صيادو «سداب» يستغيثون !

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

مسقط - خالد عرابي«الصيد» إحدى المهن العمانية القديمة والأصيلة التي توارثناها عبر الأجيال، ومن الأجداد إلى الآباء، بل وشكلت لعقود طويلة مصدر دخل أساسي لكثير من آبائنا، كما يراهن عليها حديثا بأن تكون جزءا من مصادر تنويع الدخل، إذ إن قطاع الصيد واحد من القطاعات المدرجة ضمن مصادر تنويع الدخل الوطني ضمن خطة «تنفيذ».في المقابل نجد أن مجموعة كبيرة من الصيادين في العاصمة مسقط يستغيثون ويرددون أن مصدر رزقهم القائم على الصيد مهدد وأن مهنتهم في خطر، لأنهم لا يتمكنون من ممارسة تلك المهنة بسبب وجود أحد المشاريع في منطقة سداب، والذي منع تجدد المياه في المنطقة وصعّب من مهمتهم بحيث أصبح الصياد غير قادر على النزول للبحر والصيد ولو لمرة واحدة في الأسبوع.. فما هي مشكلتهم وما هي معاناتهم؟يقول على بن عيسى المعني، أحد الصيادين من أبناء منطقة سداب: نحن مجموعة كبيرة من الصيادين يصل عددنا إلى حوالي 500 صاحب قارب أي 500 أسرة وكل أسرة بها من حوالي 5 أشخاص، وقد تصل إلى 10 أشخاص. وقد كنا نعيش في استقرار وحياة بسيطة هادئة، حيث إن مصدر رزقنا الأساسي والرئيسي هو الصيد، فيخرج كل منا وقتما أراد ساحبا قاربه إلى المياه قاصدا الصيد ويعود بما أكرمه الله به، ولكن ومنذ فترة طويلة وبعد إقامة أحد المشاريع بالمنطقة تضررنا كثيرا، حيث قاموا ببناء مصدات مياه وكواسر أمواج داخل البحر ما صعّب عملية تجدد المياه كما صعب نزولنا للبحر للصيد، لأنه أصبح مهمة صعبة بل ومستحيلة في كثير من الأيام وتعتمد على الحظ، فنحن لا نستطيع نزول البحر إلا إذا كان منسوب المياه مرتفعا، بحيث نتمكن من سحب قواربنا والنزول للصيد وهذا ربما يحدث مرة أو مرتين أسبوعيا فقط، وبالتالي تضررنا في مصدر رزقنا الأساسي.أما طالب بن سويد بن علي المعيني فقال: أصبحنا نتعرض لمخاطر الإصابات عند المغامرة ومحاولة مساعدة بعضنا بعضا لجر قارب واحد، إذ نكون عرضة للإصابات بسبب التزحلق بسبب الطحالب البحرية والأرضية الأسمنتية التي قاموا ببنائها أسفل جسر أقاموه كمدخل أو جزء من المشروع، علاوة على تعرضنا للإصابات بسبب الأصداف الحادة التي يحملها البحر معه عند علو منسوب المياه، ثم تترك الأصداف على الشاطئ عند انحسار المياه مرة ثانية.ورأى طالب أن حل المشكلة يتمثل في إقامة شاطئ رملي مما يسهل عليهم سحب القوارب وكذلك توسعة فتحة دخول المياه حتى تعمل على تجددها (أي المياه) وعدم ركودها وكذلك توسعة الشاطئ لاستيعاب عدد القوارب الكبير.طبقة إسمنتيةويقول بدر بن مصبح بن مبارك الجرادي، وهو صياد من أبناء المنطقة: تضررنا من المشروع لأنهم بعد إقامته أقاموا جسرا، ثم أقاموا في الأرضية التي أسفله طبقة إسمنتية رصفوها مما جعل من المستحيل أن ننزل بقواربنا إلا إذا كان منسوب مياه البحر مرتفعا، وفِي بعض الأحيان تكون المياه مرتفعة وننزل للصيد، ولكن عند الرجوع تكون قد انخفضت فلا نتمكن من الخروج بالقارب من المياه ولا نتمكن من سحب القارب للخارج ونظل منتظرين، وفِي حالة المغامرة وسحب القارب في حال انحسار المياه وهذا يحدث كثيرا نتعرض للأخطار، حيث التزحلق على الطبقة الإسمنتية نظرا لوجود الطحالب والعوالق البحرية النباتية والأوساخ .