اشتروا الأسلحة الأمريكية

حوالي ٦ سنوات فى الشبيبة

واشنطن - رويترزخلال مكالمة هاتفية مع زعيم خليجي في شهر يناير الفائت حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العاهل الخليجي على التحرك لتنفيذ صفقة تعطلت لأكثر من عام تشتري فيها بلاده مقاتلات أمريكية قيمتها عشرة بلايين دولار.وقال عدة أشخاص مطلعين على سير الصفقة إن تصـــرف ترامب كان نابعاً من الحرص على مصـــالح شـــركة بوينج، ثانية أكبر شركات العتاد الدفاعي الأمريكية والتي أصابها الشعور بخيبة الأمل لتعثر هذه الصفقة التي تأجلت طويلا وتعد محورية لمواصلة نشاط شعبة الطائرات الحربية.وبهذا التدخل من جانب البيت الأبيض والذي لم تنشر تفاصيله من قبل خطا ترامب خطوة غير معتادة من جانب رئيس أمريكي لإبرام صفقة أسلحة كبرى.ويقول محللون إن ترامب ذهب في مكالماته الهاتفية ولقاءاته العلنية مع قادة دول العالم إلى مدى أبعد من أي رئيس أمريكي سابق بارتداء عباءة مندوب المبيعات لصناعة السلاح الأمريكية.ويقول المســــؤولون الأمريكيون إن الدور الشخصي الذي يلعبه ترامب يؤكد عزمه على زيادة صادرات الأسلحة التي تحتل بها الولايات المتحدة حالياً بالفعل مكانة مهيمنة في تجارة السلاح العالمية وذلك رغم المخاوف التي يبديها المدافعون عن قضايا حقوق الإنسان والحد من انتشار السلاح.وستعزز الحكومة الأمريكية هذه الجهود بكل ثقلها عندما تطرح إدارة ترامب هذا الأسبوع مبادرة جديدة تحت شـــعار «اشتر الأمريكي» بهدف السماح للمزيد من الدول بشـــراء أسلحــــة أكثـــر وأكبر من ذي قبل.وقال المسؤولون إن هذه المبادرة ستخفف قواعد تصدير عتاد يتراوح من الطائرات المقاتلة والطائرات بلا طيار إلى السفن الحربية وقطع المدفعية.وعلمت رويترز أن المبادرة، التي قالت مصادر بصناعة العتاد الدفاعي إنها ستعلن اليوم الخميس، ستطرح خطوطا إرشادية يمكن أن تسمح لعدد أكبر من الدول بالحصول على موافقات أسرع على الصفقات وربما تقلل فترة استكمال الصفقات إلى شهور بدلا من سنوات كما كان يحدث في كثير من الأحيان.وقال مسؤولون مطلعون على الأمر إن الاستراتيجية الجديدة ستدعو أعضاء حكومة ترامب إلى القيام في بعض الأحيان بدور الوسطاء للمساعدة في إتمام صفقات السلاح الكبرى.كما سيتم إيفاد المزيد من كبار المسؤولين في الحكومة إلى الخارج للترويج للسلاح الأمريكي في معارض الطيران وأسواق السلاح العالمية.وارتفعت أسهم شـــركات العــتاد الدفاعي الأمريكية الكبرى عقب نشر التقرير وبلغ سهم شركة ريثيون أعلى مستوى له على الإطلاق.ويحذر المدافعون عن حقوق الإنسان ودعاة الحد من التسلح من أن انتشار مجموعة أكبر من الأسلحة المتطورة في أيدي مزيد من الحكومات الأجنبية قد يعمل على زيادة خطر انتقال الأسلحة إلى الأيدي الخطأ ويغذي العنف في مناطق مثل الشرق الأوسط وجنوب آسيا.وتشدد إدارة ترامب على أن الغايات الرئيسية لهذه الاستراتيجية هي مساعدة شركات العتاد الدفاعي الأمريكية على التنافس بشكل أفضل في مواجهة الشركات الروسية والصينية التي تتزايد جرأتها في التسويق وكذلك منح الشركات الأمريكية دعماً أكبر من ذي قبل لتحقيق فوائد اقتصادية من مبيعات السلاح بإتاحة المزيد من فرص العمل داخل البلاد.وقال أحــــد مساعـــدي ترامـــب، مشترطا الحفاظ على سرية هويته: إن المبادرة الجديدة تهدف أيضا للتخفيف من القيود المتعلقة بحقوق الإنسان التي أدت في بعض الأحيان إلى رفض صفقات سلاح بعينها.ورداً على طلب للتعليق في هذا التقرير قال مسؤول بالبيت الأبيض: «هذه الســياســة ترمي لتعبئة كل موارد الحكومة الأمريكية وراء عمليات نقل السلاح التي هي في صالح الأمن القومي والاقتصادي الأمريكي».وأحد المهندسين الرئيسيين وراء السياسة الجديدة هو الاقتصادي بيتر نافارو وهو أحد المتشككين في السياسة التجارية الصينية وقد صعد نجمه في دائرة المقربين من ترامب.«الحكومة كلها»يجري إعداد هذه المبادرة منذ شهور وسبق أن نشرت تقارير عن بعض مقوماتها المتوقعة.غير أنه مع قرب خروجها إلى حيز التنفيذ زود أكثر من عشرة مصادر في صناعة السلاح ومسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون رويترز بأكمل صورة حتى الآن لما ستكون عليه سياسة ترامب رغم أنهم قالوا إن من الممكن أن تحدث تغييرات أخرى في اللحظات الأخيرة.