تجدد جدل «بيرة في نادي البلياردو» بصدور طبعة ثالثة لترجمة هناء نصير

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

تقيم دار "بتانة للنشر"؛ بمقرها بعمارة يعقوبيان بشارع طلعت حرب، فى الساعة السابعة من مساء بعد غد الخميس، حفل توقيع الطبعة الثالثة من رواية "بيرة في نادي البلياردو"، للكاتب وجيه غالى، التى ترجمتها عن الإنجليزية الكاتبة هناء نصير، وستتم مناقشة الرواية، بمشاركة المترجمة، وكل من: الروائي طارق إمام، والكاتب الصحفى حمدي عبد الرحيم، ويدير النقاش الشاعر والناقد شعبان يوسف.

تعتبر، هناء، أن الطبعة الثالثة من الرواية مهمة جدًا، فهي إضافة إلى أنها عمل فني جميل، صادق، وآسر، فهي تكمل بانوراما الكتابات المصرية لفترة ما قبل ثورة يوليو وما بعدها، وصولًا لهزيمة 1967.

وأشارت إلى أنه يمكن النظر للكاتب وجيه غالي كواحد من كتاب الستينيات، إلا أنه يصور لنا جزءًا من مصر لا تقدمه الكتابات المختلفة لكتاب الستينيات، الذين قدموا في أعمالهم نماذج لما يطلق عليه مصطلح "البرجوازي الصغير"، الذي ينتمي للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى بفضل تعليمه، أو بفضل حراك اجتماعي بسيط سابق على ميلاده؛ أما وجيه غالي فكان ينتمي إلى شريحة اجتماعية أعلى هي الشريحة العليا من الطبقة الوسطى، لذا فروايته تسجل نموذجًا لحياة اجتماعية لطبقة الأثرياء والمتضررين من قرارات يوليو، وليس المستفيدين بها.

يذكر أن هناء نصير خريجة آداب القاهرة، قسم اللغة الإنجليزية، وهذا العمل الوحيد المترجم لها، ولديها كتاب بعنوان "بعد نهاية الأشياء"، وهى على وشك الانتهاء من كتابة رواية، لم تستقر على عنوانها بعد، كما عملت كمحررة ثقافية، ولديها العديد من الترجمات والقراءات في العديد من الإصدارات المصرية.

جدير بالذكر أن الطبعة الأولى لترجمة، "هناء" للرواية صدرت فى سنة 2006، وصدرت طبعتها الثانية فى سنة 2009، وقد أجرت حينها حوارات صحفية، أشارت فى أحدها إلى أن "عالم الرواية مثير، لأن (مؤلفها) شاب مصرى هرب فى نهاية الخمسينات إلى أوروبا بسبب الثورة، وزار إسرائيل، وكان يحب فتاة يهودية، وانتحر عام 1969 فى لندن، وهو فى سن الأربعين، وكانت حياته متناقضة وغريبة، وكتب هذه الرواية فى لندن، ولا يعرف عنه المصريون رغم ذلك أى شيء".

وأضافت أنها تلافات فى الطبعة الثانية ما فاتها فى الطبعة الأولى؛ فقد كان هناك الكثير من الأخطاء النحوية، وربما بعض الجمل لم تكن واضحة تمامًا، فأعدت صياغتها، وقامت الدكتور عبير سلامة مشكورة بمراجعة الرواية وتصحيحها نحويا.

لكن قبل صدور ترجمة هناء نصير للرواية، كانت الشاعرة إيمال مرسال قد نشرت ترجمتها لجزء من الرواية فى جريدة أخبار الأدب -سنة 2006، ثم أتمت الترجمة بالاشتراك مع ريم الريس، وصدرت ترجمتهما عن دار الشروق سنة 2013، وقد قامت، مرسال، بتقديم ترجمتها للجزء من الرواية المنشور فى "أخبار الأدب" بتعريف القارئ بظروف ترجمتها لها، وبما توصلت إليه فى سعيها لمعرفة المزيد عن المؤلف، فذكرت أنه "في 26 ديسمبر 1968 ابتلع وجيه غالي علبة كاملة من الحبوب المنومة في شقة الناشرة والكاتبة الإنجليزية ديانا أثيل ومات في أحد مستشفيات لندن في 5 يناير 1969.

