نافذة من موسكو..المشكلة الكردية في الأجندة الروسية والدولية

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

د. فالح الحمراني
تقرير لنادي " فالداي" للتحليلات السياسية وُزّع في "المنتدى الاقتصادي الدولي" الذي اختتم أعماله في بطرسبورغ وجاء بعنوان "روسيا في الشرق الأوسط: انسجام الأصوات المتعددة"، وصف المشكلة الكردية بأنها أصبحت قضية مركزية بالنسبة لسوريا ولقسم كبير من منطقة الشرق الأوسط، منوهاً بأن للمشكلة جذوراً إقليمية، ولكن باتفاق الأحوال التاريخية اكتسبت أهمية دولية. وقال إن العثورعلى مقاربة متوازنة لطموحات الشعب الكردي، أم لا، يعتمد على الكثير وليس فقط على البلدان التي يقيم فيها، وعلى حد السواء أيضاً كيف ستكون هذه المقاربات. وبرأي واضعي التقرير أن المشكلة تتعلق في كل دولة من الدول الرئيسة لإقامة الكرد في ايران والعراق وتركيا وسوريا بقضايا الساعة المثارة فيها، ومدرجة هناك في سياق سياسي خاص، ولكنها تبدو للمجتمع الدولي بأنها مشكلة موحّدة. واتصالاً بذلك يقترح بعض الخبراء بمن فيهم بعض المشاركين في مؤتمر "نادي فالداي" الحواري، "إنشاء هيئة لديها تفويض من منظمة الأمم المتحدة تتمكن من معالجة حل المشكلة الكردية بصورة شاملة ومتكاملة". ولفت إلى "أن نخب الدول المشار إليها تنظر لغاية الآن إلى كفاح الكرد من أجل تقرير المصير، على انه تحد لسلامة ووحدة أراضي بلدانها وللقادة الكرد بمثابة انفصاليين". وأضاف "في الوقت الذي يدرك الكرد فيه أن الأزمة المخيّمة على المنطقة تمنحهم فرصة تاريخية، اذا لم يكن الحصول على دولتهم الخاصة بهم، فرفع الحكم الذاتي إلى مستوى دولي، فهم يحاولون الاستفادة من اللحظة، باختبار حدود الممكن". وحسب تقديرات التقرير فإن "بعض اللاعبين على الساحة الدولية يحاولون استعمال الكرد لتحقيق خططهم الجيو ـ سياسية، متلاعبين بتطلعاتهم وطموحاتهم لتقرير المصير. والآخرون، وبالذات اللاعبون الإقليميون، وعلى الرغم من مساهمة الكرد في الحرب ضد داعش، يتحركون بقسوة ضدهم، حتى يعرقلون الكرد من تعزيز مواقعهم في المواقع المحررة التي سيطروا عليها (عملية تركيا في عفرين السورية)". ومضى بالقول "في الوقت نفسه أن تحقيق حتى حكم ذاتي جزئي يثير مواجهات ضارية بين مختلف كتل النخب الكردية، التي تتصارع على السلطة والموارد". وقال "إن هذا ظهر بصورة جلية أثناء الاستفتاء على حق تقرير المصير في كردستان العراق". وفي تعليقه على استنتاجات "نادي فالداي" لفت المحلل السياسي لمعهد الشرق الأوسط يوري شيجلوفين، إلى أن قضية الانفصال بعد الاستفتاء في كردستان تراجعت إلى الصف الثاني، كما شكك في جدوى استحداث هيئة في اطار الأمم المتحدة لتسوية المشكلة الكردية على نطاق دولي وإقليمي. موضحاً أن لا جدوى من ذلك بسبب أن منظمة الأمم المتحدة عاجزة عن حل أية مشكلة ولاسيما اذا أخذنا بنظر الاعتبار أن جميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل، تنظر إلى هذا الجانب بتوتر شديد.وكانت العلاقات بين موسكو والقوى الكردية السورية قد تعكّرت إثر عدم معارضة روسيا الهجوم التركي على منطقة عفرين بسوريا معقل الكرد، ولفت انتباه موسكو أيضاً بيانات عدد من السياسيين الكرد، التي يتهمون فيها روسيا إلى جانب " النظام السوري" بالتغاضي عن "العدوان التركي" وحتى" بخيانة الكرد". وبالتواطؤ مع أنقرة في الحرب ضدهم. ويبدو أن موسكو مستاءة من انضمام القوى الكردية السورية إلى المحور الأمريكي، والتحرك ضمن خطط واشنطن في سوريا وعرقلة قواتها الحكومية من تطهير الأراضي من داعش. وقالت بعض المصادر إن الكرملين اشترط دعم موسكو للكرد بالتفاهم مع الرئيس السوري بشار الأسد والتحالف معه، ولكن الأمور كما يتضح سارت باتجاه آخر، صاغت موسكو في ضوئها موقفها من التطورات في عفرين، لكنها أكدت اعترافها واحترامها بالحقوق القومية للكرد وضرورة تأمينها في أي تسوية كانت وفي أي بلد. وفي ضوء ذلك أشارت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى " إننا لم نشكل في شمال سوريا وبخطوات متتالية الظروف التي اعتبرتها تركيا تهديداً لأمنها الوطني. أن روسيا ليست مسؤولة عن عرقلة الحكومة الشرعية السورية باستعادة السيطرة على جزء واسع للبلد، من اجل آفاق غير محددة. إن روسيا لم تقم بتشكيل هياكل قوة في هذه الأراضي ذات وظيفة حصرياً هي من اختصاص الدولة السورية، مما يغذي الميول الانفصالية". وقالت: إن الجانب الروسي قام بكل ما هو ممكن لاستمالة ممثلي الأحزاب السياسية والحركات والجمعيات الكردية لتنضم إلى العملية السياسية لتسوية الوضع في سوريا. وعلى الصعيد الرسمي تواصل موسكو اتصالاتها بالقيادات الكردية على مختلف المستويات للحوار والتفاهم. وضمن هذا السياق جرت في 22 مايو/ أيار في وزارة الخارجية الروسية مشاورات الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في منطقة الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف مع فلاح بكر مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان العراق. وحسب بيان الخارجية الروسية فقد تم خلال المشاورات تبادل مثير للاهتمام لوجهات النظر بشان الوضع المترتب في العراق، مع التركيز على حالة العملية السياسية في داخل العراق وآفاقها، في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في البلاد في 12 مايو/ أيار، فضلاً عن تطور الوضع في كردستان العراق. وجرى التأكيد من الجانب الروسي على الدعم الثابت لسيادة العراق ووحدة أراضيه، وحل كافة المشاكل الداخلية على أساس وحدة العراق من خلال حوار شامل تشارك فيه كافة القوى السياسية والجماعات العرقية والدينية، بما في ذلك المجتمع الكردي. وجرت مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك بتوسيع التعاون التجاري ـ الاقتصادي بين روسيا والعراق بشكل عام، ومنطقة الحكم الذاتي الكردية على وجه الخصوص. كما تم التطرق إلى الجوانب الملحة لجدول الأعمال الإقليمي، مع التركيز على الوضع في سوريا، بما في ذلك في سياق مهمة المكافحة الجماعية للإرهاب الدولي.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على