السر في تطوير المناهج.. كيف يواجه الأزهر الفكر المتطرف؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

يعد تطوير المناهج أحد الأساليب التي يمكن من خلالها مواجهة الفكر المتطرف، خاصة أن كثيرا من المراقبين يرجعون التطرف الديني إلى عدم تنقية كتب التراث التي يدرسها طلاب الأزهر ويكفي أن نعلم أن أكثر من 2 مليون طالب وطالبة يدرسون بالتعليم الأزهري قبل الجامعي في أكثر من عشرة آلاف معهد ديني على مستوى الجمهورية، يهرب منهم سنويا عشرات الآلاف إلى التعليم العام، بينما يصل عدد الطلاب الدارسين بجامعة الأزهر قرابة نصف مليون طالب وطالبة فى أكثر من 80 كلية.

تاريخ التعليم الأزهري

يعد الجامع الأزهر، أقدم مآذن مصر الفاطمية، جامعا وجامعة فى ذات الوقت، فاهتم منذ نشأته بتدريس المذهب الشيعي، لعدد محدود من الطلاب، ثم تحول من تدريس المذهب الشيعى إلى السني، وكان الطالب يختار شيخه، واستمر الأزهر يدرس المذهب السني من خلال أروقته ولم يلحقه أى تطوير، حتى نشوب ثورة يوليو، فأصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قانون الأزهر1961، بهدف دمج التعليم الأزهري داخل التعليم العام، فأصبح التعليم الأزهري المتخصص يدرس فيه المواد المقررة على طالب التعليم العام، وأنشأ الكليات العلمية في جامعة الأزهر، وكان طلاب التعليم العام يستطيعون دخول كليات الأزهر والعكس، وخلال السنوات الماضية توسعت مشيخة الأزهر فى تدشين المعاهد الأزهرية حتى وصلت إلى أكثر من عشرة آلاف معهد، و81 كلية داخل أروقة الأزهر.

ضعف نسبة النجاح 

من الشواهد التى تبرهن على ضعف المنظومة التعليمية بالأزهر الشريف، ما أسفرت عنه نتائج الثانوية الأزهريه بقسميها، والتى بلغت نسبة النجاح فى 2015، 28% وصولا للعام قبل الماضى إلى 41%، وفى العام الماضى 57.2% ، لتسجل تلك النتائج حالة الضعف الشديدة والخلل فى المناهج والمنظومة التعليمية الأزهرية بشكل عام.

"البوكليت".. نظام موحد بين التعليم العام والأزهري

وفى أول تأكيدات الأزهر، تبنى ما تنتهجه وزارة التعليم من خطوات لتطوير المنظومة التعليمية، وعلى خطى وزارة التربية والتعليم قرر قطاع المعاهد الأزهرية بالأزهر الشريف تطبيق نظام البوكليت في امتحانات الثانوية الأزهرية بقسميها، فى العام الدراسي الماضى وذلك عقب تطبيقه بالتعليم العام، الأمر يستوجب أن تتبنى المنظومة التعليمية آليات جديدة لمواكبة سعى وزارة التعليم لتطوير المنظومة التعليمية.

خطوات تطوير مناهج الأزهر

 بادرت مشيخة الأزهر الشريف، وذلك منذ أن أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، القرار رقم 8 لسنة 2013، بتشكيل مجموعة من اللجان، لإصلاح وتطوير التعليم الأزهرى فى كل مراحله، وانتهت اللجان بحسب ما أعلن رسميا من قبل الأزهر، أن التطوير شمل حذف أبواب معينة فى مادة الفقه على المذاهب المختلفة فى بعض المسائل التى لا تتعلق بواقعنا المعاصر، كما تم ترحيل باب الجهاد من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية، فيما تم إقرار أبواب معينة في مادة الحديث الشريف، تتصل بالواقع، كما تم دمج بعض المواد مع بعضها كمواد الحديث والتفسير والتوحيد والسيرة، والتي كان لكل مادة منها كتاب مستقل، وقد تم دمجها في كتاب واحد وهو كتاب أصول الدين، كما تم إقرار تدريس مادة تعنى بالثقافة الإسلامية وضعها شيخ الأزهر، وتتضمن العديد من القضايا التى تتصل بواقعنا، مع تنمية روح الانتماء للوطن، والرد على كل الأفكار الهدامة ومعالجة القضايا المعاصرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة. كما تم التطوير في طريقة العرض والأسلوب.

اما فيما يتعلق بمناهج جامعة الأزهر، والتى تضم 80 كلية، فتعمل اللجنة على مراجعة وتقييم المناهج الدراسية كل ثلاث سنوات.

