حديث اللّحظة الوعود بالإصلاح والتغيير وسلطة التفاهمات منتهية الصلاحيّة...!

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 علي عبد الخالق
ليس للنموذج العراقيِّ في"تركيب سلطاته"وإدارة الدولة فيه من توأم. إنه وليدُ ظرفٍ شاذٍّ، ووريث حقبةٍ لم تترك فيه غير بصماتٍ من التشوّه والإلغاء وكسر الإرادة والانتشاء بما هو قائم. ولعسرِ ولادته"المنغوليّة"صار الاعتراف به والتماهي معه تحصيلَ حاصل، يخضع وجوده وما يجري فيه من تغيّرات للمصادفة أو الأقدار، وليس لقوانين وشروط وتحولاتٍ، كما تتوهّم القوى التي تحكّمت بمصائره منذ لحظة سقوط ما كنّا نتوهّم أنه نهاية الأحزان وحال التردّي، وآخر صيغ الاستبداد وإعاقة التقدّم والتطوّر. ووفقاً لهذا النموذج"رُكِّبَت"لنا آليّات تمويه إرادتنا، والإيحاء لنا بأننا أسيادُ واقعنا وما ينتجه من خراب.وإذ نتابع بتأنٍّ ما جرى منذ تلك اللحظة، حيث سقط نظام العائلة الأبويّة المستبدّة، نرى أنّ أيّ قدر ضامنٍ ومعبِّرٍ عما جاء به صانعو قدرنا من أسس بناء دولة"مشاركةٍ"و"ديمقراطية توافقٍ وطني"تحول بمنهجيةٍ قد تكون وليدة طبيعة النموذج والنظام الذي رُكِّب عليه إلى شبه دولة لم تكتمل مقوماتها، وظلت إعادة بنائها مجرد شعاراتٍ مخادعة، ووعود انتخابية خائبة. وما يدور اليوم من تجاذباتٍ وتنافرٍ بين الفائزين على اختلاف مشاربهم يشي بأنّ دورةً جديدةً من التيه وضياع الفرصة، هي التي قد تسود على الضدّ من إرادة التغيير التي جرى التعبير عنها عبر صناديق الاقتراع أو من الأغلبية المقاطعة الرافضة لواقع الحال.إنَّ الكتل الأساسية الفائزة، وتلك التي تمتلك مركز القرار المؤثر، تتبادل ذات الصيغ التي تُعيد إنتاج ما نحن فيه أو عليه، فنحن أمام مقولات مبهمة حول صيغة الأكثرية السياسية، من دون تبيان منطقها في تشكيل الحكومة ومكوناتها، وصيغة الأغلبية الوطنية، ولا أحد يحدِّد مَن هي القوى المشمولة بها ومَن هي القوى غير الوطنية، وكذا الحال بالنسبة لصيغة حكومة التكنوقراط التي لا تستثني أحداً. ورغم هذا التباين الشكلي فإن الكلّ يتشاركون في رفض الطائفية والمحاصصة!وبغضِّ النظر عن الصيغ ووجهة تحقيقها، تظلّ المواطنة والدولة التي تقوم على قاعدتها، خارج المفاهيم التي يجري تداولها، لأنّ الجميع يتوافقون على أنّ أيّاً من الصيغ المطروحة لا تعبِّر أو تنطوي على إمكانية مقاربتها أو التأسيس عليها. ويتشارك الجميع في تبنّي التصدّي لظاهرة الفساد ورموزها والعمل على اجتثاثها،من دون أن يتوقّف أيُّ طرفٍ عند الآليات التي يعتمدها في تنفيذ وجهته، ولا أحد يتفحّص مَن هم معه أو حوله ممّن يرمزون للفساد والخراب في البلاد، ولا تخلو قائمة من بين المتنافسين على الحظوة للسنوات الأربع القادمة من رمز مُبرّز لظاهرة الفساد والنهب والفشل في إدارة الدولة والعملية السياسية..!إنها ليست دعوة للتشاؤم، كما إنها ليست إمعاناً في التفاؤل التاريخي، بل محاولة لكشف المستور من النوايا، لعلّ ذلك يستثير البعض إيجابياً قبل إعادة تدوير ما نحن فيه، ويحرّض مَن يؤكدون على عزمٍ مضمرٍ بفعل ما لم يُفعل على مدى السنوات العجاف الماضيات، ويتعهّد بتبنّي ماهو السبيل الوحيد للخروج من متاهة الطائفية والمحاصصة وكلّ ما يعبّر عنها ويقدّم برهاناً ولو"بلاغيّاً"عن نزوعه رغم التحديات في السعي لتحويل ذلك إلى معيارٍ منهجي.هل يمكن الالتزام بمثل هذا التعهد، والكلّ مدعوّون للمشاركة في تشكيل الحكومة والتمثيل فيها، وكأنَّ ما جرى للبلاد والعباد كان من فعلِ فاعلٍ، ومُسجَّلٍ ضدَّ مجهول؟!

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على