فتحي عبد الوهاب.. غول تمثيل يرقص وحيدًا مع عصافير النيل

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

فتحي عبد الوهاب.. الغول الناضج الذكي الجامح الذي لا يأبه بالحسابات ولا بالقادم من الأيام،و الجامع بين الجد والهزل والحقيقة والسخرية، صاحب القدرة الفذّة على التجسيد، لم تسرقه النجومية إلى عالمها المزعج وتعزله عن فنه وموهبته الفطرية، فأسس مدرسة تمثيل خاصة به، يجمع فيها بين رُقي الأداء والسمو في إجادته، صانعًا من تراجعه عن أدوار البطولة المطلقة زادًا لإبداعه، بعدما أدرك سريعًا أن البقاء للممثل أيًا كان حجم الدور.

يقدّم فتحي هذا الموسم الرمضاني، 3 أدوار مختلفة، الأول مع الفنان عادل إمام في مسلسله "عوالم خفية"، مع النجوم أحمد وفيق، بشرى، مي سليم، هبة مجدي، الشاب خالد أنور، تأليف أمين جمال ومحمود حمدان ومحمد محرز، ومن إخراج وإنتاج رامي إمام، ويظهر بدور ضابط أمن الدولة المُكلف بمتابعة ما يقوم به الزعيم والذي يُجسد دور صحفي كبير.

ويشارك فتحي في بطولة مسلسل "أبو عمر المصري" مع النجم أحمد عز، ويجسد شخصية رجل أعمال كبير، وكبير أيضًا في أدائه التمثيلي الذي يلقى استحسانًا كبيرًا على المستوى الجماهيري والنقدي، إلى جانب النجوم أروى جودة، أمل بوشوشة، محمد سلام، صبري فواز، محمد علي رزق، محمود حجازي، في عمل مقتبس عن روايتين للكاتب عز الدين شكري فشير، وسيناريو وحوار مريم نعوم، وإخراج أحمد خالد موسى، وإنتاج طارق الجنايني.

فتحي يشارك أيضًا في بطولة مسلسل "ممنوع الاقتراب والتصوير"، إلى جانب النجمة زينة، من تأليف محمد الصفتي، وإخراج زياد الوشاحي في أولى تجاربه الإخراجية في الدراما التليفزيونية، ومعهم النجوم نسرين أمين، ومحمد شاهين، وأحمد العوضي، ومي القاضي، وأحمد فؤاد سليم، وآخرون.

عبد الوهاب ولد في 21 أغسطس عام 1971، في حي المعادي، حصل على بكالوريوس من كلية التجارة، ثم دبلومة تذوق فني من أكاديمية الفنون، ثم ليسانس الآداب من قسم المسرح، وبدأ مسيرته الفنية وهو لا يزال طالبًا في كلية التجارة، وعندما وصل للسنة النهائية بالكلية قدّم أحد أصدقائه أوراقهما إلى المخرج لينين الرملي، والفنان محمد صبحي، ليشارك بمسرحية "العربي الفصيح" عام 1992 ولمدة ثلاثة مواسم متتالية، ثم شارك بعدها بمسرحية "اللي بنى مصر" عام 1994، لتكون بدايته السينمائية عام 1995 حيث أتته الفرصة للمشاركة بفيلمي "طيور الظلام، سارق الفرح"، وشارك في العام التالي بمسلسل "الوتد"، لتتوالى أعماله منذ منتصف التسعينيات.

بطولات فتحي عبد الوهاب السينمائية بدأت في الألفية الجديدة مشتركة من خلال عدة أفلام، منها "فيلم ثقافي" مع أحمد عيد وأحمد رزق عام 2000، و"رانديفو" مع سمية الخشاب وخالد أبو النجا وأحمد زاهر عام 2001، و"سهر الليالي" مع كوكبة من النجوم الشباب عام 2003، و"أحلام حقيقية" مع خالد صالح وداليا البحيري وحنان ترك عام 2006، وقدّم أولى بطولاته من خلال فيلم "فرحان ملازم آدم" عام 2005، ثم أفلام "عزبة آدم" عام 2009، و"خلطة فوزية" مع إلهام شاهين عام 2009، و"عصافير النيل" مع عبير صبري عام 2010.

عبد الوهاب شارك في عدة أعمال درامية هامة منها "الناس في كفر عسكر" عام 2003، و"الدم والنار" عام 2004، وقدّم بطولات في الدراما منها، "قلب حبيبة" مع سهير البابلي عام 2005، و"عائلة مجنونة جدًا" مع رانيا فريد شوقي عام 2007، و"العائد" مع ياسر جلال عام 2008، و"سنوات الحب والملح" مع مي كساب عام 2010، و"أشجار النار" مع محمد نجاتي وداليا مصطفى عام 2012، ثم عاد لأدواره البطولية المشتركة في نفس العام من خلال مسلسل "الأخوة أعداء" مع الفنان الكبير صلاح السعدني، و"الخانكة" إلى جوار غادة عبد الرازق وماجد المصري عام 2016.

منذ عام 2010، وتحول مسار فتحي قليلًا، وبعدما كانت دفته تسير باتجاه أدوار البطولة أصبح أكثر جرأة في تقديم أعمال مشتركة، فاشترك في هذا العام بفيلم "زهايمر" مع الفنان عادل إمام، وقدّم دور "عبد العزيز" وسط كوكبة من النجوم في فيلم "ساعة ونص" عام 2012، ثم يعود بطلًا أول في فيلم "كلام جرايد" إلى جانب علا غانم عام 2014، ومنه إلى البطولة الجماعية مجددًا في فيلم "هز وسط البلد"، ثم فيلم "ريجاتا" عام 2015.

فتحي لا مشكلة لديه في القيام بالأدوار الصغيرة حجمًا كما رأيناه في عدد من الأعمال، مثل مسلسلي "الطوفان"، و"لا تطفئ الشمس" عام 2017، وكذلك في فيلمي "هروب اضطراري" و"مولانا" عام 2017، إلا أنه في كل أدواره يُبدع، فالنجومية بالنسبة له تقاس بمدى تأثير ما يقدمه من أدوار على مشاعر المتفرج وأفكاره.

يبدو أن فتحي استوعب مبكرًا أن الحالة الفنية لا تعني التجمد، وأن البطولة المطلقة ليست الغاية المُثلى إن لم تكن مقرونة بنجاح حقيقي، وإنه يمكنه القيام بأدوار أخرى ويحصد منها على النجومية التي يستحقها.. استوعب تمامًا أن البقاء للممثل أيًا كان حجم الدور، وآمن أن الفن لا يوجد عليه محاذير لتجسيد الأدوار، فجسد شخصيات عادةً ما تكون مركبة، تساعده على التحرر من القيود التي يفرضها الزمن عليه كإنسان.

مشوار فتحي عبد الوهاب يؤكد أنه يسير بذكاء كبير ومرونة، هو نجم دوره أيًا كان حجمه، يدرك جيدًا أن التراكم في صالحه، كل شخصية يقوم بتجسيدها في أعماله تمنحه عمرا زيادة على عمره، يعشق الأدوار التي فيها قدر من اللامعقول، شاهد فقط فيلمي "عزبة آدم، وخلطة فوزية" وغيرها، لتفهم ما نرمي إليه.

شارك الخبر على