لماذا «الثعلب الإيراني» موجود في العراق؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

أصبحت إيران هي الخاسر الأكبر بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات العراقية، حيث حصل حلفاؤها من الميليشيات الشيعية بالعراق والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي على المركز الثاني بعد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، وهو ما يعد تراجعًا واضحًا من العراقيين بالنسبة للقبول بالدور الإيراني في بلادهم.

وفي الوقت الذي يتلقى مقتدى الصدر التهاني بوصفه الفائز الأول في الانتخابات البرلمانية بعد تصدر تحالف "سائرون" بزعامته نتائج الانتخابات، تحاول إيران جاهدة إبعاد الشخصيات المناهضة لنفوذها في العراق عن المشهد السياسي.

مهمة سليماني

ووجدت طهران أن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني هو الرجل المناسب للقيام بهذه المهمة، بعد المؤشرات التي تدل على تراجع النفوذ الإيراني في العراق.

إقرأ أيضا : لافتات الانتخابات العراقية بطهران تثير غضب الشعب الإيراني 

ويتواجد سليماني داخل الأراضي العراقية، حيث يجري اجتماعات مع الأطراف الشيعية في العاصمة العراقية بغداد بشأن تشكيل الحكومة المقبلة وإبعاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي عنها.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن سليماني عقد اجتماعات مكثفة خلال الساعات القليلة الماضية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين، مع كل من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس ائتلاف "الفتح" هادي العامري، بحضور قيادات من الحشد الشعبي وذلك لتشكيل كتلة برلمانية كبيرة في مجلس النواب، والتي ستقدم مرشحها لرئاسة الحكومة المقبلة.

وحسب المصادر فإن سليماني يهدف إلى إبعاد شخصيات مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق عن المشهد السياسي وتشكيل الحكومة المقبلة، وأبرز تلك الشخصيات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي حصل تحالفه "سائرون" على المرتبة الأولى، ويحق له تقديم مرشح لرئاسة الحكومة، فضلًا عن رئيس تحالف "النصر" حيدر العبادي.

وتسعى طهران إلى تشكيل تحالف واسع، وإعادة جميع "الإخوة الأعداء" في حزب الدعوة، نوري المالكي وحيدر العبادي، إضافة إلى قائمة الفتح التي يرأسها هادي العامري، وعمار الحكيم، إلى جانب ممثلين لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

إلا أن مصادر عراقية أفادت بأن العبادي امتنع عن الالتحاق بالاجتماع الذي عقد برئاسة سليماني وأعضاء من حزب الدعوة وعلى رأسهم رجل طهران الأول في العراق نوري المالكي، مكتفيا في المقابل بإرسال مندوبين عنه.

إقرأ أيضا : عودة «الصدر» للمشهد السياسي في العراق.. صفعة على وجه إيران

وبهذه الخطوة من رئيس الوزراء، فشل سليماني في محاولاته الرامية إلى رأب الصدع في حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي والمالكي، وبالتالي سعيه إلى قطع الطريق على الصدر الذي يهدف إلى البناء على نتائج الانتخابات النيابية لتشكيل حكومة موسعة، تغيب عنها الأطراف المرتبطة عضويا بطهران، أي المالكي وفصائل من الحشد الشعبي، حسب "سكاي نيوز".

إيران وتأخر النتائج

ويشير ظهور قاسم سليماني في اجتماعات ائتلافي الفتح ودولة القانون في المنطقة الخضراء إلى علاقة ما بتأخر إعلان نتائج الانتخابات العراقية بعد أن كان من المقرر أن تعلن خلال ساعات من قبل المفوضية، وذلك بهدف إعطاء توليفة إيرانية لتشكيلة الحكومة العراقية.

المحلل السياسي جاسم الأسدي يشير إلى أن المفوضية العليا للانتخابات ألزمت نفسها بأن تعلن النتائج النهائية خلال ساعات بعد غلق صناديق الاقتراع، إلا أن هذا التأخير ودور السفارة الإيرانية الذي برز منذ أيام، وظهور سليماني في المنطقة الخضراء منذ يوم أمس، يبين حقيقة أن إيران تمارس دورها من خلال ممارستها الضغوط السياسية لجمع الكتل الشيعية لتشكيل تحالف يستطيع أن يمرر التشكيلة الحكومية.

إقرأ أيضا : إغلاق الأجواء والحدود.. كيف استعد العراق للانتخابات البرلمانية؟

وأضاف الأسدي أن هناك ضغوطًا سياسية على العبادي للالتحاق بهذه التشكيلة، ليتم الالتفاف على كتلة "سائرون" التي تتصدر حتى الآن وفقًا للنتائج الأولية في بعض المحافظات.

وتابع: الفوارق القليلة بين "سائرون" و"الفتح"، وقد تكون هناك لعبة تعتمد على نتائج صناديق الاقتراع في الخارج التي لم يحسم أمرها حتى الآن، وقد تضاف نتائجها إلى الفتح ليتصدر القوائم وينتهي الأمر بإعلان حكومة عراقية المظهر وإيرانية المضمون، حسب "العربية".

زعيم قومي

مراقبون للشأن العراقي يرون أن سليماني لا يمكنه إزاحة الصدر عن المشهد السياسي في البلاد وتحالفه "سائرون" بسبب قاعدته الجماهيرية الواسعة، والتي ستثور في حال تعرضها للتهميش والإقصاء.

من جانبه يرى أحمد الميالي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أن صورة الصدر تحولت من مسلح طائفي إلى زعيم قومي في أعقاب هجمات تنظيم "داعش" في عام 2014، التي مكنت هذا التنظيم المتطرف من السيطرة على مساحات كبيرة في شمال وغرب العراق.

وأشار إلى أن الصدر استغل قوته العظيمة لتعبئة مئات الآلاف من الناس لحركة احتجاج شعبية مستمرة تدعو إلى إصلاحات سياسية، مضيفا أنه بدأ بالمطالبة بما يطالب به الشارع، حيث احتجّ معهم وواجه جميع العراقيين بلغة بسيطة يفهمها الجميع لغة أنا واحد منكم، وليس من النخبة.

إقرأ أيضا: «انتخابات العراق».. معركة بين إيران وأمريكا

وأكد مبالي، أن كل ذلك لقد منحه المزيد من المؤيدين، أكثر من ذي قبل، حسب "واشنطن بوست".

تجدر الإشارة، إلى أن سليماني أو "الثعلب" كما يطلق عليه في بعض الأحيان، اكتسب خبرة قتالية كبيرة جدا من مشاركته في العمليات بالعراق وسوريا وغيرها من الجبهات، وحصل الجنرال الذي نادرا ما يتم التقاط صور له، على لقب أحد أقوى المسؤولين الأمنيين في الشرق الأوسط.

شارك الخبر على