ملحمة وطنية سيخلدها التاريخ

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيفي ملحمة وطنية رائعة جسدها أبناء هذه الأرض الطيبة إزاء تجاوز تداعيات الحالة المدارية التي عصفت بمحافظتي ظفار والوسطى إلا أنها لم تعصف بعزائم وهمم الرجال أبناء هذه الأرض الطيبة الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية في سبيل الوطن وفي سبيل أن يبقى أبدا سليما معافى بتوفيق الله وفضله ورحمته وبركته، وهو ما يبعث على الارتياح لمستويات التعامل مع الأحداث الكبيرة كالأعاصير و الحالات المدارية و الأنواء المناخية التي لم تعد ترهبنا وترعبنا من عنفوانها وبطشها في الأرض في ظل هذا التسامي للذود على كل تبعات تخلفها هذه الكوارث أهمها الهامات العالية والهمم القوية والعزائم التي لا تلين لهذا الشعب في تجاوز المحن.إن هذه هي القيم العمانية المتجذرة في نفوس أبناء هذا الوطن أبا عن جد، وتلك التربية والتنشئة التي غرسها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في أبناء هذا الوطن منذ بواكير النهضة المباركة بأن يكونوا على قلب رجل واحد وأن تعلو الوطنية على أي شيء آخر، وكل شبر من هذه الأرض هو وطن الجميع فكهذا يتسامى الكل في مثل هذه الظروف التي برهنت تآلف وتآزر المواطنين والجهات في تقديم كل التضحيات وتقديم كل غال ونفيس في سبيل هذا الوطن.فالملحمة الوطنية التي عاشتها السلطنة خلال الأيام الفائتة كشفت عن المعدن الأصيل لأبناء هذا الشعب الأبي، لقد هبت البلاد من أقصاها إلى أدناها هبت في عزيمة الرجال، وفي ضراوة الأكاسر لا تلوي على شيء، غير عابئة بالعنف الذي تجلى في سحنات مكونو وهو يضرب الشواطئ الآمنة في صلالة متحدية كل المخاطر في سبيل اطمئنان وسلامة السكان.لقد رأينا ورأى العالم معنا رؤيا العين كيف أن عُمان وشبابها ورجالها ونساءها كانوا جميعا على قلب رجل واحد، الكل ليس في عقله وقلبه غير محافظة ظفار وأهلها وساكنيها في سباق من إنقاذ وإجلاء وتسكين كل القاطنين على السواحل واحتضانهم في قلوبهم قبل أن يفتحوا لهم المدارس والبيوت، الكل وقد أنكر ذاته، وكان قد استعداد للتضحية بنفسه من أجل الإنسان في محافظة ظفار، الكل لا يرى شيئا يحول بينه وبين شواطئ صلالة تلك الرائعة وقد جاءها مكونو بطوفانه يلتهم كل شيء أمامه لكن لم يثن الإرادة والعزيمة الصلبة لأبناء هذا الشعب في مواجهة التحديات على اختلافها.لقد كانت الملحمة بمثابة اختبار ميداني ناطق وحي وأمين عن ما أعدته هذه الأرض الطيبة في صمت لتجاوز أنواء كهذه، فقد جاء اليوم الذي تختبر فيه جهود سنين طوال من العمل الدؤوب، وهو عمل علمي مدروس ومخطط له بعناية شاركت فيه كل فعاليات الدولة من قوات السلطان المسلحة، وشرطة عُمان السلطانية والهيئة العامة للدفاع المدني، والهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد الجوية وأجهزة البلديات وغيرها، فهذه الجهات المحورية عملت في إدارة الحالة بكفاءة عالية، وكافة مؤسسات القطاع العام والخاص، ووسائل الإعلام التي لعبت دورا محوريا في تغطية الحالة المدارية لحظة بلحظة لم تترك للإشاعات مكانا تخترق التلاحم العماني أو تشوش على الجهود المبذولة التي تبذل في الميدان ونقل كل الأحداث بشفافية عالية وضعت المشاهد والمستمع والقارئ في الصورة وكأنه حاضر لتلك الحالة المدارية، فهذه المصداقية وتلك الموضوعية هي خطوط السياسة الإعلامية التي تبرهن يوما بعد آخر على نجاحها في التعاطي مع الأمور.وعندما جاءت ساعة الصفر رأينا تناسقا وتكاتفا وتضافرا للجهود وللفعاليات، وبفضل نجاح هذا النفير التلقائي تفوقت السلطنة حتى على الولايات المتحدة الأمريكية، هذا ما قالته لغة الرياضيات، إذ لم تصل الخسائر إلى درجة الكارثية كما وصلت في أمريكا، ولم تصل الخسائر المادية إلى أي مصطلح يشير ولو همسا إلى كلمة (فادحة)، ولم تصل الخسائر في الأرواح إلى أي مستوى يذكر رغم عنف مكونو.كل النتائج ما بعد الحالة المدارية ستخضع للدراسة والتمحيص والتدقيق من قبل الجهات المختصة لإخضاعها للمزيد من الدراسة والتحليل واستلهام نقاط الضعف إن وجدت ومن ثم تعزيز القدرات والإمكانات ولتبقى الاستعدادات مستمرة وقائمة على قدم وساق، تلك هي توجيهات جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي يتابع عن كثب هذه الملحمة بعين الرضا للجاهزية العالية التي يبديها أبناؤه في مواقع العمل والتضحيات التي يقدمها كل العاملون في الميادين في محافظة ظفار والوسطى للتخفيف من حدة الحالة المدارية وطمأنة السكان في هذه الأجزاء العزيزة على قلوبنا من هذا الوطن، فتلك يا مولاي هي تربيتكم التي حرصتم على غرسها وذاك هو زرعكم الذي تحصدونه في بناء الإنسان العماني المؤمن بوطنه وقدسيته في أحلك الظروف وأشدها على الإطلاق.فالملحمة الوطنية التي سطرها إخواننا وأبناؤنا قد أثبتت وبرهنت للعالم جميعه وقد انحسرت الحالة المدارية الآن أثبتت للعالم أن هذا الشعب دائم الاستعداد ودائم اليقظة والأهم من كل ذلك روعة الوحدة الوطنية التي تجلت ومكونو يضرب شواطئ صلالة، في تلك اللحظة كانت كل محافظات وولايات السلطنة هي في الواقع تنطق باسم محافظتي ظفار والوسطى، كل مواطن ومقيم تسامى فوق ذاته وأبدى استعدادا لتقديم كل غال يملكه وكل نفيس بحوزته، وكل عزيز يحتفظ به، فالوطن هو الأغلى والأعلى، ومحافظة ظفار كانت بالأمس تمثل الوطن كل الوطن، فشكرا لكل الجهود الخيرة التي تبارت في تقديم الغالي والنفيس في هذه الحالة المناخية الاستثنائية، وشكرا لكل التضحيات التي بذلت لتخفيف تبعات ما شهدته محافطتي ظفار والوسطى من رياح وأمطار وأودية وآثارها، وسيضاف ما حدث كعلامة بارزة لمعاني التكاتف والتآزر ونكران الذات في أداء الواجب الذي أظهره كل من شارك في هذه الملحمة إلى سجلات التضحيات الوطنية، التي تربينا عليها في عهد باني هذا الوطن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على