«نوبل» تنحني للعاصفة وتؤجل الكشف عن الفائز بجائزة الأدب للعام المقبل

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

"الأكاديمية السويدية لن نمنح جائزة نوبل للأدب فى 2018" يبدو الخبر للوهلة الأولى لمن لم يتابع أخبار الأكاديمية فى الأشهر الأخيرة، صادما، لكن الصدمة ستخف قليلا حين نعرف أن "مؤسسة نوبل" قامت اليوم فقط بحسم جدل حاد وعنيف كاد يطيح بجانب كبير من سمعتها، فالفضائح المتوالية حول "مزاعم" سوء سلوك جنسى أدت لتعليق عدد من أعضاء مجلس الأكاديمية السويدية التى تمنح الجائزة لعضويتهم.

اقرأ أيضًا.. القصة الكاملة لجائزة نوبل.. مؤسسها وقيمتها وكيفية الترشح لها

الأكاديمية السويدية استخدمت كل فنون اللغة ليبدو إعلانها ذا "طابع أدبى"، إذ صرحت فى بيان أنها "تعتزم اتخاذ القرار وإصدار الإعلان حول جائزة نوبل للآداب للعام 2018 فى الوقت نفسه عند إعلان الفائز بها عن العام 2019"، هكذا يفهم أن جائزة هذا العام تم تأجيل الإعلان عنها للعام المقبل، كى تحاول الأكاديمية "غسل" ما يجب عليها "غسله".

الذين تابعوا "الفضيحة" منذ انطلفت، ثم عرفوا بالتقارير الصحفية التى توقعت ورجحت احتمالية إلغاء حفل تسليم جائزة نوبل للآداب هذا العام، بسبب الفضيحة الجنسية التى تعرض لها زوج إحدى عضوات "الأكاديمية السويدية" المانحة لجائزة نوبل، يبدو لهم القرار نتيجة طبيعية لمسار بدأ حادا منذ نوفمبر الماضي، حين تتابع إعلان 18 سيدة بـ"ادعاءات تحرش جنسي" ضد المصور الفرنسي جان كلود أرنو، زوج عضوة الأكاديمية السابقة كاتارينا فروستنسون، مدفوعات بحملة "أنا أيضًا" التى بدأتها ممثلات أمريكيات، ولكن التصويت على اقتراح بإلغاء عضوية زوجته، الشاعرة والكاتبة كاترينا فروستينسون، من لجنتها، المكونة من 18 عضوًا، جاء لصالحها، وهنا بدأت الأصوات المعترضة داخل اللجنة تتعالى لتصفق كل الأبواب والنوافذ جراء العاصفة التى استمرت فى التصاعد (للتفاصيل اضغط هـــنا)

وبينما لا يجوز، من الناحية القانونية، استقالة الأعضاء من الأكاديمية، لأن مدة العضوية فيها مدى الحياة، لكنهم يستطيعون وقف مشاركتهم في أنشطة الأكاديمية، وقد أعلن العاهل السويدي، الملك كارل السادس عشر غوستاف، إنه سيغير تلك القواعد بشكل يسمح للأعضاء بالانسحاب من عضوية الأكاديمية رسميًا.

ربما أملت الأكاديمية أن تخفت أنوار المتابعة، والصيحات المنددة منذ أن كشفت حركة "أنا أيضا" عن شهادات لـ18 إمرأة كان من بينهن عضوات وزوجات وبنات أعضاء، بالأكاديمية، لكن خيبة الأمل كانت كبيرة، وربما شكلت الأخبار الواردة من خارج السويد سوطا قاسيا يلهب أفكار أعضاء الأكاديمية، إذ توالت أخبار المحاكمات التى خضعت لها شخصيات فنية وسياسية واقتصادية لامعة نالت أحكاما قاسية فى قضايا مشابهة فى أمريكا وأوروبا وآسيا.

هكذا زاد طوفان الأخبار الواردة عبر المحيطات من وطأة الفضائح الجنسية التى ترافقت مع مزاعم عن فضائح مالية ما أدى إلى تنحّى 6 أعضاء من الأكاديمية، بمن فيهم رئيستها سارا دانيوس، مما شكل ضربة هائلة القوة والقسوة، تصل إلى حدود كارثية، تتجاوز مبنى الأكاديمية -التى توصف بأنها واحدة من أعرق الأكاديميات فى العالم وأكثرها تأثيرًا- لتصل إلى القصر الملكى؛ إذ إن التقاليد تقضى بأن يتم انتخاب أعضاء الأكاديمية عبر الاقتراع السري بين مرشحين عدة ترشحهم جامعات ومؤسسات وشخصيات عامة وفائزون بالجائزة، ثم تذهب نتيجة الاقتراع السرى إلى القصر ليوافق عليها الملك شخصيا، ويصدر أمره الملكى بتسمية الأعضاء الجدد؛ الذين يتمتعون بتلك العضوية مدى الحياة، من بين هؤلاء الأعضاء يتم اختيار أعضاء اللجان المختلفة التى تمنح جوائز مؤسسة نوبل، وإذ يبدو من الظاهر أن هناك فصلا بين المؤسسة والأكاديمية إلا أن الواقع الذى يقر به الجميع أن ذلك ليس صحيحًا.

وهكذا أشار بيان تأجيل منح جائزة هذا العام للعام المقبل، إلى أن "الأزمة أثرت في الأكاديمية السويدية سلبا على جائزة نوبل.. وأن القرار المتخذ من قبل الأكاديمية يؤكد خطورة الوضع، وسيساعد على حماية سمعة جائزة نوبل على المدى الطويل"، ثم جاء الحسم ومحاولة حصار "الكارثة" بالتأكيد على أن "لا شيء من هذا يؤثر على منح جوائز نوبل لعام 2018 في فئات أخرى من الجوائز"، ثم جاءت محاولة التجاوز والنظر إلى الأمام بالتأكيد على أن "تفترض مؤسسة نوبل أن الأكاديمية السويدية ستضع الآن كل جهودها في مهمة استعادة مصداقيتها كمؤسسة تمنح الجائزة"، وأن الأكاديمية ستُبلغ عن الإجراءات الملموسة التي يتم اتخاذها.

وبينما تحاول الأكاديمية السويدية حصر نتائج "الكارثة" التى حلت بها، نتيجة الطريقة غير الحاسمة التي تعاملت بها فى البداية مع أخبار "الفضيحة الجنسية"، راح الكثيرون يبحثون عن أمثلة أخرى عن "فضائح" -مغايرة ربما- رافقت تاريخ الأكاديمية الطويل الذي يرجع إلى عام 1786، مع التركيز بالتأكيد على جائزة نوبل التى بدأ منحها لأول مرة في عام 1901.

وأكثر التفسيرات رجحانا فى تفسير قرار الأكاديمية بتأجيل الإعلان عن الفاز بجائزة نوبل للآداب عن عام 2018 إلى العام المقبل ليتم الإعلان عن أسمى الفائزين معا؛ أن الأكاديمية زادت توقعاتها بأنه سيصعب أن يقبل أحد الجائزة هذا العام، وأنه لا بد من مرور وقت حتى تنجح خطة استعادة ثقة الرأي العام فى محو بعض آثار ما حدث، وهو يبدو هائلا للغاية، إذ ما ضم إلى ما قامت به المؤسسة قبل عامين بمنح جائزتها فى الآداب للمغني بوب ديلان، ما أثار الكثير من النقد الحاد وقتها.

وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية قد توقعت تأجيل جائزة نوبل هذا العام قبل أيام من إعلان الأكاديمية لموقفها.. اعرف التفاصيل من هنا.

شارك الخبر على