هل تطيح «قرطاج ٢» بـ«الشاهد» من الحكومة التونسية؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

الكثير من التكهنات باتت تؤكد رحيل يوسف الشاهد عن رئاسة الحكومة التونسية، وكان من المقرر حسم هذا الأمر أمس، خلال اجتماع الأحزاب والمنظمات التونسية الموقعة على وثيقة "قرطاج" بقصر الرئاسة بالعاصمة، إلا أنه تقرر تأجيل تحديد مصير الشاهد وحكومته إلى نهاية الأسبوع الجاري.

توتر وأزمات

جاء هذا الاجتماع في وقت تشهد فيه العلاقة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، الشريك الاجتماعي الموقع على الوثيقة، توترًا كبيرًا بسبب أزمة قطاع التعليم التي تم احتواؤها مؤقتًا والخلافات حول الإصلاحات الاقتصادية.

كما يأتي الاجتماع بعد أكثر من 10 أيام على مصادقة فريق الخبراء على مسودة الأولويات "اتفاق قرطاج 2" مع تحفظ ممثلي "الاتحاد العام التونسي للشغل" على بعض بنودها.

ويعترض الاتحاد على خطط الحكومة لإصلاح المؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات مالية، لا سيما نيتها لبيعها إلى القطاع الخاص وإصلاح الصناديق الاجتماعية التي تشهد عجزا ماليا كبيرا.

اقرأ أيضا: وسط حالة من الجدل.. «الجيش والشرطة» أمام صناديق الاقتراع في تونس 

لكن الحكومة ترى أن هذه الخطط الإصلاحية أمر ضروري لإنقاذ موازنة الدولة والمالية العمومية والاستمرار في التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، حسب "الخليج".

الوثيقة الأولى

في يوليو 2016 وقعت تسعة أحزاب، وثلاث منظمات تونسية، على وثيقة اتفاق قرطاج، وتم على أساسها تشكيل حكومة وحدة وطنية هي الثامنة في تونس بعد ثورة 2011 برئاسة يوسف الشاهد.

وتضمنت "وثيقة قرطاج 1"، خطوطًا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وحدّدت أولويات في عدد من المجالات، منها: "كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل، ومقاومة الفساد، واستكمال تركيز المؤسسات، وغيرها".

وعادت الأصوات المطالبة بالتعديل الحكومي بعدما ظهرت خلال فترة الانتخابات البلدية التي جرى تنظيمها قبل أسبوع، في وقت لم تتوان فيه قيادة "الاتحاد العام التونسي للشغل"، عن مطالبتها بالتغيير، خلال جميع المؤتمرات النقابية، في المحافظات أخيرًا.

"قرطاج 2"

ودعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لاجتماع أمس، بهدف المصادقة على "وثيقة قرطاج 2"، بعد أسبوع من إجراء الانتخابات البلدية، التي كانت تمثل بنظر البعض عقبة أمام الحديث عن تغيير الحكومة.

اقرأ أيضا: إجراءات النقد الدولي في تونس.. نهضة اقتصادية أم انتكاسة طاحنة؟

وخلال الاجتماع، أكد الرئيس أن وثيقة "قرطاج الأولى" حققت نتائج لا يستهان بها، مشيرا إلى أن وثيقة "قرطاج 2" تتضمن إحياء الوثيقة الأولى، مؤكدا أنّ تغيير الحكومة ليس الموضوع الأساسي للاجتماع، إذ لا بدّ من الاتفاق على السياسة التي يجب تطبيقها ومن ثم تحديد الشخصية التي تكون قادرة على تطبيقها على أرض الواقع.

وسبق أن عبر الاتحاد العام التونسي للشغل عن تمسكه بتعديل عميق وشامل يشمل جميع مفاصل الدولة لضخ دماء جديدة في الحكومة ككل.

وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سامي الطاهري في تصريح سابق، إنّ مشروع وثيقة قرطاج الثانية يتضمن نقاطا خلافية كثيرة، وإنّ اتحاد الشغل لن يمضي على وثيقة تتضمن إجراءات ذات توجهات ليبرالية لا يلتقي معها.

وتشغل النسخة الثانية من وثيقة قرطاج الطبقة السياسية والرأي العام، خاصة في ما يتعلق بما ستأتي به من جديد مقارنة بالنسخة الأولى من الوثيقة التي كانت قاعدة على أساسها تشكلت حكومة الشاهد، حسب "العرب".

جدل التغيير

ويثير احتمال إدخال تعديلات على تركيبة الحكومة التونسية جدلا كبيرا في البلاد هذه الفترة، إذ يقول البعض إن التعديلات قد تتضمن تعديلا كليا للحكومة وتعيين شخصية أخرى بديلة خلفا ليوسف الشاهد لكن البعض الآخر يرى أن التغيير سيكون فقط في وزارات لم يكن أداؤها على المستوى المطلوب.

اقرأ أيضا: الغزو التركي يثير غضب «التوانسة».. وأصوات المقاطعة تتعالى 

ولم تعارض حركة النهضة، شريكة نداء تونس في الحكم منذ انتخابات 2014، خلال اجتماع وثيقة قرطاج فكرة إجراء تعديل وزاري عميق بعد أشهر من تمسكها بوجوب أن يكون التغيير جزئيا ويشمل البعض من الوزارات فحسب.

ويعتبر المتابعون للشأن السياسي أن حركة النهضة قد تعيد نفس السيناريو الذي أنتهجته في عام 2016 مع رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد عقب تمسّكها ببقائه طيلة المفاوضات، لكنها سحبت من تحت أقدامه البساط في آخر اجتماع.

أسماء مقترحة

السبسي دعا إلى عدم التطرق إلى مسألة التعديل الوزاري أو تقديم أسماء لخلافة الشاهد، ورغم عدم الحسم رسميا في بقاء الشاهد على رأس الحكومة من عدمه تم تداول بعض الأسماء التي تمّ اقتراحها لخلافة الشاهد.

ومن بين هذه الأسماء وزيرة السياحة الحالية سلمى اللومي التي اقترحتها حركة "نداء تونس" وهي تتقلّد بالتوازي خطّة أمين مال للحركة، علاوة على أنّها من بين القيادات المؤسّسة للحزب والتي يمكن أن تكون بذلك أول امرأة تتقلّد منصب رئيسة حكومة في تونس وفي العالم العربي.

كذلك اقترحت حركة نداء تونس حبيب كراولي الذي سجّل حضوره ضمن قائمة المرشّحين لتنفيذ بنود وثيقة "قرطاج 2" في صورة ما تمّ الاتفاق بشأنه، وهو من بين الكفاءات التونسية المختصة في مجال المالية والبنوك، وقد شغل العديد من المناصب العليا ببعض البنوك على غرار تعيينه في خطة رئيس مدير عام لبنك الشراكة الإفريقي، وكذلك رئيس مدير عام لبنك الأعمال التونسي، كما شغل سابقا مدير خطة بديوان التونسيين بالخارج ويمكن أن يعوّل عليه، بفضل تخصّصه، في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، حسب "تونس الرقمية".

اقرأ أيضا : أزمة الفوسفات تُغضب الشارع التونسي.. فهل يندلع «ربيع عربي» جديد؟ 

أما الشخصية الثالثة، فهي خالد قدور وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة الذي اقترحه الاتحاد العام التونسي للشغل وهو حاصل على دكتوراه في المجالات الاستراتيجية والتنظيم والإشراف من معهد الفنون والحرف بباريس وعلى شهادة المعهد الوطني للدفاع بواشنطن وشهادة الدراسات الاستراتيجية حول إفريقيا بمدينة ميلانو الإيطالية ودبلوم مهندس لإنتاج المحروقات من المعهد الوطني للمحروقات والكيمياء بالجزائر.

شارك الخبر على