نوري بليجي جيلان أو سينما المواقف الانسانية

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

محمد صباح
نوري وليد العام 1959 ابن الريف التركي قبل ان ينتقل الى العاصمة اسطنبول معشوقة باموق. كانت بوادر شغفه بالفن حين مارس التصوير وهو في الخامسة عشر ة من عمره , بعدها ليكبر ويدرس هندسة الكهرباء. كانت الحياة سهلة عليه كما يقول قبل التخرج لكن ما ان أنهى الدراسة وتوجب عليه ان يسلك احد دروب الحياة كما كل انسان على وجه الارض فأصبحت الحياة صعبة  على نحو مباغت , انها صعوبة المواجه مع الحياة ان تتخذ مسارا , أن تفعل شيئأ. كان جليا إنه سيعمل بمهنته كمهندس  لكنه لم يشعر بفعل ذالك  , اذن ما العمل؟ اي طريق عليه ان يسلك و اي قدر عليه ان يصنع؟ 
وكما كل الفنانين والمبدعين حين يمرون بفترة الشتات و التيه فيخوضون رحلة اكتشاف المعنى للوجود ، فبلنسبة لشخص كئيب ولا يجد المعنى بشيء , حيث سيرتحل جيلان تاركاً البلد نحو انكلترا ليعمل نادلاً , لكنه سوف لن يتوقف عن مشاهدة الافلام , من ثمة الى نيويورك لفترة. اذن هل وجد المعنى أو الجواب ؟ يقول الجواب الذي كان يرن في رأسي ماذا علي أن افعل لم ينفك يتردد في رأسي طوال الوقت , فالجواب أيضاَ لم يكن في الغرب. فكانت الوجه اذن الشرق , حيث الهند وجبال الهمالايا ثم على حين غرة ، حين كان جالساً في أحد المعابد فوق الجبال فيشعر بتوق شديد للعودة الى تركيا. سيعود لبلده , وسؤال ماذا عليه أن يفعل يستمر معه الى أن يقرر أن ينضم الى الجيش , حيث هناك سيتعلم الالتزام والاجبار الذي يقول عنه أحيانا من المفيد أن تكون مجبر على فعل الاشياء , حيث هناك سيقرأ العديد من الكتب اثناء تأدية الخدمة العسكرية , منها كتاباً للمخرج البولندي رومان بولانسكي الذي سيجد التشابه في شخصيتهما من حيث الأخير أتى لعالم السينما وتعلم فنونها وحده وبنفسه , كان الجواب اذن يلوح بالافق ان يصبح صانع أفلام , حيث يكتشف أن صناعة الافلام عمل مناسب لشخصيته.بعد ان أمضى أكثر من عشر سنوات في الرحلة التالية في حياته , رحلة خلق الاسلوب وعن ماذا سيصنع من أفلام , بعد أن وجد ذاته الفنية في روح الادب الروسي تحديداً , أدب تشيخوف الذي يسبر غور النفس الإنسانية من خلال مواقف الحياة العادية , والتأثر بسينما تاركوفسكي الذين كان ينام ويشعر بالملل حين يشاهد أفلامه , لكنه بعدما يفرغ من مشاهدتها تبدأ تدور برأسه وتعيش وتأخذ مسارات ذات أثر نفسي بالغ في داخله. التي ستكون رؤيته واسلوبه كفنان , بانتمائه للسينما البطيئة أو التأملية, السينما التي تتفكر من خلال اللقطات الطويلة التي يعتبرها"بأنها تعبر عن ايقاع حواسه تجاه العالم"سينماه أيضاً على رغم بساطة قصصها الإنسانية يكتنفها الغموض , حيث يجد أن الواقعية الشديدة للحياة تتحول من خلال تعقيداتها الى نوع من السريالية , لذا فنياً يرى ,"إن الافلام , تصبح أكثر عمقاً حين يلفها الغموض"بعمر السادسة والثلاثين سيقدم اول أفلامه وهو فلم قصير بعنوان"cocoon "الذي صنعه عام 1995 برفقه شخصين فقط هما , جيلان نفسه و اداة الفوكس بولر focus puller ’ حيث يقول"انه الشيء الوحيد الذي لا يمكن لصانع الأفلام عمل فيلم من دونه , أما باقي المشاركين هم من عائلته. فالفيلم الذي سيفتح الطريق نحو مسيرة جيلان كصانع أفلام , حين سيتم قبوله بالمسابقة الرسمية للأفلام القصيرة بمهرجان كان. ثلاثية الريف او السيرة الجيلانية (1997-2002) بعد عامين سيعود جيلان الشاب الغريب والمجهول في كل الاوساط السينمائية داخل وخارج تركيا , بفلمه المعنون"kasaba"أو القرية الصغيرة والمتوج بجائزة الكاليغيري من مهرجان برلين , إذن هي قريته الاصلية ليحكي حكاية بلغة شاعرية تتفرد عن اللغات الشعرية لقامات السينما الشعرية من تاركوفسكي و كايشلوفيسكي وبازوليني وانجلوبوليس , الى لغته البصرية الشعرية الخاصة , سيشكل القرية الصغيرة أول أجزاء سيرة جيلان , لكن لا يغرقها بذاتيته وهذا ما يلفت لفرادته وأصالته الفنية , حيث يمزج بصوره الرمادية , حكايات عن الأرض والطفولة ومعنى الحياة و التعرف على الذات , مثل معه بالفيلم أفراد عائلته بما فيهم والديه , انه الفيلم الأول و الدرس بصناعة السينما بشغف وصدق. يتبع...

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على