لماذا خفضت الحكومة مساحة الأرز.. ولم تقترب من زراعة الموز؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

أدى شح المياه والفقر المائى إلى اتخاذ الحكومة قرارا بتقليص مساحة زراعة الأرز من مليون و76 ألف فدان العام الماضى، إلى 730 ألف فدان خلال العام الجارى.

وبذلك سيكون إجمالى الإنتاج المتوقع 1.7 مليون طن أرز أبيض، بينما تصل احتياجات الاستهلاك المحلى من الأرز إلى 3.3 مليون طن، بعجز يصل إلى 1.5 مليون طن، ويصل المقنن المائى لهذه الأصناف إلى 5200 متر مكعب من المياه توفر 2300 متر مكعب من المياه لكل فدان، بإجمالى كميات تصل إلى 610 ملايين متر مكعب من المياه المتوفرة بسبب تعميم زراعة الأصناف الجديدة من الأرز.

ومن أبزر الدوافع الحكومية نحو تقليص مساحة الأرز، هو العجز فى حصة مصر من نهر النيل، والمقدرة بـ55 مليار متر مكعب من المياه سنويا، ويبلغ نصيب الفرد 600 متر مكعب سنويا، وهو تحت خط الفقر المائى، والذى يحدد نصيب الفرد فيه بـ1000 متر مكعب.

وتتربع محاصيل زراعية وبستانية على قائمة الأكثر استهلاكا للمياه بمصر، وفقًا للطرق التقليدية المتبعة فى وسائل الرى القديم فى الوادى والدلتا ويعتبر الأرز والموز والبرسيم من أهمها.

 الأرز يستهلك 14 مليار متر مكعب

وتستهلك الزراعة نحو 82% من مياه مصر بنحو 36 مليار متر مكعب، فى حين يستهلك محصول الأرز وحده 14 مليار متر مكعب تمثل 25% من حصة مصر من المياه، وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنويا، بينما يصل استهلاكها إلى 80 مليار متر مكعب، طبقا لبيانات وزارة الرى.

ويكفى أن نشير إلى أن استهلاك فدان الأرز نحو 7 آلاف متر مكعب من المياه على الرغم من أنه لا يستمر إلا نصف عام فقط فى الأرض والموز يستهلك بين 10 و12 ألف متر مكعب فى العام والبرسيم، والقصب 10 آلاف متر مكعب للفدان والبرسيم الحجازى 8 آلاف متر مكعب تقريبا وفقا لآراء خبراء، وبدرجات أقل هناك محاصيل أخرى أقل فى الشراهة.

بدروها، اتجهت وزارة الزراعة لعمل حملة ترشيد المياه، حيث أصدر الدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، القرار الوزارى رقم 79 لسنة 2018، منتصف يناير الماضى والذى يحدد 53 صنفا من تقاوى أصناف بعض المحاصيل الاستراتيجية الموفرة للمياه والتى تتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية المتباينة، بحيث يتم التركيز على إكثارها خلال الفترة المقبلة.

ويشمل القرار 7 أصناف من محصول الأرز، و11 صنفا من محصول الذرة البيضاء، و12 صنفا من محصول الذرة الصفراء، و15 صنفا من محصول القمح، و8 أصناف من محصول الفول البلدى.

حبس 6 أشهر وغرامة 20 ألف جنيه

الحكومة لم تقف عاجزة أمام الزراعات الشرهة لاستهلاك المياه، رغم حملة وزارة الزراعة، وتسلحت بقانون ساقه البرلمان، خلال جلسته العامة الأسبوع الماضى، بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة 53 لسنة 1966، المقدم من الحكومة، بعد أن تم استحداث مادة تقضى بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة مالية لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على 20 ألفا على من خالف قرار الوزير.

وتضمن مشروع القانون استبدال نصوص المواد الثلاثة أرقام "1، 3، 101" من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 بما تضمنه مشروع القانون الجديد.