وأكد بدر الجرادي أن حلول مشكلتهم التي تمتد لفترة طويلة حلول بسيطة ولا تكلف الكثير وهي تتمثل في إزالة (الأحجار) أو الحصى الذي على جانب طريق سداب في تلك المنطقة للصيادين وهي لا تمتد لأكثر من كيلو متر طولا، لأنه لم يعد هناك خطر على الطريق لأن المياه لم يعد لها تيارات قوية بل أصبحت راكدة وأن يقام بها بدلا من الأحجار أو الحصى شاطئ رملـــــي لإرساء الصيادين قواربهم به ومن ثم يسهـــــل عليهم سحبها نزولا للمياه والصيد أو عند العــــــودة من الصيد.. فهل مثل هذا المطلب صعب وهل يصعب تحقيقه؟كاسر الأمواجأما أحمد بن سالم الحميدي، أحد صيادي منطقة سداب فيقول: أنا من أهالي سداب، وأعمل بهذه المهنة.كما أنني أعمل موظفا بإحدى الـوزارات: نحن أهالي المنطقة ورثنــــا هذه المهنة أبا عن جد، وهي مصدر الــــرزق لكثير من الأسر وكانت الأمور تسير على ما يرام بمعنى أننا نمـارس حياتنا اليومية كلما خرج أحدنا للصيد يذهب إلى الشاطئ يسحب قاربه ويتوجه للصيد يجمع ما قسمه الله له ويعود دون أي مشكلة.. إلى أن جـاء هذا المشروع، الذي أضـر بِنَا كثيرا، حيث أدت إقــامة كاسر الأمواج بـداخل البحر إلى غلق الشاطئ علينا وجعل المياه راكدة ولا تتجدد، وذلك لأن الفتحة التي تركوها لدخول المياه صغيرة جدا تتراوح بين 30 إلى 40 مترا فقط وهي غير كافية لتجدد المياه. وأضاف الحميدي قائلا: نحن ندرك أن هذا المشروع من المشاريع الوطنية التي لا يمكن لأحد ولا نحن الاعتراض عليها، ولكن لا ضرر ولا ضرار، فقد وعدونا أن يبقوا ويحافظوا على مصـالحنا وأن لا يؤثر المشروع على مصدر رزقنا، ولكن حدث العكس فالمياه أصبحت راكدة، وهذا أثر على نمو العوالق البحرية والنباتية على الشاطئ ما جعل من الصعب سحب القوارب نزولا للصيد.وأضاف الحميدي قائلا: تواصلنا مع قسم البيئة بوزارة الزراعة والثروة السمكية مركز العلوم البحرية والسمكية وجاءوا وجمعنا عينات مياه وحللوها ووجدوا أن المياه راكدة، وهذا يؤثر في حالـــة وجود أسماك كثيرة بالمنطقة، حيث يقل الأوكسجين، وقد حدث ذلك من قبل في المنطقة ونفقت أسماك السردين ولوثت المكان ومــــلأته بالرائحـــــة العفنــــة وهذه واقعة معــروفة لدى الجميع.رد وزارة الزراعةوتعليقا على هذا المشكلة وما تم في إطار حلها تواصلت «الشبيبة» مع وزارة الزراعة والثروة السمكية، حيث تم تحويلنا للمسؤول عن متابعة هذا الملف وهو مدير عام موانئ الصيد بوزارة الزراعة والثروة السمكية المهندس عامر الكندي الذي علق قائلا: نحن نتابع هذا الملف منذ فترة وقد نال اهتماما على أعلى المستويات في الوزارة، حيث تابعه معالي الوزير شخصيا، وقد أقمنا لجنة بخصوصه ولمتابعته، كما تم عقد عدة اجتماعات بخصوصه بحضور معالي الوزير شخصيا وحضور عضو مجلس الشورى وممثل الولاية التابعة لها سداب، سعادة علي الجابري وتمت مناقشته بصورة تفصيلية ومن كافة الجوانب وقد توصلنا إلى الآتي: أنه فيما يخص الأحجار أو الحصى الذي على جانب الطريق فإنه يصعب رفعها خاصة وأن هذا الطريق عام وعليه حركة كبيرة، وفي حالة رفع الأحجار فإنه يكون عرضة للتآكل بسبب تلاطم الأمواج وتيار المياه، علاوة على أن هذا الطريق لا يخص الوزارة لنتحدث عنه وإنما يخص بلدية مسقط وهو طريق ومرفق عام. وأضاف قائلا: أريد أن أؤكد أيضا على أن هناك مراسي جديدة في ميناء السلطان قابوس بمطرح، ويمكن لهؤلاء الصيادين (صيادي سداب) استخدامها وإرساء قواربهم بها، لأن هذه المراسي عامة لعموم وجميع الصيادين وهم جزء منهم، كما أنها ليست بعيدة عن صيادي سداب، وكذلك فهي بالقرب من سوق السمك، وهذا سيحل من مشكلة تزاحم قواربهم في منطقة سداب.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على