أسبوع الدم والنار في غزة.. الاحتلال يهدد بإحراق القطاع وانتفاضة في الطريق

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

كتب: أمير الشعار ووفاء بسيوني
تتجه أنظار العالم اليوم، إلى فلسطين لمعرفة المسار الذي ستتخذه مسيرات العودة الكبرى، خاصة أن الشعب العربي يستعد لملحمة تاريخية ضد الاحتلال الذي رفع درجة الاستعداد القصوى بالتزامن مع نقل السفارة الأمريكية من مدينة تل أبيب إلى القدس.

الأسبوع المتفجر

واستعدت إسرائيل جيدًا لهذا الأسبوع الذي وصف بـ"المتفجر"، حيث يتوقع جیش الاحتلال أن تكون الأحداث الأكثر عنفًا على الحدود مع قطاع غزة خلال افتتاح السفارة، وسط تخوف الاحتلال من أن یقوم عناصر من نخبة حركة حماس بالتسلل بین المتظاھرین لتنفیذ ھجوم ضد قوات جیش الاحتلال، مشیرًة إلى أن الجیش سینتشر بكثافة في محیط القطاع لمنع أي محاولات تسلل أو ھجوم.

وعشية هذا الحدث، حوّلت سلطات الاحتلال مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، بفعل الإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي اتخذتها، وانتشر صباح اليوم عشرات القناصين من الجيش الإسرائيلي خلف السواتر الرملية، التي جهزها الجيش في الأسابيع الماضية، من أجل قمع المتظاهرين.

وأطلقت قوات الجيش الإسرائيلي، المتمركزة على الجانب الآخر من السياج، الرصاص الحي وقنابل الغاز المدمع، باتجاه المتظاهرين الفلسطينيين.

اقرأ أيضًا: في «يوم الأرض».. «العودة الكبرى» صداع في رأس الاحتلال 

وقبيل ساعات من انطلاق المسيرات الفلسطينية تزامنا مع ذكرى النكبة، ألقت طائرات إسرائيلية مُسيّرة شعلاً نارية تجاه خيام المتظاهرين الفلسطينيين المقامة قرب السياج الحدودي.

كما ألقت طائرات أخرى منشورات تحذّر الفلسطينيين من المشاركة في المظاهرات، وهدّدت باستخدام القوة ضدهم.

التصعيد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين هو مؤشر خطير، وقد ينذر بتفجر الأوضاع داخل قطاع غزة، خاصة بعد التصريحات النارية من قبل المسؤولين الإسرائيليين.

خطة إسرائيلية

صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، كشفت عن خطة الجيش الإسرائيلي لمواجهة الفلسطينيين المنتفضين في ذكرى النكبة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ونقلت الصحيفة عن الكاتب اليكس فيشمان قوله: إن "الجيش وضع ثلاثة قطاعات دفاعية، قناصة في كل ثغرة، وفرق محاصرة، وإمكانية لتجنيد الاحتياط".

حيث تستعد القيادة الجنوبية هذا الأسبوع لأسوأ سيناريو، وهو "العودة إلى مواجهة عسكرية واسعة مع حماس، إلى جانب الآلاف من الجنود والشرطة المنتشرين أمام سياج قطاع غزة، تم إعداد خطط لتكثيف القوات من المدارس العسكرية والوحدات القتالية في التدريب، وحتى إمكانية التعبئة على الأقل جزئيًا للواجب الاحتياطي". 

وفي الوقت نفسه، استعدت القوات الجوية الإسرائيلية أيضًا، في حال التدهور في قطاع غزة، لتوجه ضربة جوية قوية بشكل خاص.

اقرأ أيضًا: الأسلحة الشعبية.. إبداعات فلسطينية في مرمى نيران الاحتلال 

الكاتب أكد أن حماس تخلت عن عدد كبير من المواقع التي تسيطر عليها على الحدود في نهاية الأسبوع من أجل التنصل من المسؤولية عن المدنيين الذين سيتم إرسالهم لتدمير السياج، فمن من وجهة نظر حماس، فإن نقل السفارة اليوم وإحياء ذكرى النكبة غدًا، سيكون الاختبار الأكبر لها منذ سيطرتها على قطاع غزة، لأن الفشل سيؤثر على أهميتها في الساحة الفلسطينية، ويمكن أن يعيد الجناح العسكري لحماس إلى الصراع مع إسرائيل.