وقال المسؤولون الأمريكيون إن هذه السياسة ستدعو إلى نهج تشارك فيه «الحكومة كلها» من الرئيس إلى الوزراء وحتى الملحقين العسكريين والدبلوماسيين للمساعدة في الترويج لصفقات سلاح جديدة ببلايين الدولارات في الخارج.وأضافوا إن الاستراتيجية الجديدة ستدعو أيضاً إلى الحد من الإجراءات البيروقراطية لضمان صدور الموافقات على نحو أسرع على مجموعة أوسع من العتاد العسكري للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والسعودية ودول خليجية أخرى بالإضافة إلى الدول الموقعة على معاهدات مع الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.كما يريد معاونو ترامب أن يشارك عدد أكبر من كبار المسؤولين في معارض السلاح العـــالمية الكبرى بما في ذلك وزراء مثل وزير الدفاع جيم ماتيـــس ووزير التجارة ويلبور روس للترويج للسلاح الأمريكي الصنع مثلما تفعل دول أخرى مثل فرنســـا وإســـرائيل للترويج لما تنتجه شركاتها.وقال مسؤول أمريكي: «إذا ذهبت إلى معرض باريس للطيران تجد وزير الخارجية الفرنسي واقفاً أمام جناح ايرباص. الآخرون يتفوقون علينا ولذا يتعين علينا أن نغير ثقافتنا».وقال المسؤولون إن من المتوقع أن يعتمد ترامب وثيقة منفصلة، بخلاف مبادرة تصدير السلاح، لتخفيف قيود تصدير الطائرات الحربية بلا طيار التي أصبحت تتصدر قوائم مشتريات السلاح لدى الحكومات الأجنبية.وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية إن المبيعات العسكرية الأمريكية في الخارج بلغت قيمتها الإجمالية 42 بليون دولار في العام الفائت. ويقول خبراء إن الصادرات من روسيا أكبر منافسي الولايات المتحدة تبلغ في العادة نصف الصادرات الأمريكية.وقالت رابطة صناعات الطيران والفضاء الأمريكية إنها مارســـت ضغوطاً على ترامب خلال حملة الدعاية لانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016 مشددة على ضرورة «دعم الصناعات التحويلية الأمريكية» وتشجيع الحلفاء على تولي قدر أكبر من المســـؤولية عن أمنـهم.رئيس مندوبي المبيعاترغم أن العديد من الرؤساء ساعد في الترويج لصناعة العتاد الدفاعي الأمريكي فلم يعرف عن أحد منهم أنه فعل ذلك بلا خجل أو مواربة مثل ترامب قطب صناعة العقارات السابق الذي يبدو وهو يروج للبضائع الأمريكية على سجيته أكثر من أي وقت آخر. وتوضح بيانات البيت الأبيض أن ترامب يناقش بانتظام تفاصيل صفقات السلاح مع قادة دول أخرى سواء في اجتماعات مباشرة أو عبر الهاتف.وخلال رحلة إلى اليابان في نوفمبر الفائت حث ترامـــب رئيـــس الوزراء شينزو آبي علانية على شراء المزيد من الأسلحـــة الأمريكية.وفي مناسبة أقرب خلال لقاء في المكتب البيضاوي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر الفائت رفع ترامب لافتات عليها صور لطائرات وسفن وطائرات هليكوبتر أمريكية وغيرها من العتاد الحربي الذي باعته الولايات المتحدة للسعودية.تحليل صفقة في عهد ترامبتبين الكيفية التي وجدت بها صفقة بوينج مع الدولة الخليجية طريقها إلى جدول أعمال مكالمة ترامب مع العاهل الخليجي في 17 يناير مدى الجدية التي تأخــذ بها الإدارة الأمريكية حملـــة تصـــدير الســلاح.فقد صدرت موافقة وزارة الخارجية في نوفمبر 2016، أي في الشهور الأخيرة من عهد إدارة أوباما، على شراء الدولة الخليجية 40 طائرة مقاتلة هجومية سوبر هورنيت من طراز إف/‏ايه-18.غير أن مسؤولين أمريكيين ومصادر بالصناعة قالوا إن شواهد أشارت إلى أن الدولة الخليجية تماطل في المفاوضات، ولم تستكمل إجراءات الصفقة بحلول موعد زيارة العاهل الخليجي للبيت الأبيض في سبتمبر الفائت.وقال ترامب للصحفيين في ذلك الوقت أنه تدخل بناء على طلب من العاهل الخليجي وحصل على موافقة وزارة الخارجية على الصفقة، وهو قول زائف لأن موافقة الوزارة صدرت بالفعل قبل ذلك بما يقرب من العام.وقال مسؤولان من المطلعين على التطورات إن بوينج وجهت بعد ذلك بشهور طلبا لتدخل رئاسي لدى الدولة الخليجية إلى معاوني مجلس الأمن القومي الذين أدرجوا المسألة ضمن «نقاط الحديث» خلال المكالمــة التي جرت وقائعــها بين ترامــب والعـــاهل الخليجي في يناير.وفي تلك المرة استطاع ترامب ترجيح الكفة. فبعد أيام فقط ذكرت وسائل إعلام رسمية خليجية أن الصفقة أبرمت.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على