فخر عمان باحث عماني ينتج الوقود الحيوي من النفايات الزراعية

أكثر من ٧ سنوات فى الشبيبة

مسقط - تهاني الشكيليةماذا لو نفد الذهب الأسود؟ سؤال لطالما حير مجموعة من الباحثين على مستوى العالم. الباحث مهاب بن علي بن طالب الهنائي الذي يعمل حاليًا كأستاذ مساعد في قسم الأحياء بجامعة السلطان قابوس جعل الإجابة عن هذا السؤال ممكنة من خلال أبحاثه التي تتركز على إنتاج الوقود الحيوي من النفايات الزراعية والكائنات الحية الدقيقة المستخلصة من البيئة العمانية، حيث حصل على براءة اختراع في بحثه العلمي حول البكتيريا التي تساهم في إنتاج الوقود الحيوي في العام 2014م.عن بدايات عشقه لعالم الأحياء يقول: بداياتي في عالم الأحياء تعود لفترة مبكرة من حياتي وعادة ما يكون هناك فرد في حياتك يدفعك إلى حب مادة أو مجال أكثر من آخر وهذا ما حصل معي، حيث إن معلمة مادة الأحياء كانت تحفزنا لمراجعة مادتها والقراءة أكثر في هذا المجال، عن طريق هدايا بسيطة تقدمها لنا ككعكة الشوكولاتة المنزلية أو حلوى تصنعها بنفسها للطالب الأكثر ذكاء وتفوقًا. وكان التحاقي بجامعة السلطان قابوس -كلية الزراعة والعلوم البحرية أول خطواتي ومن بعدها انتقلت إلى كلية العلوم عندما وجدت ضالتي في مجال التقنية الحيوية، وهكذا انجرفت في حب هذا المجال.وعند سؤالنا له ما إذا أضافت له الغربة شيئًا في مجال البحث العلمي يجيب: دراستي الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية امتدت من 2004م وحتى 2013م حصلت خلالها على شهادة الماجستير ثم شهادة الدكتوراه. خلال هذه الفترة كثيرًا ما عدت إلى الوطن بسبب إحساسي بالغربة والشوق للأهل والأصحاب.ويضيف: لا يخفى على أي أحد أن السفر له فوائد كثيرة ومن أهمها الاعتماد على النفس وتوسيع مدارك الإنسان والاطلاع على أساليب بحث وتعلم جديدة، وهذا ما وجدته أثناء سفري بأن أساليب البحث والإطلاع عند الغرب متقدمة ومتطورة ونهلت منهم الكثير. ومع هذا الإحساس بالغربة يكبر الشعور بالمسؤولية نحو وطني مما يدفعني للاجتهاد والمثابرة في إنهاء دراستي للعودة إلى السلطنة بأسرع وقت لنقل معارفي وخبراتي إلى أبناء السلطنة والمساهمة في بناء الوطن والنهوض به إلى مصافّ الدول المتقدمة.وعن أبرز الصعوبات التي واجهته في مجاله يقول: أهم صعوبات العمل في مجال البحث العلمي هو صعوبة الفشل والوقوع في الخطأ وتكرار حدوثه حتى نصل إلى نتيجة مرضية. وفي مجال التقنية الحيوية، فإننا نتعامل مع كائنات حية دقيقة مما يجعل الأمر أكثر صعوبة حيث إن الكائن الحي ومخلوقات الله بشكل عام لا يدركها العقل البشري كاملًا وبالتالي فإن معظم توقعاتنا تتغير وتتجدد مع كل تجربة واختبار نقوم به. وأيضًا مع كل اختراع فإن الهدف الأساسي له هو أن يعود علينا بمنفعة مادية، لهذا فإن من أهم التحديات هو إيجاد طريقة ليكون هذا الاختراع مجديًا اقتصاديًا وإلا فلا فائدة مرجوَّة منه غير العلم.