لا يمكن لأحد تقدير عدد المتظاهرين الذين ستنظمهم حماس، لكن الجيش الإسرائيلي لا يتحمل المخاطر، لهذا تم إنشاء 3 شرائط دفاعية، والتي تعززها ثلاثة ألوية، أي ثلاثة أضعاف عدد الجنود الموجودين الآن، وقد أضيفت صفوف من القناصة التي تم نشرها بالفعل من فيلق المشاة، وفقًا للكاتب.

وقال "فيشمان": "لم تتغير لوائح فتح النار، فالجنود لديهم إذن بإطلاق النار من أجل القتل، لكن في حال نجحت مجموعة كبيرة من الفلسطينيين في اختراق السياج ووجد الجنود أنفسهم في مواجهة حشود متدفقة نحوها، فإن لديهم إذنًا بإطلاق النار على أرجلهم في المرحلة الأولى، ثم يطلقون النار ليقتلوا، الجنود الذين يرون أصدقاءهم في محنة قد يفتحون النار أيضًا".

لكن الخطر الأكبر الذي تخشاه إسرائيل، هو دخول المتظاهرين مستوطنات بالقرب من السياج أو خطف جندي، لذلك سيتم تعزيز العديد من التجمعات الاستيطانية القريبة من السياج.

الكاتب الإسرائيلي، توقع أن حماس تخطط لاقتحام الجدار بشكل كامل.. فبدلًا من خمس نقاط للاقتحام، تم توسيعها لتصل إلى 13 موقعًا، من أجل إنشاء سلسلة من الأحداث التي تمنع الجيش من تعزيز القوات في نقاط حرجة".

اقرأ أيضًا: الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ70 للنكبة.. «من جيل لجيل عن العودة ما فيه بديل»

تخوف تل أبيب

التخوف الحالي للاحتلال، هو أن السور بأكمله سيتعرض للهجوم، وهذا التكتيك اتضح من خلال دخان الإطارات للتشويش على القناصة، وبعد ذلك، سوف يهرع الآلاف من المتظاهرين إلى نقطة الاختراق، بينما يتم إشغال الجيش بالطائرات الورقية الحارقة.

وعندما تعطي الإشارة سيتم تفكيك السياج الأول، وبمجرد عبور المتظاهرين السياج، سيواجهون القوات العسكرية التي من شأنها أن تعرقل الاختراق، وهنا خطر كبير يتمثل في اختطاف جندي أو إيذاء القوة، وفقُا لـ"فيشمان".

الغريب في الأمر، أن إسرائيل تريد عودة الوضع في غزة وتعزيز مشاريع البنية التحتية الإنسانية، لكن حماس تريد التحرر والتخلص، ولو جزئيًا من الحصار. 

لكن هذه المرة يرى الكاتب أن التوفيق بين مصالح إسرائيل وحماس تأخر، ويمكن خلق جسور له، ولكن فقط بعد موجة العنف التي لا مفر منها. 

ومع ذلك، هناك قلق من مواجهة عامة، فالسلطة الفلسطينية تعد أيضًا تجمعات حاشدة بمناسبة نقل السفارة والنكبة، وأنه في حال خرجت الأمور عن السيطرة ستحترق غزة، وبالتالي فإن ديناميكيات النجاح يمكن أن تشعل الضفة الغربية.

مليونية العودة 

ويصر الفلسطينيون على إفشال مخطط وقوع "نكبة جديدة" بمختلف الوسائل الممكنة، وتتوزع وسائل التصدّي الفلسطيني بين التحرك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده الرئيس ​محمود عباس​، والتحرك الشعبي والميداني، في مختلف أنحاء فلسطين.

وتشهد الأراضي الفلسطينية أضخم مسيرات حاشدة تحت مسمّى "مليونية العودة"، والتي انطلقت أمس، وذلك في الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية.

