السينما البرازيلية تفقد أباها..المخرج نيلسون بيريرا دوس سانتوس

حوالي ٦ سنوات فى المدى

 ترجمة: أحمد فاضل
قبل أواخر الخمسينيات من القرن الماضي لم تكن السينما البرازيلية معروفة في جميع أنحاء العالم ، بعد ذلك انضم نيلسون بيريرا دوس سانتوس الذي توفي مؤخراً إلى روي غويرا وجلاوبر روشا ليشكلوا شركة سينما نوفو التعاونية ، حيث أطلقوا تطورات مثيرة في السينما البرازيلية التي ألهمت صناع الأفلام في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ، في ذلك الوقت كان بيريرا أقدم المخرجين السينمائيين الثلاثة وكان دائما يعتبر " أب السينما البرازيلية الجديدة " والأكثر خبرة ، كان يمارس بالفعل ما بشرت به نوفو باعتماد المبادئ الواقعية الإيطالية الجديدة لموقع التصوير الوثائقي وتقديم الدعم والمشورة للممثلين غير المحترفين ، في عام 1955 ، صنع بيريرا ريو فيلم " 40 درجة " الذي وضع معياراً للسينما المستقلة في البرازيل كان الفيلم الذي ركز على أنشطة خمسة بائعين من الفول السوداني الذين يتركون مساكنهم الفقيرة لبيع بضاعتهم في الضواحي الثرية أحد الأفلام البرازيلية الأولى التي تم تصويرها في الأحياء الفقيرة ولعرض شخصيات أفريقية برازيلية من خلال تقديم نقد للمجتمع ، برهن بيريرا عن اعتقاده بأن الأفلام البرازيلية يجب أن تؤكد مبادئ الثقافة الشعبية التي يرى أنها مختلفة بشكل كبير عن " الأشكال الثقافية السطحية النخبوية التي تتبع النماذج المستعمرة القديمة " من خلال إنشاء وكالة تعاونية للتعامل مع توزيعها ، فكانت أفلام Cinema Novo خالية من التأثيرات الأجنبية خاصة في أمريكا الشمالية التي كانت تهيمن حتى الآن على الصناعة البرازيلية .ولد بيريرا في ساو باولو ، وهو ابن خياط وربة منزل إيطالية المولد ، درس القانون ومارس الصحافة ، لكن محبته الحقيقية كانت السينما بعد تخرجه ذهب إلى باريس حيث التحق بمدرسة أفلام المعهد العالي للدراسات السينمائية وبالعودة إلى البرازيل في ساو باولو حاول أن يكون قريباً من صناعة السينما ثم انتقل إلى ريو دي جانيرو حيث دخل هذه الصناعة كمساعد مخرج عام 1957 وانتظر ست سنوات ليطلق تحفته السينمائية حول ملحن سامبا أسود استغلته صناعة الموسيقى وبشكل مقرف ، وعلى هذا النحو سارت أفلامه لتعكس معاناة الناس شاركه فيها وبشكل وثيق لويس كارلوس باريتو وهو أحد أفضل المصورين البرازيليين ، كان ذلك في عام 1963أي قبل عام واحد من تولي المجلس العسكري السيطرة على البلاد ، ومع ذلك وعلى الرغم من الرقابة تمكن بيريرا وزملاؤه من صنع أفلام سياسية إلى أن استولى نظام عسكري يميني قمعي ، لكنه استمر في صناعة الأفلام على الرغم من أنه اضطر إلى الابتعاد عن المشاكل حينها حيث قال عن تلك المرحلة الحرجة :" قامت الحكومة بتمويل الأفلام التاريخية ، لكنها أرادتها أن تكون مسيسة لصالحها " ، ومع ذلك تمكن بيريرا من خلال الاستخدام الخفي للرواية من تقويض " التاريخ الرسمي " على سبيل المثال حيث استخدم حكاية شهيرة تعود إلى القرن السابع عشر ليضرب مثالا سياسيا في البرازيل المعاصرة مع استخدامه للصورة الجميلة والنكتة الساخرة . استمر بيريرا في متابعة علامته الخاصة في فيلم " تميمة أوجم " 1974 وهي حكاية معاصرة عن الأساطير الأفريقية البرازيلية التي يحظى فيها شاب بحماية سحرية من أي أذى جسدي يصبح مسلحاً لرجال العصابات ، وفي " خيمة المعجزات " 1977 استنادا إلى رواية خورخي أمادو حول عالم اجتماع أسود يقترح نظرية أن الاختلاط ضروري وصحي للمجتمع البرازيلي تحدى بيريرا فكرة أن البرازيل تحكمها الديمقراطية ، وفي عام 1984 قدم فيلماً هو عبارة عن سيرة ذاتية عن المناضل البرازيلي غراسيليانو راموس حمل اسم " ذكريات السجن " وهو اقتباس عما كتبه في تلك السيرة ، حيث كان سجينا سياسياً في الثلاثينيات ، أما آخر فيلمين له بين عامي 2012 و 2013 فكان أحدهما من النوع الوثائقي عن المغني الملحن أنطونيو كارلوس جوبيم الذي صنع " بوسا نوفا " وهي نمط من الموسيقى الشعبية البرازيلية التي ظهرت في نهاية عام 1950 وبداية عام 1960 في مدينة ريو دي جانيرو كانت في البداية عبارة عن وسيلة جديدة لغناء السامبا وبعد عدة سنوات أصبحت البوسا نوفا واحدة من أفضل وأشـهر الموسيقى البرازيلية المعروفة في العالم .كان بيريرا الذي كتب كل سيناريوهاته الخاصة أول صانع أفلام يُنتخب في الأكاديمية البرازيلية للأدب وقد أنجب من زوجته الأولى إيفيليز أربعة أطفال هم نيلسون ، وني ، ومارسيا وديوغو ، التي توفيت عام 1999 ، أما هو فقد غادر دنيانا في 21 أبريل / نيسان 2018
عن / صحيفة الغارديان اللندنية

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على