رفض مصطلح الأقباط بمناهج الأزهر

فجر الدكتور أبو زيد محمود، مسئول تطوير مناهج التربية الإسلامية للمرحلة الابتدائية بالأزهر السابق، عقب إقالته من منصبه، فى حوار سابق لـ"التحرير"، مفاجأة من العيار الثقيل، بشأن رفض الأزهر لذكر مصطلح الأقباط بمناهجه، واستبداله غير المسلمين به، مؤكدا أن القائمين على تطوير المناهج بالأزهر ذات فكر متشدد ولا تليق بالمهمة، وأن مناهج الأزهر الحالية فى المراحل ما قبل الجامعية، غير قادرة على تحصين وحماية الطلاب من غزو الأفكار المتطرفة.

فشل محاولات الدمج بين التعليم العام والأزهري

رفض قطاع عريض من علماء وأساتذة جامعة الأزهر، ما تردد خلال الأسابيع الماضية، عن دمج التعليم الأزهرى بالعام، واصفين الأمر بأنه يدمر الهوية الدينية ومسيرة الأزهر الشريف عبر آلاف السنين، مؤكدين أن الأزهر يعمل على خدمة الدين بنشر علومه فى جميع مراحل التعليم.

"هش وضعيف" ومتاح تطويره

وقال المفكر والأديب، صلاح فضل، إن انتشار التعليم الديني بقطاع المعاهد الأزهرية، بات خطرا واضحا يهدد المجتمع المصري، خاصة أن عدد المعاهد تجاوز العشرة آلاف معهد فى شتى محافظات الجمهورية، مطالبا بضرورة عودة التعليم الأزهري قبل قانون عبد الناصر، والاكتفاء بتدريس العلوم الشرعية واللغة، وعدم التوسع بإنشاء المعاهد.

وأوضح صلاح فضل لـ"التحرير"، أن التعليم الأزهرى هش وضعيف، وأن المؤسسة الدينية ورجال الدين، لن يقبلوا بأى محاولات تنال من تلك المنظومة، حفاظا على مصالحهم الشخصية، وبالتالى لا بد من وجود إرادة قوية تعمل على تطوير منظومة التعليم ليس بالأزهر فحسب، بل المنظومة كلها بشكل عام.

وتابع: إنه يتعين على التعليم أن يعزز مفهوم الدولة المدنية، والتأكيد على التعايش والمواطنة، ونشر ثقافة المجتمع، وهذه الأمور لا تتحقق مع التوسع فى التعليم الأزهرى، وأن تطوير التعليم الأزهرى متاح وذلك بتنبي حزمة من الإجراءات والقراءات، أولها عدم التوسع فى إنشاء المعاهد، وقصر جامعة الأزهر على تدريس العلوم الشرعية واللغة مثل الماضى.

ودافع الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، عن التعليم الأزهرى بالتأكيد على أن الأزهر يقود ثورة صامتة على المناهج منذ سنوات، وأحدث تغيرات جذرية فى المناهج، مع مراعاة البعد الشرعي ومستجدات الواقع ومتطلبات الحياة.

الأزهر يقود ثورة لتطوير المناهج

وفسر عبد الله النجار لـ"التحرير"، أن هناك مفاهيم خاطئة لدى البعض فى مسألة انتشار التعليم الأزهرى، مؤكدا أن الأزهر حمى البلاد من غزو الأفكار المتطرفة، وأن البلاد المجاورة مثل سوريا وليبيا واليمن انهارت لغياب المرجعية الدينية المعتدلة، وأن انتشار التعليم الأزهرى فى صالح المسيحيين قبل المسلمين، وذلك لأن مهمة التعليم الأزهرى هى التصدى لخطر الإرهاب، الذى بدوره لا يفرق بين مسلم ومسيحي، وأن عباءة التطرف تنتهك حقوق البشرية جميعا.

وحول مسألة عدم إفساح المجال أمام الطالب المسيحى لدخول جامعة الأزهر بالكليات العملية، علق النجار قائلا: إن حق التعليم مكفول للجميع بلا تفرقة، وإن حرية العقيدة والاعتقاد مقدمة على الحق فى التعليم، وبالتالى فإن الدراسة بالأزهر تقتضى من الطالب دراسة وحفظ القرآن الكريم، وبالتالى دخول الطالب المسيحي للتعليم الأزهرى، ستجعله يتأثر بمقاصد الشريعة فى وقت مبكر من العمر، الأمر الذى يتنافى مع حرية العقيدة، فالأزهر لا يمانع فى أن يحصل أقباط على دكتوراه فى الشريعة، وهناك نماذج لذلك، ولكن دراسته للشريعة جاءت له فى مرحلة عمرية تكفل له حرية العقيدة فلا يتأثر بما يدرسه.

وشدد على أن التعليم الأزهرى، يشهد تطورا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، وإن كان هناك بعض الأمور السلبية، شأنه شأن التعليم العام.

 

 

 

شارك الخبر على