اقرأ أيضًا: «الدمدم».. أداة الاحتلال لـ«تحطيم عظام» الفلسطينيين

وتصل ذروة هذه المسيرات اليوم الاثنين، تزامنًا مع حدث نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وغدا الثلاثاء، الذي يصادف ذكرى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم عام 1948

وفي الساعات الأولى للمسيرات، أعلنت المصادر الطبية إصابة 36  فلسطينيًا بجروح وحالات اختناق، واستشهاد 7 آخرين، وذلك جراء قمع قوات الاحتلال المسيرات السلمية.

كما أعلنت اللجنة الوطنية لمسيرات العودة الإضراب الشامل في محافظات قطاع غزة الخمس، داعية إلى أضخم مشاركة فلسطينية بالتظاهر السلمي على حدود القطاع مع الأراضي المحتلة.

وأكّدت اللجنة الوطنية ضرورة الحفاظ على سلمية المسيرات لإيصال رسالة قوية إلى العالم رفضًا لنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس.

اللجوء للجنائية 

وخصّصت اللجنة المكوّنة من قوى وفصائل فلسطينية باصات وسيارات لنقل المتظاهرين من مناطق مختلفة في قطاع غزة باتجاه الحدود، لتحقيق أكبر عدد من المشاركين.

وبالانتقال إلى التحرك على مستوى القيادات الفلسطينية، نجد أن الرئيس محمود عباس يترأس اجتماعا هاما للقيادة الفلسطينية لبحث واتخاذ القرارات الممكنة ردا على نقل السفارة.

ويتوقع أن تتخذ القيادة قرارات تتعلق بتحريك ملفات لدى الجنائية الدولية، والانضمام لمؤسسات ومنظمات دولية حذرت الولايات المتحدة مرارا السلطة من الانضمام إليها، وبحث إمكانية مقاضاة الولايات المتحدة، وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بما يشمل العمل على نقل السلطة إلى دولة ووقف الاتفاقات مع إسرائيل.

ودعت الحكومة الفلسطينية أمس، كافة دول العالم التي تؤمن بالحرية والسلام والاستقرار والحفاظ على قرارات الشرعية الدولية إلى الإعلان عن القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، في مواجهة الخروج على الشرعية والقوانين الدولية الذي يمثله استمرار الاحتلال وقرار الرئيس الأمريكي "إعطاء عاصمتنا المقدسة للاحتلال الإسرائيلي"، في أشد تصرفات رؤساء الدول غرابة وفانتازيا في التاريخ ، متحديا مشاعر الفلسطينيين والعرب ، حسب "الشرق الأوسط".

نكبة جديدة

منظمة التحرير الفلسطينية، اعتبرت أن افتتاح السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في مدينة القدس، بمثابة "نكبة فلسطينية جديدة".

من جانبها وصفت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي، افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، بـ"نكبة جديدة تحل بالشعب الفلسطيني، وبالعدالة الأممية، والشرعية الدولية"، معتبرة أن هذا الإجراء الأحادي يدلل على سيطرة منطق القوة والعنجهية، وسحق كل ما هو قانوني وإنساني.

وأضافت أن "إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وبدعم ومشاركة من الولايات المتحدة الأمريكية، تمعن في مواصلة ظلمها التاريخي للشعب الفلسطيني، عبر ترسيخ مخططاتها المدروسة والمرتكزة على تهويد الحيز والمكان الفلسطيني وسرقة الأرض، والتاريخ والرواية، والثقافة الفلسطينية".

وأكدت أن ما يجري في القدس "انتهاك قانوني وأخلاقي وسياسي وسرقة متعمدة ومقصودة للحقوق الفلسطينية المشروعة والمكفولة بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، التي كفلت تجسيد قيام دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وشددت على أن هذا الانتهاك المتعمد للوضع القانوني للقدس يشكل خرقًا فاضحًا لسيادة القانون الدولي، ويطعن في مصداقية ومكانة الولايات المتحدة في العالم، ويدفع نحو تغذية التطرف والعنف وعدم الاستقرار ويحوّل الصراع إلى صراع طائفي وديني لا يمكن احتواؤه.

