ أيضا : ضربة جديدة لواشنطن.. إيران تطور برنامجها الصاروخي

ورغم محاولة إيران نشر التشيع في المحيط الموريتاني (المغرب والسنغال)، حيث تمكن المغاربة من طرد سفارتهم من الرباط بعد اتهامها بنشر التشيع، فإن الرئيس الموريتاني آنذاك معاوية ولد الطايع استطاع أن يحمي بلاده من التمدد الشيعي ومن أي مطامح إيرانية بهذا الخصوص.

وخلال يناير 2010، وصل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية التقي خلالها كبار المسؤولين في البلاد، ليكون أول رئيس موريتاني يزور إيران منذ ثورتها الإسلامية سنة 1979.

أبرم ولد عبد العزيز خلال الزيارة اتفاقيات اقتصادية كان من نتائجها تزويد طهران نواكشوط بمجموعة "باصات" قيل إنها عبارة عن صفقة تجارية مخفضة وليست هبة، وتوالت الزيارات المتبادلة بعد ذلك بين كبار المسؤولين فى البلدين.

بعد ذلك بأقل من شهر، أجرى الرئيس الإيراني توقفا في نواكشوط، وهو فى طريق العودة من نيويورك إلى بلاده، بعد مشاركته في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وكان من نتائج العلاقة الأخيرة بين موريتانيا وإيران تسليم طهران لأبي حفص الموريتاني لنواكشوط، بدلًا من أمريكا أو أحد حلفائها وهو ما يعني أن طهران مهتمة جدًا بعلاقاتها مع نواكشوط.

شارك الخبر على