ربما تكون هذه المعلومة هي الوحيدة الأكيدة التي نعرفها عن غالي دون أن يكون مصدرها كتابته أو تصور الآخرين عنه... صدرت "بيرة في نادي البلياردو" سنة 1964 عن دارأندريه دويتش بلندن، وأعيدت طباعتها عدة مرات بين لندن ونيويورك، وقد وصفتها الكاتبة المصرية المعروفة أهداف سويف على غلاف طبعتها الثالثة التي صدرت في نيويورك 1987 بأنها (واحدة من أجمل الروايات التي كتبت عن مصر...)، كما حررت الأستاذة هدى الجندي كتابا صدر عن قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة يحتوي على دراسة عن الرواية، وهذا يعني أنها معروفة على الأقل لبعض المثقفين والأكاديميين المصريين.

رغم صعوبة تحديد تاريخ ميلاد "غالي" بدقة لأنه لم يكن صادقا في الاعتراف به إلا أنه يمكن القول أنه ولد في نهاية العشرينيات من القرن العشرين؛ فقد درس في فيكتوريا كولدج في الفترة من 44 إلى 1947، كما أنه في يومياته وأثناء زيارة أحد أصدقائه، الممثل المصري أحمد رمزي للندن في سبتمبر67 يشير لصداقتهما منذ الطفولة ولتزاملهما في الدراسة، يذهب (وجيه) لباريس ليدرس الطب في السربون ولكنه لن يحصل على شهادة، ويغادرها إلى لندن في مايو 53 ثم إلى مصر بعد انتهاء جواز سفره المصري وخوفه من السجن، لأنه ضرب ضابط بوليس إنجليزي أثناء مظاهرة ضد العدوان الثلاثي 1956، يعود غالي إلى القاهرة ويكتشف أن طبقته ما زالت تتمتع بنمط حياتها رغم ثورة يوليو، ويتورط في نشاط شيوعي، ويخاف من السجن، ترفض الحكومة المصرية تجديد جواز سفره فيهرب إلى ألمانيا التي تمنحه إقامة في 1958، لكنه يعيش في بلدة صناعية صغيرة متنقلا بين وظائف قاسية، ويكتب "بيرة في نادي البلياردو" ويبدأ علاقة مراسلة مع ديانا أثيل التي تتحمس لنشر روايته، ويزورها في لندن سنة 63، ثم يتقابلان في بلجيكا، ويسألها أن تنقذه من ألمانيا، فتساعده على الحصول على إقامة في إنجلترا ويذهب ليعيش في رعايتها منذ 1964 وحتى انتحاره".

الجدل حول الترجمتين يتجدد عند كل واقعة جديدة؛ الرواية نفسها ومؤلفها موضع جدل مستمر، يخفت ويتصاعد مع كل جديد، فقبل أسابيع ذكرت، هناء، فى معرض الإعلان عن الطبعة الجديدة، أنها "بدأت فى ترجمة الرواية قبل أن تعرف أن زميلتين؛ هما: إيمان مرسال وريم الريس، تعملان على ترجمتها، وكان الدكتور ماهر شفيق فريد هو من أخبرها بذلك، غير أنها كانت فى المراحل النهائية"، وهنا تذكر البعض أنها (هناء) قد ذكرت؛ فى حوار صحفى أجرى معها عند صدور الطبعة الثانية أنها: "سمعت عن "غالى" للمرة الأولى حين درست روايته فى السنة التمهيدية للماجستير فى قسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة ضمن عدة روايات، هى نماذج من آداب ما بعد الاستعمار، فتنتنى الرواية وأحسست فى كثير من الأحيان بالتماهى مع بطلها المأزوم، وفيما بعد قررت دراسة "بيرة" فى أطروحتى لنيل درجة الماجستير، إضافة إلى رواية "قالت ضحى" لبهاء طاهر، بعد التسجيل للماجستير، كنت أجرى المقابلات مع الأستاذ بهاء طاهر، فقال لي فى إحدى المكالمات، إن هناك من يبحث عنى ليتأكد مما إذا كنت أترجم الرواية، لأنه "أو لأنها، فالأستاذ بهاء لم يتذكر من كان هذا الشخص" يريد أن يترجمها، فخطر لي أنه ما دام هناك من يتوقع ذلك، فذلك يعنى أننى الأحق بترجمة الرواية ما دمت أول من فكر بدراستها، فقررت ترجمتها، ترجمت الفصل الأول منها وعرضته على دكتور ماهر شفيق فريد، فنصحني أن أستمر فى الترجمة، لأنى "بترجم كويس" على حد تعبيره، وتطوع مشكورًا بمراجعة الترجمة وكتابة المقدمة لها".

شارك الخبر على