ودعت عشراوي إلى "عمل جمعي متعدد الأطراف الدولية لتطبيق حل دائم لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، وفقا للقانون الدولي عبر تجسيد القرار 194".

اقرأ أيضًا: «الهدم».. سياسة الاحتلال الفاشلة لمحو الوجود الفلسطيني

أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، فقد طالب المجتمع الدولي بمقاطعة مراسم افتتاح السفارة، كما دعا عريقات الدول كافة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لدعم القانون الدولي ومتطلبات السلام العادل والدائم، بما في ذلك الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واتخاذ المزيد من الإجراءات لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. 

في حين أكدت جبهة التحرير الفلسطينية رفضها لكل المشاريع والحلول التصفوية التي تستهدف القضية والحقوق الفلسطينية، داعية إلى التمسك بقرارات المجلس الوطني والعمل من أجل استعادة الهدف والمشروع الفلسطيني المتمثل بالتحرير والعودة والاستقلال.

قنبلة غزة

وعلى مايبدو التحركات بالشارع الفلسطيني، أثارت مخاوف عدد من الساسة والإعلاميين الإسرائيليين، حيث أكد الصحفي الإسرائيلي تسيون نانوس، أن قطاع غزة سيتحول لقنبلة ستنفجر في وجه الاحتلال.

وأضاف نانوس "لن تجدينا الاحتفالات ومظاهر الفرح التي نعيشها حاليا، فطالما ظل تعاطينا مع غزة على هذا النحو، فإنها ستتحول إلى قنبلة ستنفجر في وجهنا".

استنفار فلسطيني

من جانبه قال المحلل السياسي الفلسطيني جمال أبو خالد: "يمر على القدس يوم عصيب وحزين، فهي أسيرة مغتصبة وحيدة، تكالب عليها الأعداء الجبناء الغاصبين يحاولون تهويدها، وطمس هويتها، وسرقة ثقافتها وتاريخها".

وأشار المحلل الفلسطيني في تصريحات لـ"التحرير"، إلى أن القدس تدافع عن نفسها بسواعد أبنائها، بعد أن تخلى عنهم القريب والبعيد، فالقدس تدافع عن هويتها وعروبتها وإسلاميتها، فهي وحيدة مظلومة مسترقة مسروقة، والآن هي بأيدي الجبناء الأنذال، مؤكدًا أن القدس لن تكون للصهاينة، وستبقى لأبنائها ومحبيها ولكل الأحرار في العالم".

اقرأ أيضًا: قبل افتتاح السفارة الأمريكية في القدس.. إسرائيل تحتفل وفلسطين تدين 

وأوضح أن الفلسطينيين يستنفرون في مختلف أنحاء الضفة الغربية وغزة، ويواجهون قوات الاحتلال الصهيوني على نقاط التماس، كما أن الفلسطينيين يتوجهون لأقرب نقطة يمكن أن يصلوا إليها باتجاه القدس، لافتًا إلى أن قوات الاحتلال تطلق الرصاص وقنابل الغاز على المتظاهرين السلميين، وتعمل على قمع أي فلسطيني يتحرك في الطرقات الخارجية، والمستوطنون يعتدون على المواطنين وسياراتهم.

كما أكد أن الضفة الغربية وغزة في حالة مواجهة مفتوحة مع قوات الاحتلال.

وتابع أبو خالد "يرافق الوضع الميداني وضع سياسي تحاول فيه دولة الاحتلال إخفاء الشرعية على حقها في القدس وتتصرف بناءً على ذلك، حيث تعمل على تهويد المدينة وتغيير معالمها وأسماء شوارعها، وحتى سرقة أطعمتها الشعبية ونسبها إلى نفسها، إسرائيل الآن تتصرف وكأنها المنفذ المطلق في المدينة ليس هناك من يردعها".

واختتم بالقول: "القدس الآن معزولة عن محيطها الضفة الغربية، تحيطها حواجز عسكرية من مختلف الجهات، استعدادًا لافتتاح سفارة أمريكا".

شارك الخبر على