وكان أول بنود هذا القانون، هو اتخاذ القرار، سالف الذكر بتقليص زراعة الأرز، فهل تشهد الأيام القليلة المقبلة قرارات على نفس الشاكلة، تحد من زراعة عدد من المحاصيل الأخرى؟ وليكن الموز على سبيل المثال لا الحصر، وذلك كون الأخير ليس من السلع الاستراتيجية مثل الأرز، والذى لا غنى عنه بكل بيت مصرى مثله مثل القمح، بينما الموز هو فاكهة استوائية اختيارية، ليست استراتيجية، فلماذا اختارات الحكومة الأرز فى أول قراراتها ولم تقترب من الموز؟

 قال عبدالحميد دمرداش، عضو مجلس النواب، ورئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إن تعديلات قانون الزراعة استغرقت وقتا طويلا لصدورها للنور، معتبرا أن تخفيض مساحات زراعة بعض المحاصيل الشرهة للمياه كان من أهم نقاط التعديل، وتخفيض مساحة زراعة الموز من مليون و100 ألف فدان إلى 700 فدان، سيوفر 5 مليارات متر مكعب من المياه.

وأكبر دليل على شراهة المياه التى يستهكلها الموز للنضج، لن تقل عن 6 إلى 7 أشهر لإنتاج ثمار الموز النموذجية فى ظل ظروف مثالية، ولكن قد تستغرق فترة تصل إلى سنة اعتمادا على المناخ، لأن نباتات الموز تنمو بشكل أفضل إذا تعرضت لضوء الشمس الساطع لمدة 12 ساعة كل يوم. 

وفى السياق ذاته، طالب الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، بمنع صرف الأسمدة المدعمة لزراعات الموز، وإجراء تعديلات للتشريعات الزراعية بهدف الحفاظ على الموارد المائية، وتحديد أنسب التراكيب المحصولية التى تحقق الأمن الغذائى المصرى.

صرف 12 شيكارة مدعمة لفدان الموز.. مقابل 3 شكائر للمحاصيل الاستراتيجية 

وتساءل: "كيف يتم صرف 12 شيكارة أسمدة مدعمة لكل فدان من زراعات الموز، مقابل صرف 3 شكائر أسمدة لزراعة أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية لمصر، وهو القمح؟".

وأوضح خليفة لـ"التحرير": لن نتعرض لمجاعة إذا لم نأكل الموز، بينما نجوع حقًا حينما لا نجد رغيف الخبز فهو الأهم لأنه يشكل حياة المصريين، كما أن تصنيف أهمية المحاصيل يعتمد على أن هناك محاصيل زراعية مهمة وأخرى أكثر أهمية، وثالثة أقل أهمية وفق المعطيات المتاحة من مساحة الأرض الزراعية وكميات المياه».

زارعو الموز يحصدون آلاف الجنيهات

وأشار نقيب الزراعيين إلى أن التعديلات التشريعية تستهدف إجراء معادلة حسابية وتحصيل مبالغ مالية عن المياه المستخدمة فى زراعة الموز، وأن زارعى الموز يحصدون آلاف الجنيهات، بينما لا يحصد الفلاح سوى القليل من عائد زراعة القمح، الذى يحقق الأمن الغذائى للمصريين، لافتا إلى أن دور المهندس الزراعى المشاركة فى تطوير رؤية العمل الزراعية بالشراكة مع الدولة، لضمان نجاح خطة تحقيق التنمية المستدامة.

الموز من المحاصيل التى أثارت جدلا واسعا فى الآونة الأخيرة، حسب ما أفاد به خليفة، كونه أكثر المحاصيل شراهة فى استخدام المياه، ويستهلك الفدان 18 ألف متر مكعب فى الأراضى القديمة التى تروى غمرا، و6 آلاف متر مكعب فى الأراضى الجديدة التى تروى بنظام التنقيط، مضيفا أن مساحة الأراضى المزروعة بالموز فى مصر 84 ألف فدان، ما يستوجب وضع رؤية علمية لتجاوز أزمة ارتفاع مساحة الموز التى تؤثر بالسلب على محاصيل أكثر أهمية كالقمح والذرة والفول والموالح والخضراوات.

وطالب نقيب الزراعيين بوضع خارطة طريق لحل أزمة ملف زراعة الموز، اعتمادا على الحقائق التى تدفعنا لوضع حلول عملية تتلخص فى حصر مساحات الموز بشكل دقيق فى الأراضى القديمة والجديدة، وحظر استخدام الرى بالغمر، لزراعات الموز فى كافة الأراضى، ووضع عقوبات للمخالفات المتعلقة بزراعة الموز فى مصر.

 

 

 

 

 

 

 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على