سعد بن أبي وقاص دعاه أبو بكر للإسلام فهددته أمه بالإضراب عن الطعام

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

يتمنى الكثيرون الوصول إلى المناصب العليا، بل هناك من يجري في سبيلها أميالا، وهناك من يسعى تقربا من كل من سيساعده للوصول إلى ما يريد، خاصة إذا كان المنصب هو خليفة المسلمين بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لما يلقيه هذا المنصب على عاتق صاحبه من مصاعب، ولكن لم يفعل ذلك الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، الذي رفض أن يكون خليفة للمسلمين تجنبا للفتنة، بالرغم من إلحاح البعض عليه بعد مقتل عثمان بن عفان، وبالرغم مما يمتلكه سعد من رجاحة العقل والمهارة في المعارك.

عائلته وإسلامه

يعود نسب سعد بن أبي وقاص إلى بني زهرة أهل السيدة آمنة بنت وهب أم الرسول محمد، لذلك يعد من أخوال النبي، كان له ما يقرب من 12 زوجة، وله من الأبناء 18 من الذكور، ومن الإناث 9، وله من الإخوة ثلاثة هم عامر، وعتبة، وعمير.

ولد سعد في مكة، وكان يعمل في بري السهام، وعن دخوله الإسلام يقول سعد: "أسلمت وأنا ابن تسع عشرة سنة"، ويقال إنه سابع من دخل الإسلام.

نزلت آية من القرآن بعد رفض سعد الخروج من الإسلام بعد تهديد أمه له بالامتناع عن الطعام والشراب، حيث يقول الله تعالى في سورة لقمان: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ".

دعوته مستجابة وبشره النبي بالجنة

لم يكن فقط أحد العشرة المبشرين بالجنة، بل كانت دعوة سعد بن أبي وقاص على من ظلمه مستجابة، بعد أن دعا الرسول له بذلك، فيروي عامر بن سعد قائلا: "بينما سعد يمشي إذ مر برجل وهو يشتم عليًّا، وطلحة، والزبير، فقال له سعد إنك تشتم أقواما قد سبق لهم من الله ما سبق، والله لتكفن عن شتمهم أو لأدعون الله عز وجل عليك، قال: يخوفني كأنه نبي، فقال سعد: اللهم إن كان يشتم أقواما قد سبق لهم منك ما سبق فاجعله اليوم نكالا، فجاءت بختية، فأفرج الناس لها فتخبطته، فرأيت الناس يتبعون سعدا يقولون: استجاب الله لك يا أبا إسحاق".

جاء في صحيح البخاري: "حدثنا موسى قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص ـرضي الله عنهـ إلى عمر بن الخطاب ـرضي الله عنهـ قـالوا إنه لا يحسن يصلي، فقال سعد: أما أنا، فإني كنت أصلي لهـم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخْرم عنها، أركــد في الأولين، وأحذف الآخرين، قال عمر ذاك الظن بك يا أبا إسحاق ثم بعث رجالا يسألون عنه في مجــالس الكوفة، فكانوا لا يأتون مجلسا إلا أثنوا عليه خيــرا، وقالــوا معروفا، حتى أتوا مسجدا من مساجدهـم، فسألوا رجلا يقال له أبو سعدة، فقال: اللهم إذا سألتمونا عنه، فإنّه كان لا يعـدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، فقال سعـد اللّهم إن كان كذابا، فأعمى بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان سعد مستجاب الدعوة ببركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم له، قال عبد الملك، عن ابن عمير الراوي عن جابر، فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك، وهو شيخ بلغ من العمر عتيا، فإذا قيل له كيف أنت يا أبو سعدة؟ قال: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد".

ماذا قدم سعد للإسلام والمسلمين

كان سعد بن أبي وقاص أحد رواة الحديث، فقد روى العديد من الأحاديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان سعد أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان يحرس النبي في غزواته، وكان من المهاجرين الأوائل إلى المدينة.

شهد سعد جميع الغزوات مع النبي محمد، فتح مدائن كسرى والعراق، وهزم الفرس في القادسية، واعتزل الفتنة ومكث في بيته.

وصية سعد عندما حضرته الوفاة

حضرت سعد الوفاة بعد أن بلغ عمره ثمانين عاما، ويعد آخر من مات من المهاجرين، وعندما حضرته الوفاة طلب أن يكفنوه في جبة كان لقي بها المشركين يوم بدر قائلا: "كفنوني في هذه فإنني لقيت فيها المشركين يوم بدر، وإنما خبأتها لهذا اليوم".

شارك الخبر على