كارثة الطائرة الزامبية تحرم الرصاصات النحاسية من كتابة التاريخ في عام ١٩٩٣

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

حاولت كرة القدم في زامبيا كثيرًا تدشين هوية لها على صعيد القارة الإفريقية والعالمية، وبالفعل بدأت بخطوات ثابتة الوصول إلى القمة في أواخر ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، وكانت البداية الحقيقية في أولمبياد سيول الصيفية عام 1988.

وهناك تمكنت الرصاصات النحاسية من تصدر مجموعتها واكتسحت إيطاليا برباعية نظيفة سجل خلالها أسطورة المنتخب كالوشا بواليا الهاتريك قبل التوديع مع ربع النهائي، وفي نفس العام تمكن بواليا من التفوق على لاعبين من عينة روجيه ميلا ورابح مادجر وجورج ويا ليصبح أول لاعب زامبي يتوج بجائزة أفضل لاعب في القارة الإفريقية.

وتمكنت زامبيا من احتلال الثالث في كأس الأمم الإفريقية عام 1990، وفي نفس العام وصل نادي نكانا إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا بمسماه القديم بطولة إفريقيا للأندية البطلة وبعدها بعام واحد نجح نادي باور ديناموز في التتويج بكأس الكؤوس الإفريقية.

وفي تلك المرحلة وصل الشغف بكرة القدم أوجه عند الشعب الزامبي، وكانت الثقة عالية في قدرة المنتخب أن يحقق الإنجاز الأكبر في التأهل إلى مونديال الولايات المتحدة 1994، وذلك بعدما تصدرت زامبيا مجموعتها في الدور الأول من التصفيات ونجحت في التأهل إلى المرحلة الأخيرة في مجموعة ضمت كلا من المغرب والسنغال.

وللوصول إلى المونديال كانت تحتاج زامبيا إلى تصدر المجموعة، وكانت بداية المشوار عبارة عن رحلة إلى داكار لمواجهة السنغال، وكان مدرب المنتخب جودفري شيتالو وجهازه المساعد واللاعبون في حالة نفسية عالية عند ركوبهم طائرة "DHC-5D Buffalo" في العاصمة لوساكا يوم 27 إبريل من عام 1993.

وكان شعور الفريق في الطائرة أنهم ذاهبون إلى إكمال مغامرتهم الرائعة والتأهل إلى المونديال للمرة الأولى في تاريخ زامبيا، ولم يكن أحد يعلم المصير المحتوم الذي كان بانتظارهم، فبعد أن توقفت الطائرة في العاصمة الجابونية ليبرفيل، حلقت باتجاه السنغال إلا أنها تحطمت في المحيط الأطلنطي ليلقي 30 شخصًا مصرعهم من بينهم 25 لاعبًا من المنتخب الزامبي.

"لا توجد كلمات تصف الكارثة، فالشعب لم يتوقف عن البكاء، فكان هنالك أمل وحماس كبير تبدد تمامًا بذلك الحادث"، كالوشا بواليا يستعيد ذكريات تلك المأساة، وذلك بعد أن أنقذ القدر حياته من الموت المؤكد بعدما قرر الانضمام إلى المنتخب في السنغال عبر طائرة خاصة لالتزامه ببعض المباريات مع فريقه أيندهوفين الهولندي.

وكان من المتوقع أن تنسحب زامبيا من التصفيات بعد هذا الحادث، إلا أن كالوشا بواليا كان له رأي آخر، حيث قرر بناء فريق جديد من لاعبين لا يتمتعون بالخبرة، وبعد 5 أسابيع من الكارثة تمكنت زامبيا من التغلب على أرضها على المغرب بنتيجة 2-1 في مباراة حضرها نحو 50 ألف متفرج في ملعب الاستقلال.

وعن تلك المباراة قال كالوشا: "كانت مباراة عاطفية للغاية، فأصدقاؤنا الذين فقدناهم سيطروا على فكرنا وقدمنا مستوى مميزا من أجلهم".

وبعدها تعادلت زامبيا خارج أرضها سلبيًا مع السنغال قبل أن تكتسحها على ميدانها برباعية نظيفة، وكانت زامبيا بحاجة إلى نقطة التعادل في الجولة الأخيرة على أرض المغرب للتأهل إلى نهائي كأس العالم في معجزة كروية، ونجحت في الصمود أمام أسود الأطلس لمدة ساعة كاملة قبل أن تخسر المباراة في نهاية المطاف بهدف نظيف.

وقبل انطلاق مونديال 1994 بشهرين، صنع كالوشا بواليا وزملاؤه الحدث مرة أخرى بالتأهل إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية في تونس قبل الخسارة أمام نيجيريا بجيلها التاريخي الذي ضم لاعبين من عين صنداي أوليسيه وجاي جاي أوكوشا وفينيدي جورج وإيمانويل أمونيكي ودانيل أموكاشي وفيكتور إيكبيبا وراشيدي ياكيني.

وعلى الرغم من تقدم زامبيا على نيجيريا في النتيجة بعد مرور 3 دقائق فقط في النهائي، فإن ثنائية أمونيكي منحت النسور الخضر اللقب، وكسبت زامبيا تعاطف العالم بنتائجها بعد تلك الكارثة المروعة.

وبعد أن مرت الكرة الزامبية بفترة فراغ، تمكن منتخب الرصاصات النحاسية من التتويج بكأس الأمم الإفريقية في العاصمة الجابونية ليبرفيل في عام 2012 في موقع حادث الطائرة، ليهدوا اللقب لأرواح الجيل التاريخي لزامبيا.

شارك الخبر على