ويحكي لنا الهنائي تجارب الفشل التي مر بها قائلًا: واجهت الكثير من التجارب، أصعبها بعد مرور ثلاث سنوات من تجارب ناجحة مرت فترة عصيبة من فشل للتجارب التي أقوم بها ما كان سيؤدي إلى تأخر واحتمالية تغيير كامل للجدول الدراسي ومنهجية البحث المتعلق بي. هذه الفترة كنت في حالة نفسية محبطة ولكن بمساندة أهلي والمرشد الأكاديمي الذين أكدوا لي بأن لكل حصان كبوة وأنه يجب ألا أتوقف عن المحاولة بل أسعى وبقوة في تكملة بحوثي وتجاربي وأن أخرج عن الإطار العام في تفكيري أي أن أفكر خارج الصندوق لأستطيع أن أخرج من هذه الأزمة وبتوفيق من الله استطعت اجتيازها.وعن دوره في تحفيز الطلاب وتوجيههم للبحث العلمي والاختراع يقول: الطالب العماني شغوف جدًا للعلم والبحث وهذا ما لمسته من طلابي وأنا أسعى دائمًا لمساندهم في تطوير مهاراتهم البحثية ومهارات البحث والتحليل والاستنتاج، فدائمًا أعتمد الأسلوب العملي والتحليلي في توصيل الفكرة لهم وفي تعليمهم وأحاول الابتعاد قدر الإمكان عن الأسلوب النظري فقط.أشار الهنائي إلى أنه حاليًا يعمل على أبحاث تطوير الوقود الحيوي من النفايات الزراعية والمخلوقات الحية الدقيقة المستخلصة من البيئة العمانية، وقال: “قمنا بنشر عدة أوراق بحثية في هذا المجال في دوريات علمية مرموقة على مستوى العالم”.وبيَّن أنه للحصول على براءة اختراع يجب أن تكون هناك بيئة تشجع الباحث على البحث والاختراع فيجب أن يكون هناك دعم مالي ومعنوي للبحث والاختراع ودعم اختراعات الشباب. ولا يخفى على أحد أهمية تكوين عقلية الباحث منذ نعومة أظافره في المدرسة والمنزل، والارتقاء بطرق التدريس لتساند تكوين الباحث وتحفز على ميلاد جيل متعطش للبحث والاختراع.ويوضح لنا فكرة إنتاجه للوقود الحيوي بواسطة البكتيريا قائلًا: الفكرة هي تطوير بكتيريا من فصيلة (Clostridium acetobutylicum) وهي الأسرع في مجموعتها في إنتاج المواد العضوية المستخدمة كوقود حيوي، والذي يعتبر مصدر الطاقة البديلة للنفط في المستقبل القريب، وأهميتها تتمثل في أن هذه البكتيريا تقوم بإنتاج الوقود الحيوي من النباتات التي تحتوي على ألياف وليست من مكونات المواد الغذائية الأساسية للإنسان كالذرة والقمح وقصب السكر.وعن أهمية بحوثه العلمية في تنويع مصادر الطاقة في المستقبل القريب يقول: الوقود الحيوي هو وقود متجدد ولا ينضب ومن أهم أولويات السلطنة أن تنوِّع مصادر الدخل وتبتعد كليًا عن الاعتماد على النفط فقط، ونأمل أن نجد الدعم الكافي لنستمر في هذه البحوث وأن نكون السباقين إلى تطبيقها على أرض الواقع في المستقبل القريب.وأوضح الهنائي أن حكومة السلطنة ومنذ عقود طويلة تدرك أهمية استخدام الطاقة البديلة والاستغناء عن النفط الأحفوري، والسلطنة قد بدأت فعلًا باستخدام بعض أنواع الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية حيث إن بعض أعمدة الإنارة في شوارع السلطنة تعتمد على الطاقة الشمسية ولا يخفى بأن السلطنة أصدرت قرارًا بالسماح للمنازل بتركيب ألواح شمسية لإنتاج الطاقة. والجهات المسؤولة مدركة لأهمية البحث في الوقود الحيوي وهو أحد أنواع الطاقة البديلة لذلك فهي تدعمنا وبقوة لاستكمال هذه البحوث. وعن أبرز تطلعاته يقول: أتطلع إلى إنشاء مركز لأبحاث الطاقة المتجددة بكافة أنواعها المختلفة، وأن تكون السلطنة من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث إنه لا تنقصنا أية عوامل لنكون من السباقين في هذا المجال.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على