مجلس التعاون التالي

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

فريد احمد حسنالأسبوع الفائت احتفلت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بذكرى مرور 35 عاماً على تأسيس المجلس الذي انطلق في 25 مايو 1981. الحفل أقيم برعاية وحضور أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود وحضره عدد من كبار المسئولين والدبلوماسيين والإعلاميين العرب وشهد إشادات بمسيرة مجلس التعاون. من ذلك ما قاله أمينه العام د.عبد اللطيف بن راشد الزياني في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة حيث أكد على إنجازات المجلس وأوضح أن هذه المنظومة تمكنت من «تحقيق إنجازات بارزة على طريق الترابط والتكامل الخليجي المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية والاجتماعية، وتسخير جهودها وإمكانياتها لنصرة القضايا العالمية ودعم الدول الشقيقة والصديقة، مما أتاح لها توطيد مكانتها المرموقة في الساحة الإقليمية والدولية».ولأن هذا الأمر لا يمكن إنكاره ويوفر مثالاً على حكمة القادة المؤسسين لهذا المجلس ومن خلفهم فيه لذا فإن العدل يتطلب التأكيد على كل إيجابيات المجلس، وكل الإنجازات التي حققها في مختلف المجالات والتي يكفي مؤسسيها وقادتها فخرا أنهم تمكنوا من إيجاد رابط قوي بين الدول الأعضاء فيه ووفروا المثال على أهمية ترابطها وأن مصيرها في كل الأحوال واحد.الإنجازات تحققت في كل المجالات من دون استثناء، ولولاها ولولا وجود هذا المجلس وإصرار قادته على استكمال مسيرته رغم كل شيء لتغير حال المنطقة منذ سنين إلى ما لا يرضي شعوب دول التعاون، فأن يتوفر الرابط الذي يجمع كل هذه الشعوب بخيط واحد يعني توفير الإحساس بتوفر الظهر الذي يمكن الاستناد إليه والوثوق في قدراته.هذا لا يعني أن مسيرة مجلس التعاون لم تتعرض إلى صعوبات ولا يعني أنها كلها منجزات، فهناك تقصير كبير وهنات لا يمكن غض الطرف عنها حصلت نتيجة الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة في أوقات كثيرة، وهناك خلافات حدثت بين الدول الأعضاء خلال كل هذه السنين أدت إلى تعطيل العديد من المشروعات والتشريعات، كما توفرت خلال المسيرة وجهات نظر مختلفة وتعددت الزوايا التي ينظر من خلالها كل عضو من أعضائه إلى مختلف الأمور، لذا كان طبيعيا أن تتعطل بعض الأمور، وكان طبيعيا أن تصل بعض دوله إلى شبه قناعة بأن المجلس أدى المطلوب منه في الفترة الفائتة وأن صورا أخرى من التعاون أو التكامل ينبغي الدخول فيها.لعل من الأمور التي لفتت انتباه الكثيرين خلال الأزمة الخليجية أن مجلس التعاون نأى بنفسه عنها ولم يكن هناك أي تحرك من قبل الأمانة العامة للمجلس لرأب الصدع بين دوله الأطراف في الأزمة، وهو ما اعتبره البعض تقصيراً منها ومن أمينها العام قبل أن تتضح الأمور وتتبين الحقيقة التي ملخصها أن اجتماع قمة لم يعقد منذ نشوب الأزمة وأن المجلس لم يكلف الأمانة العامة بالقيام بدور محدد فيها، وأن الدور الذي أنيط بها هو العمل على عدم السماح لسبحة التعاون أن تكر، لهذا وقفت الأمانة العامة من كل الدول الأعضاء وكل الدول الأطراف في الأزمة على مسافة واحدة، دون أن يعني هذا أنها كانت سالبة طوال السنة الأولى من عمر الأزمة حيث الأكيد أنها كان لها دور موجب تم الحرص على عدم الإعلان عنه، وهذا حقها وحق قادة التعاون الذين لم يغفلوا عن حقيقة أن الأزمة الخليجية ما كان لها أن تتطور لو أنها اتبعت النهج العماني المتمثل في عدم السماح للخلافات والاختلافات في وجهات النظر والمواقف من الخروج إلى العلن وعدم السماح للعامة أن يصيروا جزءا منها إلا بعد أن يتوفر لها ما يتوفر من حلول ومخارج.على مدى سني عمره السبعة والثلاثين ظل مجلس التعاون المنظومة التي ربطت بين ست دول مهمة في هذه المنطقة وفر خلالها المثال على أن هذه النوع من المجالس – وإن كان لا يشبع طموح وأماني الشعوب التي من الطبيعي أن تميل إلى الوحدة فيما بينها – إلا أنه يوفر الخط الذي لا يمكن لكل الآخر أن يتجاوزه، ما يعني ويؤكد أن المجلس ظل محافظا على ما التزم به أعضاؤه عند تأسيسه، فمجلس التعاون تأسس لأسباب أمنية معروفة فرضتها الظروف والتطورات التي حدثت في المنطقة وأساسها الثورة في إيران وما تلاها من حرب استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق.ولأن الأسباب الأمنية متوفرة اليوم وبكثرة، ولأن الشوط الذي قطعه مجلس التعاون منذ تأسيسه مهم ولا يمكن إنكاره خصوصا في أوقات الأزمات والتطورات المفاجئة والعنيفة التي تجتاح المنطقة باستمرار، لذا فإن من العدل اعتبار هذا الأمر إنجازا له ولمؤسسيه وقادته، ومن العدل أيضا – طبعا – دراسة ما مر به طوال السنوات السبع والثلاثين وما حققه من إنجازات والتأكد من أنه يمكن أن يستمر في العطاء في المرحلة التالية والتي من الواضح أنها تتميز بالتطورات العنيفة والمفاجئة والتي تحتاج خلالها شعوب التعاون وحكوماتها إلى ما يجعلها تطمئن على ما حققته من مكاسب ويمكنها من المحافظة عليها.سبع وثلاثون سنة امتلأت بالأحداث والمواقف والمنجزات، مر خلالها مجلس التعاون بالكثير من الظروف وشهد الكثير من التطورات والصعوبات وتمكن من تحقيق الكثير وأخفق في تحقيق الكثير، لهذا فإن العقل يدفع في اتجاه تقييم وإعادة تقييم مسيرة المجلس وتبين مدى صلاحيته - وهو بصورته الراهنة - للمرحلة التالية والتي تؤكد مؤشراتها على أنها أكثر صعوبة.كاتب بحريني

شارك الخبر على